الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

37/01/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- حكم ارتفاع العذر بعد انتهاء الوقت - أي حكم القضاء - مبحث الإجـــزاء.

استدراك يرتبط بالاشكال الثالث المتقدّم في مناقشتنا للشيخ العراقي(قده):- وهو أنّه رب قائل يقول:- إنّ ما أفاده(قده) مبني على مبناه في تفسير حقيقة الحكم ، ففي المقدّمات التي ذكرناها في بداية الدورة الأصوليّة - حيث أبدلنا ما ذكره صاحب الكفاية(قده) بأمور أخرى - قلنا في أحدها أنّه ما هي حقيقة الحكم وقلنا إنّ الشيخ النائيني(قده) ربما يظهر منه أنّ حقيقة الحكم هي عبارة الاعتبار وهذا هو المناسب ، بينما الشيخ العراقي(قده) يقول إنّ حقيقة الحكم هي إرادة وليست اعتبار ، فربّ قائلٍ يقول إنّ ما أفاده هنا في المقام من أنّ الذمة مشغولة بالملاك يرتبط بمبناه حيث إنّه يفسّر الوجوب بالارادة فيريد أن يقول إنّ الإرادة كانت موجودةً فيلزم تحصيل الفراغ اليقيني من الحكم الذي هو عبارة عن الإرادة ، فكلامه يكون تامّاً على مبناه.

وفيه:- إنّه حتى لو فسّرنا الحكم بالإرادة فهو(قده) قد اعترف أنّه بطروّ الاضطرار يزول الوجوب يعني تزول الإرادة ، فالمولى لا يمكن أن يريد من المكلف الصلاة الوضوئية مع فرض أنّه لا يتمكن منها ، فالارادة ليست موجودة ، فالوجوب قد زال بمعنى أنّ الارادة قد زالت ، ثم أخذ يتعامل مع الملاك الذي هو غير الحكم فإنّ الصفة التي تكون هي الوجوب هي الإرادة وقد اعترف بأنها زالت وأمّا المصلحة والمفسدة فليست هي الحكم ، فعلى هذا الأساس لا معنى للتعامل مع الملاك وهو ليس نفس الحكم حتى عند الشيخ العراقي(قده) فإنّ الحكم عنده هو الارادة وقد اعترف بأنها زالت بطروّ الاضطرار.

إذن هذه الشبهة لا مجال لها.

هذا مضافاً إلى أنّ ما ذكره لو تمّ فهو يتمّ فيما لو فرض أنّ المكلف لم يكن مضطراً في بداية الوقت ، أما إذا كان مضطراً من البداية فلا يوجد حكمٌ ولا شغل ذمّة بالملاك ، فلا توجد وظيفة اختيارية وحكم بالوظيفة الاختيارية حتى نقول هناك وجوبٌ وهناك ملاكٌ والوجوب قد زال فتبقى الذمّة نشكّ هل هي بَعدُ مشغولة بالملاك أو لا فإنّ هذا الكلام لا يأتي فإنّ الملاك لم تكن الذمة مشغولة به لفرض أنّه مضطر من البداية ، فكلامه لو تمّ فهو يتمّ في حالة ما إذا فرض أنّه كان مختاراً في البداية ثم طرأ عليه الاضطرار ثم بعد ذلك زال الاضطرار.

عود إلى صلب الموضوع:- وهو الإجزاء بلحاظ الحكم الظاهري:-

مقتضى القاعدة في الحكم الظاهري عدم الإجزاء ، والوجه في ذلك:- هو أنّه في مورد الحكم الظاهري يوجد حكمٌ واقعيّ ويكون الظاهريّ إلى جنبه ، فلأجل الجهل ثبت الحكم الظاهري ، والحكم الواقعي باقٍ فإنّ الجهل لا يزيل الحكم الواقعي وإلا كانت الأحكام الواقعية مختصّة بالعالم ولا تعمّ الجاهل ، فالحكم الواقعي ثابتٌ إذن ، ومادام ثابتاً فإجزاء الحكم الظاهري عنه يحتاج إلى دليل فإنّ إجزاء امتثال حكمٍ عن امتثال حكمٍ آخر يحتاج إلى دليل وإلا لكان امتثال الصوم مجزياً عن وجوب الصلاة.

وهذا بخلافه في الحكم الاضطراري ، فإنّ الحكم الاضطراري هو حكمٌ واقعيٌّ ولا يوجد في حالة الاضطرار حكمٌ آخر غير الحكم الاضطراري ، بل الثابت هو الحكم الاضطراري فقط ، فإذا امتثله المكلّف سوف يشك بعد امتثاله الحكم الاضطراري الواقعي هل يتولّد حكمٌ واقعيٌّ بالاعادة أو بالقضاء أو لا وذلك مجرى للبراءة.

نعم استدرك وأقول:- ربما يقال:- إنّه بناءً على مسلك السببيّة يكون إجزاء امتثال الحكم الظاهري عن الواقعي هو على طبق القاعدة بلا حاجة إلى دليلٍ خاص.