الموضوع:- الأخبار
العلاجية - أخبار الإرجاء.
تحقيق حال المستطرفات:-يظهر من السيد الخوئي(قده) أنه كان في البداية يبني على صحة
المستطرفات وأن كلّ ما ينقله ابن إدريس في المستطرفات لا إشكال في سنده - أي من
ناحية طريق ابن إدريس إلى صاحب الأصل -، نعم ربما توجد مشكلة بين صاحب الأصل وبين
الإمام أو في نفس صاحب الأصل، فلو رجعنا إلى كلماته القديمة لاحظنا ذلك بوضوح،
فمثلاً بعد أن نقل روايةً من المستطرفات في التنقيح قال:-
( لا إشكال في سندها لأن ابن إدريس نقلها من كتاب المشيخة للحسن بن
محبوب عن عبد الله بن سنان )[1] . إذن هنا قال إنَّ السند لا مشكلة فيه لأن صاحب السرائر نقل
الرواية من كتاب المشيخة، والمشيخة جمع شيخ يعني المقصود هو روايات المشايخ الذي
هو للحسن بن محبوب والحسن بن محبوب نقلها عن عبد الله بن سنان وهذا من أجلّة
أصحابنا فإذن لا توجد مشكلة.
ونقل في التنقيح أيضاً ما نصّه:-
( صحيحة محمد بن مسلم المروية في السرائر عن كتاب البزنطي )[2]، فهو إذن عبّر عنها بصحيحة محمد بن مسلم والتي هي مروية في السرائر
وهذا معناه أنه يبني على صحة المستطرفات فكلّ ما ينقله ابن إدريس عن الأصول التي
استطرفها فالطريق ليس فيه مشكلة.
وأيضاً ذكر التنقيح ما نصّه:-
( ومنها صحيحة البزنطي المروية في آخر السرائر )[3]، فإذن هو عبّر بالصحيحة .
ويمكن أن تعثر على ما يشبه هذا الكثير الكثير.
ولكنّه في زمان حضورنا عليه لفترة خمسة عشر سنة تقريباً لم نسمع منه
هذا - أي أن طريق صاحب السرائر إلى الأصول التي نقل عنها هو صحيحٌ - بل سمعنا
العكس أي سمعنا منه أنّه كان يقول إنّ طريق صاحب السرائر إلى المستطرفات غير معلوم
فهو غير معتبر إذ أن صاحب السرائر لم يذكر إلّا طريقاً واحداً فهو معتبرٌ وهو الطريق
إلى أصل محمد بن علي بن محبوب الأشعري فإنه ذكر الحلّي في السرائر ما نصّه:-
( من ذلك ما استطرفناه من كتاب نوادر المصنف تصنيف محمد بن علي بن
محبوب الأشعري الجوهري القمّي وهذا الكتاب كان بخط شيخنا أبي جعفر الطوسي رحمه الله
مصنف كتاب النهاية رحمه الله فنقلت هذه الأحاديث من خطّه من الكتاب المشار إليه )[4]، إنه استثنى هذا الطريق فقط أو بتعبير آخر استثنى النقل عن هذا الأصل
وقال هذا معتبر، والنكتة في ذلك هي أنّ ابن إدريس قال إنّ هذا الأصل كان بخط
الشيخ الطوسي وهو عندي والمفروض أنّ الشيخ الطوسي له طريق معتبر إلى ابن محبوب
الأشعري مذكور في الفهرست، فعلى هذا الأساس يثبت بذلك أن طريق ابن إدريس إلى هذا
الأصل معتبرٌ وصحيحٌ لهاتين المقدّمتين الأولى إنّ كلّ ما ينقله عن هذا الكتاب فهو
ينقله عنه بخط الشيخ الطوسي، والمقدمة الثانية هي أنّ الشيخ الطوسي كان له طريقٌ
معتبرٌ إلى ابن محبوب الأشعري فلا مشكلة.
إذن جميع طرق صاحب السرائر إلى الأصول التي ينقل عنها كلّها غير
معتبرة لأنها مجهولة إلّا طريقه لابن محبوب لأجل هذه النكتة التي أشرنا إليها .
وأيضا السيد الشهيد(قده) كان يبني على هذا - أي يقول نفس ما يقوله السيد الخوئي(قده)
وهو أن طرق صاحب السرائر إلى المستطرفات مجهولة والنقل عنها غير معتبر إلا ما
ينقله عن هذا الكتاب لنفس النكتة التي أشار إليها السيد الخوئي(قده) -.
إذن النتيجة التي نخرج بهذا إلى الآن هي أن طرق ابن إدريس إلى
المستطرفات ليست معتبر إلّا الكتاب المذكور.
هذا ولكن قد يقال:- يمكن
الحصول على بعض الوجوه لتصحيح طريق ابن إدريس إلى الأصول التي ينقل عنها وفي هذا
المجال نذكر ثلاثة وجوه:-
الوجه الأول:- وهذا
الوجه مركب من مقدّمتين:-
الأولى:- إن كلّ ما ينقله ابن
إدريس ينتهي إلى الشيخ الطوسي وله طريقٌ معتبرٌ إليه.
الثانية:- إنّ الشيخ الطوسي له
طرقٌ مذكورة معتبرة إلى أصحاب هذه الأصول.
وبضمّ المقدّمة الثانية إلى الأولى يثبت وجود طريقٍ معتبرٍ لكلّ ما
ينقله صاحب السرائر في المستطرفات.
وكلتا هاتين المقدمتين تحتاج إلى اثبات:- أما المقدّمة الأولى:- فيمكن
إثباتها من خلال مراجعة مجلد الإجازات في كتاب البحار فإنه نقل في هذا المجلد إجازة الشيخ المجلسي للميرزا إبراهيم اليزدي
حيث قال ما نصّه:-
( وعن الشيخ شاذان
والشيخ محمد بن إدريس عن الشيخ الأجل الأعظم أبي القاسم العماد محمد بن أبي القاسم
الطبري عن الشيخ الأجل الأعظم الفقيه النبيه أبي علي الحسن الطوسي عن أبيه شيخ
الطائفة محمد بن الحسن الطوسي بكتبه وراياته )[5]، وقد نقل هذا المضمون وشبيهه في إجازات أخرى لأشخاصٍ آخرين، ومن
خلال هذه الإجازة نفهم أن صاحب البحار له طريق إلى الشيخ الطوسي وهذا الطريق يمرّ
بمحطاتٍ أحدها الشيخ محمد بن إدريس عن الشيخ الأجل الطبري عن ابن الشيخ الطوسي -
الذي يعبّر عنه بالمفيد الثاني - عن نفس الشيخ الطوسي بكتبه ورواياته - يعني بجميع
كتبه ورواياته -، وبهذا نحصل على طريقٍ معتبرٍ لابن إدريس إلى جميع روايات الشيخ الطوسي
وكتبه وهذا الطريق هو ( الطبري
[6] عن ولد الشيخ الطوسي عن الطوسي )
وهو طريقٌ معتبرٌ.
وأما المقدّمة الثانية:-
فهذا يتّضح من خلال مراجعة فهرست الشيخ الطوسي، فإن كلّ واحدٍ من هذه الأصول التي
نقل عنها ابن إدريس يوجد للشيخ طرقٌ إليها، فإذا كان الطريق معتبراً ضممنا هذا
الطريق المعتبر أي من الشيخ الطوسي إلى صاحب الأصل نضمّه إلى الأوّل - يعني من ابن
إدريس إلى الشيخ الطوسي - فيثبت طريقٌ معتبرٌ بالشكل الذي أوضحناه.