الأستاذ الشيخ باقر الايرواني
بحث الأصول
36/05/12
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع: الرخصة المعلقة على عنوان وجودي ( القاعدة النائينية ) - قواعد وفوائد.
الثمرة الثانية:- ما لو فرض أنّ المكلف رأى امرأة وشكّ أنها زوجته أو أنّها أجنبية فحينئذٍ هل يجوز له النظر إليها ؟ قال(قده):- لا يجوز له ذلك ، والوجه فيه هو أنّه هناك رخصة بأن ينظر الرجل إلى زوجته وما شاكلها وهذه رخصةٌ وليست إلزام ونفس ثبوت الرخصة فيه دلالة عرفيّة على أنّه إذا أحرزت أنها زوجة جاز لك النظر إليها أمّا إذا لم تحرز ذلك فلا يجوز لك النظر.
إذن نستفيد عدم جواز النظر بلا حاجة إلى إعمال بعض الأمور الأخرى والقواعد الدقيقة بل نفس ثبوت الرخصة تدلّ عرفاً وعقلائياً على هذا المعنى.
الثمرة الثالثة:- ما لو وجدت مالاً كأن وجدت طعاماً لا أدري هل هو راجع لي أو على الأقل مأذون فيه من قبل مالكه أو لا فهل يجوز أن آكل منه ؟ قد يقال:- نعم يجوز الأكل لأنّ هذه شبهة موضوعيّة والأصل فيها البراءة فــ ( كلّ شيءٍ لك حلال حتى تعلم أنّه حرام ) ، ولكن الشيخ النائيني(قده) يقول:- كّلا بل يوجد دليل اجتهاديّ وهو هذه القاعدة وهو أنّه توجد رخصةٌ في أن يأكل المكلف كلّ شيءٍ من حيث أحلّه الله عزّ وجلّ فالرواية تقول:- ( لا يحلّ مالٌ إلّا من وجهٍ أحلّه الله ) فهناك رخصةٌ في جواز التصرّف وقد تعلقت هذه الرخصة بعنوان ( من وجهٍ أحلّه الله عزّ وجلّ ) فلابد من إحراز هذا العنوان في ثبوت الرخصة ، فلابد وأن تحرز أنّه يوجد وجهٌ أحلّه الله عزّ وجلّ ، وحيث لا تدري فلا تثبت الرخصة.
الثمرة الرابعة:- المرأة المشكوك في كونها قرشيّة أو لا ، فإنّا نعلم أنّ كلّ امرأة تتحيض إلى خمسين ولكن خُصَّت القرشيّة بأن تحيض إلى ستّين - وواضح أنّ التحيّض إلى الستّين بنحو الرخصة فهي مرخّصة في أن تطبّق أحكام الحيض إلى الستين - وهي كانت تشك في أنها قرشيّة أو ليست قرشيىّة فماذا تصنع في مثل هذه الحالة - وقلت هو(قده) لا يبني على حجيّة الاستصحاب في الأعدام الأزليّة - .؟ قال:- إنّه لا توجد رخصة في أن تطبّق هذه المرأة أحكام الحيض على هذا الدم لأنّ نفس الرخصة الثابتة للعنوان الوجودي - الذي هو القرشيّة - لابدّ من إحراز ذلك العنوان الوجودي ، وحيث لا يُحرَز ذلك العنوان فيكون التحيّض إلى الستين ليس بثابتٍ لها فلا رخصة لها في ذلك.
الثمرة الخامسة:- ما لو فرض أنّ شخصاً أعطى مالاً لآخر وقال له قسّمه على الفقراء وجاءني شخصٌ شككت أنّه فقير أو لا فحينئذٍ لا رخصة لي في دفع شيءٍ من المال إليه ، ولماذا ؟ وذلك لقاعدته إذ أنّ نفس الرخصة هي تدلّ عرفاً بالدلالة المطابقيّة على أنّك مرخّصٌ بإعطاء الفقير وبالدلالة الالتزاميّة العرفية أنّ الذي لا تحرز فقرة لا يجوز لك إعطاءه شيئاً من هذا المال ، وهذا مع السهولة التامّة بلا حاجةٍ إلى الذهاب إلى الاستصحاب أو غير ذلك.
وذكر في جملة ما ذكر أنّه قال:- إنّه بناءً على ما ذكرناه يتّضح الوجه فيما هو المعروف بين الفقهاء من أنّ الأصل في الأموال والنفوس والفروج هو الاحتياط فإنه لا توجد رواية تدلّ بوضوحٍ على ذلك ، فما هو أساس هذا القول ؟ قال(قده):- إنّه بناءً على ما ذكرناه سوف يثبت المستند لهذه الكلمة المعروفة بينهم وذلك لأجل أنّه لا يجوز قتل أيّ إنسانٍ وقد ثبتت الرخصة بقتل الإنسان المرتد أو المفسد في الأرض أو غير ذلك فهذا يجوز قتله ، فجواز القتل قد ثبت لهذه العناوين ، فإذا شككت في أنّ هذا الشخص مرتدّ أو لا أو هل هو مفسدٌ في الأرض أو لا فهنا لابدّ من التوقّف ولا يجوز قتله ، ولماذا ؟ لأنّ الرخصة نفسها الثابتة لهذه العناوين هي تدلّ بالالتزام العرفي على أنّه إذا لم تحرز هذه العناوين الوجوديّة فلا رخصة ولا جواز.
وهكذا بالنسبة إلى الفروج فإنها جازت إذا انطبق عنوان الزوجة أو الأمة أو المحلّلة ، فهذه العناوين هي التي ثبتت الرخصة فيها ، فإذا شككت أنّ هذه زوجة الآن أو ليست بزوجة - لأنّه حصل إرضاع مثلاً وشككت في أنّها حرمت عليَّ أو لم تحرم فعنوان الزوجية وعنوان التحليل لا أحرزه - ، أو لا نعلم بأنّ هذا الزواج هل كان صحيحاً أو لا ، وكذا الطلاق ، فهنا يلزم الاحتياط لأجل أنّ الرخصة قد ثبتت لعنوانٍ وجوديّ وحيث لا نحرز ذلك العنوان الوجودي فالرخصة لا تثبت حينئذٍ.
وهكذا الحال بالنسبة إلى الأموال ، فإذا شككت في شيءٍ هل يرجع ملكه لي أو يوجد إذنٌ فيه فلا يجوز لي التصرّف فيه لنفس النكتة.