الموضوع:- تتمة أخبار الارجاء
، تنبيهات الأخبار العلاجية.الوجه الثاني:- إن
الأصول التي نقل منها ابن إدريس هي أصول مشهورة وكتب معتمدة وما دامت كذلك فلا
تحتاج إلى طريق فإن الذي يحتاج إلى لك هو الكتاب الذي لا يكون مشهوراً ومعروفاً.وفيه:-أوّلاً:- من قال إنّ هذه
الكتب هي كتب كانت مشهورة ، نعم بعضها قد يكون كذلك أمّا أنّ الجميع كذلك فهذا ليس
بثابتٍ ، نعم قال الشيخ الصدوق في مقدمة الفقيه إنّ الأحاديث التي ذكرتها قد
استخرجتها من كتب مشهورة عليها المعوّل مثل كتاب حريز بن عبد الله وغيره ، فإذن
هو قد شهد بأن الكتب التي نقل عنها هي كتب مشهورة ، أمّا صاحب السرائر فلم تكن له
مثل هذه الشهادة فكيف نثبت أنّ الأصول التي نقل عنها هي جميعاً كانت من المشهورات.ثانياً:- لو سلّمنا أنّها
مشهورة ولكن ينبغي أن نفرّق بين شهرة الكتاب وشهرة النسخة ، فالكتاب قد يكون
مشهوراً ومعتمداً إلّا أنّ نُسَخَهُ قد لا تكون كذلك ، فكتاب الكافي مثلاً من الكتب
المشهورة التي عليها المعتمد ولا شك في ذلك لكن هذا لا يعني أن كل نسخة من الكافي
سوف تصير مشهورة ومعتمدة فلا توجد ملازمة في البين ، نعم نحن بالنسبة إلى كتاب
الكافي ربما يحصل لنا الاطمئنان بوحدة النسخ - أي عدم اختلافها - باعتبار أنّه لو
كان هناك اختلاف لذاع وبان لأجل كثرة المراجعة للكتاب المذكور فلو كان هناك خلاف
لنقل ، وهذا بخلافه بالنسبة إلى تلك الأصول التي كان يُنقَل منها فإنها لم تكن
كالكافي في يومنا هذا بحث يقال إذا كان هناك اختلاف بين النسخ لاشتهر . فإذن لا
ملازمة بين شهرة الكتاب وشهرة النسخة ، وعلى هذا الأساس نحتاج إلى طريقٍ لإثبات أنّ
النسخة هي نسخة معتبرة ومعتمدة ولا تكفينا شهرة الكتاب.ونفس هذا الجواب ذكرناه في حقّ الصدوق فإنّ هناك رأي يقول إنّ كلّ ما
في الفقيه هو معتبرٌ ونأخذ به من دون حاجة إلى سند وذلك لأجل أنّ الصدق قال:- (
إني استخرجته من كتب مشهورة ) فلا نحتاج إلى المشيخة في الفقيه بخصوصه.وأجبنا في محلّه وقلنا:- إنّ شهرة الكتاب لا تلازم شهرة النسخة ، فيبقى
حينئذٍ الشيخ الصدوق يحتاج إلى طريق لإثبات صحّة النسخة التي ينقل عنها ، وكذلك
الحال نقوله في مقامنا.الوجه الثالث:- إنّ
صاحب السرائر رجلٌ فقيهٌ ودقيقٌ ومحقّقٌ ومن البعيد أنّه يعتمد على نسخة لم يحصل
له الاطمئنان بصحتها ، وعليه لابد وأنه قد حصل له الاطمئنان ومع حصول الاطمئنان له
فحينئذٍ لا حاجة إلى السند إذ هي نسخة مطمأن بصحتها في نظر ابن إدريس.ويظهر من الحر العاملي أنّه كان يسلك هذا الطريق في بعض الكتب فيقول
إنّ صاحب الكتاب شهد بأنها صحيحة ، فمثلاً ذكر في الفائدة السادسة كلاماً لابن
إدريس في المستطرفات وكلاماً للمحقّق في المعتبر وبعد ذلك قال:- ( وقد علم من كلام المحقّق وابن إدريس الشهادة لهذه الكتب بالصحّة
والثبوت والاعتماد ، ومعلومٌ من مذهبهما أنهما لا يعملان بخبر الواحد الخالي عن
القرينة المفيدة للعلم والقطع )[1] . إذن هو يريد أن يدّعي أنّهما قد حصل لهما القطع أو الاطمئنان
ومادام قد حصل ذلك فالكتاب إذن معتبرٌ ومعتمد.وفيه:- إنّ هذا الكلام قد
ذكر أيضاً بالنسبة إلى كتاب الفقه حيث إنّ للشيخ الصدوق في المقدّمة عبارة أخرى غير
العبارة التي نقلتها قبل قليل وهي:- ( ولم
أقصد فيه قصد المصنفين إلى إيراد جميع ما رووه بل قصدت إلى إيراد ما أفتي به وأحكم
بصحته واعتقد أنه حجة بيني وبين ربّي )
، فهذه العبارة قد ذكرها واستند إليها البعض وقال إنّ هذه الروايات المذكورة يقطع
الشيخ الصدوق بصحتها ومعه سوف نأخذ بها بلا حاجة إلى سندٍ ومشيخة.وما ذكرناه من جواب هناك يأتي هنا فيقال:- إنّ قطع كلّ شخصٍ هو حجّة
عليه ولا يكون حجّة على غيره إلا إذا كانوا مقلّدين له والمفروض أنّا لسنا مقلّدين
بل المفروض هو وجود مجتهدٍ في مقابل مجتهدٍ آخر ، وعلى هذا الأساس قطع ذاك لا يكون
حجّة عَليَّ فلعلّه لو لاحظت القرائن التي استند إليها لا تورث لي الاطمئنان ، وهذا
الاحتمال موجودٌ ، وعليه فكيف نعتمد على مثل هذا الكلام ؟!!ومن خلال هذا كلّه اتضح أنّ الاعتماد على المستطرفات شيء مشكل ، نعم خرج من ذلك أصل
محمد بن عليّ بن محبوب وذلك للبيان الذي تقدّم.وبهذا ينتهي الكلام في مجال الأخبار العلاجية وما يرتبط بها.تنبيهات:-هناك بعض التنبيهات التي ترتبط بالأخبار العلاجية نذكرها كما يلي:-التنبيه الأوّل:- هل نعمّم
المرجّحات التي ذكرت سابقاً أو التخيير - لو كنّا بانين على التخيير دون إعمال
المرجّحات - لمورد الجمع العرفي أيضاً أو يختصّ ذلك بموارد التعارض المستقر الذي
لا يمكن فيه الجمع العرفي ؟ والمقصود من موارد الجمع العرفي مثلاً العام والخاص
والمطلق والمقيّد أو ما شاكل ذلك من موارد الجمع العرفي ففي مثل هذه الموارد هل
نطبّق قواعد الترجيح أو التخيير أو نطبّق الجمع العرفي ولا تصل النوبة إلى الترجيح
أو التخيير أو ما شاكل ذلك ؟والجواب:- يظهر من شيخ الطائفة(قده)
في بعض مواضع كلامه وهكذا من صاحب الحدائق بل وربما من صاحب الكفاية التعميم - يعني
يطبق المرجّحات والتخيير في موارد الجمع العرفي - ، فالشيخ(قده) في التهذيبتعرّض إلى مسألة طهارة الخمر ونجاسته فإنه هنا يمكن الجمع بحمل الروايات
التي ظاهرها النجاسة على التنزيه يعني رجحان التجنّب وليس على لزوم التجنّب ولكن الشيخ
الطوسي(قده) ترك ذلك ولم يعبأ به وطبّق المرجّحات ونصّ عبارته:- ( والذي يدلّ على أنّ هذه الأخبار محمولة على التقيّة ما تقدم ذكره من
الآية وأن الله تعالى أطلق اسم الرجاسة على الخمر ولا يجوز أن يرد من جهتهم عليهم السلام
ما يضاد القرآن وينافيه وأيضاً قد أوردنا من الأخبار ما يعارض هذه ولا يمكن الجمع بينهما
إلّا بأن نحمل هذه على التقيّة لأنّا لو عملنا بهذه الأخبار كنا دافعين لأحكام تلك
جملةً ولم نكن آخذين بها على وجهٍ وإذا عملنا على تلك الأخبار كنّا عاملين بما يلائم
ظاهر القرآن فحملنا هذه على التقيّة لأن التقيّة هي أحد الوجوه التي يصحّ ورود الأخبار
لأجلها من جهتهم فنكون عاملين بجميعها على وجهٍ لا تناقض فيه )[2] ، إنّه قد يظهر من هذا الكلام أنّه لا يعير أهميةً للجمع العرفي - وذلك
بحمل أخبار النجاسة على التنزّه – بل أعمل التقيّة وقال إنّه بذلك نجمع بين الأخبار
. إذن قد يظهر من كلامه أنه يطبّق المرجّحات في موارد الجمع العرفي.