الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

36/06/11

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع:- قاعدة مرجعية العرف -  قواعد وفوائد.
ومن أمثلة ذلك:- الصلاة الاستيجارية، فأحياناً قد يدفع شخص مبلغاً من المال إلى آخر لأداء الصلاة فيأخذها منه فيصلي صلاةً واحد أو صلاتين ويأخذ نصف المال مثلاً ثم يؤجر شخصاً آخر بالباقي فهل يجوز ذلك ؟ الوارد في رسائل الفقهاء جواز ذلك.
ولكن يمكن الإشكال في ذلك من ناحيتين:-
الأولى:- إنّ الشخص الدافع للمال لا يبعد أنّ مقصوده هو أنّ هذا المال يأخذه من يصلّي لا أنه يصلي صلاتين مثلاً ويأخذ نصف المبلغ مثلاً ثم يستأجر آخر بالباقي، فلو كنت أنت الدافع للمال عن والدك مثلاً فهل ترضى بذلك ؟ فإذا قلنا إنّ هناك شرط ضمني عرفيّ لا يذكر وهو أنّ من يصلّي هو الذي يأخذ المال فحينئذٍ لا يجوز هذا الشيء، وهذه قضية ينبغي الالتفات إليها، وهذه المسألة لم يشر إليها فقهائنا فهم ناظرون إلى العمل أيّ عملٍ كان ولكن في الصلاة الاستيجارية قد يتّبع البعض هذه الطريقة فلا أقل كونها مع الإشكال.
الثانية:- أني قد استأجرتك أنت لأنّي أعرف أنّ صلاتك وطهارتك جيّدة ومن قال إني أرضى بإيجارك لشخصٍ آخر ؟!  فالمباشرة شرطٌ ضمنيّ ولكنها لا تذكر لأجل وضوح المطلب.
ومن الأمثلة:- عدم اخراج المستأجر من الدار أو المحلّ إذا انتهت السنة، فعادة يستأجر المكان لسنة واحدة ثم يجدّد في سنةٍ ثانية، فقد يوجد في بعض الأعراف والبلدان ولو بسبب القانون الذي وضعته الدولة وبسبب وضعه من قبلها صار عرفاً متعارفاً ويشكّل شرطاً ضمنياً فحينئذٍ لا يجوز لصاحب المكان إخراج هذا الشخص في نهاية السنة بل لابد وأن يجدّد معه الإجارة إذ يوجد شرط ضمني ولو بسبب قانون الدولة الذي أصبح بمرور الزمن عرفاً وشرطاً ضمنياً.
ومن جملة الأمثلة:- حَمل الزوجة، فهل يلزم أن ترضى الزوجة بالحمل ؟ وبتعبير آخر:- هل يجوز لها استعمال موانع الحمل فإنَّ الزوج لا يتأثر في استمتاعاته ولكنها تمتنع من الحمل عن طريق الأقراص ؟ والجواب:- نعم يجوز لها ذلك لعدم الدليل على أنّه يجب عليها الحمل، فالزوجة لا حقّ عليها من قبل زوجها إلّا في مطلبين الاستمتاع والخروج من بيته ألّا بإذنه ولذلك يذكر الفقهاء أنه يجوز للمرأة تناول أقراص منع الحمل دون اطلاع الزوج.
وهذا تامّ وصحيح ولكن ليس من البعيد أنه يوجد اشتراط ضمني من البداية على الحمل بالمقدار المتعارف أما أنه في كلّ سنةٍ فمثل هكذا اشتراط ضمني ليس بموجودٍ، فهي لها حقّ الامتناع في الجملة، وهذه قضية علمية ينبغي الالتفات إليها فليس لها الامتناع الكلّي.
ومن جملة الأمثلة:- قضية تجمُّل المرأة لزوجها، فهل يجب عليها أن تتجّمل - لا أن تصنع المنفّرات - ؟ والجواب:- كلّا لا يجب عليها أن تصنع ذلك لعدم الدليل فنجري أصل البراءة إذ الحقّ الذي ثبت بالروايات هو الاستمتاع وعدم جواز الخروج من البيت إلا بإذنه أمّا ما زاد على ذلك فلا دليل عليه.
ولكن يمكن أن يقال:- إنه في الأيام الأولى من الزواج يوجد شرط ضمني في أن تصنع الزوجة بعض الأمور، وربما يوجد في بعض الأعراف أنّه أكثر من مدّة أيام الزواج الأولى.
ومن جملة الأمثلة:- هو أنّ الزوج له حقّ الاستمتاع بزوجته، فلو فرض أنّ الزوجة كانت في غرفةٍ وكان الزوج في غرفةٍ أخرى فقال الزوج لزوجته تعالي إلى غرفتي لكي نقضي الوطر فهل يجب عليها الاستجابة لذلك في تعيين المكان ؟ الجواب:- لا دليل شرعاً على لزوم الاستجابة للزوج في تعيين المكان، نعم يلزمها أن تستجيب أما في تعيين المكان فلا إذ لا دليل على وجوبه فيجري بلحاظه أصل البراءة، إلا اللهم إذا تحول هذا إلى شرطٍ ضمنيّ وهو أنه متى ما قال الزوج شيئاً فلابد وأن تستجيب الزوجة لذلك، أمّا إذا لم يتحوّل إلى الشرط الضمني ففي مثل ذلك لا يجب عليها الاستجابة.
هذه بعض الأمثلة في هذا المجال، وعلى هذا المنوال يمكن تحصيل أمثلة أخرى.
والذي أريد ان أقوله:- هو أنّ فكرة الاشتراط الضمني من خلال العرف فكرة نستفيد منها في مجالاتٍ مختلفة، نعم قد نختلف في تحديد دائرة الشرط الضمني سعةً وضيقاً وجوداً وعدماً ولكن هذه قضيّة ثانية، ولكن لو فرض أنه تحقق الشرط الضمني من خلال العرف فحينئذٍ يكون العرف مرجعاً ويكون الشرط ثابتاً من دون خلاف.