الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

35/08/05

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع:-  مقتضى القاعدة الثانوية في المتعارضين / أحكام التعارض المستقر.
ثالثاً:- إن التمسّك بالطائفة المذكورة لنفي حجيّة الخبر الذي ليس عليه شاهد فرع أن تكون هي حجّة جزماً أمّا إذا لم تكن هي حجّة جزماً فكيف نتمسّك بها لنفي حجيّة الغير - يعني الأخبار التي ليس عليها شاهد - ؟!! إنّ هذه ليست عمليّة فنيّة علميّة مقبولة، فكما أنّ مشكوك الحجيّة لا يصح التمسّك به لا ثبات حجيّة الغير كذلك لا يصح التمسّك به لنفي حجيّة الغير . إذن دائما يكون إثبات الحجيّة للأخبار ونفي الحجيّة عنها يحتاج إلى روايٍة تكون معلومة الحجيّة وإلا فلا يجوز التمسّك بها، ومتى تكون معلومة الحجيّة حتى لا يرد هذا الاشكال ؟ إذا كانت متواترة أو كانت عليها شاهد من كتاب الله عز وجل فإنه آنذاك نجزم بحجيّتها فنتمسّك بها لفني حجيّة الأخبار التي ليس عليها شاهد من كتاب الله عز وجل، أمّا بعد أن فرضنا أنها ليست متواترة وليس عليها شاهد فلا نطمئن إذن بحجيّتها - لا اطمئناناً وجدانياً ولا تعبديّاً - فكيف نتمسّك بها لنفي الحجية !!.
إن قلت:- أولسنا حينا نبحث هذا البحث قد فرضنا أنّا فارغون عن حجيّة الخبر ؟!! فإذا افترضانا الفراغ عن حجيته فعلى هذا الأساس تكون حجيّة الخبر قضية مفروغ عنها سلفاً في مبحث حجيّة الخبر، ومادام الخبر حجّة فسوف تكون هذه الطائفة هي ثابتة الحجيّة غايته تعبّداً لا وجداناً للأدلّة التي تمسّكنا بها لإثبات حجيّة الخبر، فإذن هذا الاشكال لا يأتي.
قلت:- صحيحٌ أنّا فرغنا فيما سبق عن حجيّة الخبر ولكن في الجملة وليس بالجملة يعني أنّ الخبر حجّة في الجملة وعلى مستوى القضيّة الجزئيّة أمّا أنّ كلّ خبرٍ هو حجّة حتى الذي ليس عليه شاهد من كتاب الله عز وجل أو أنّ الحجّة هو خصوص ما عليه شاهد فهذه القضيّة نريد الآن أن نبحثها فإنا لم نبحثها هناك.
وإذا أشكلت وقلت:- إذن لماذا هذا التشتيت في البحث فهناك بحثتم عن حجية الخبر في الجملة وسكتّم عن أنه حجّة حتى إذا لم يكن عليه شاهد من كتاب الله عز وجل أو بشرط أن يكون عليه شاهداً فلماذا لم تذكرونه هناك ؟
قلت:- نعم المناسب هو هذا ولكن هكذا صنعوا فصنعنا، فبالتالي إن الخبر الذي ليس عليه شاهد نريد الآن أن نقول يمكن أن يقال هو ليس بحجّة . إذن هو لم نفرغ عن حجيّته في مرحلةٍ سابقةٍ والذي  فرغنا عن حجيّته هو حجية الخبر في الجملة وأما هذا فالآن نريد أن نبحثه.
وعلى هذا الأساس هذه الطائفة إنما يصحّ التمسّك بها إذا فرض أنّها معلومة الصدور جزماً - حتى لا نحتاج إلى مسألة حجيّة الخبر -  أو كانت غير معلومة الصدور - يعني غير متواترة - ولكن عليها شاهدٌ من كتاب الله عز وجل فهذه أيضاً قدرٌ متيقنٌ بأنها حجّة، أمّا إذا لم تكن متواترة وليس عليها شاهد من كتاب الله عز وجل فهي ليست قدراً متيقناً من دليل حجيّة الخبر فهي إذن مشكوكة الحجيّة الآن فكيف نتمسّك بها لنفي الحجيّة عن غيرها ؟! إنّ هذا قضية مرفوضة فنياً وصناعياً وليست بصحيحة.
وربما يناقش بمناقشة رابعة وذلك بأن يقال:- إنّ هذه الطائفة لا يمكن التمسّك بها فإنه يلزم من حجيّتها عدم حجيتها لأنها تقول إنّ الخبر الحجّة هو ما كان عليه شاهد من كتاب الله وهي لا يوجد عليها شاهد من كتاب الله يدلّ على أنّ الخبر الحجّة هو ما كان عليه شاهد من كتاب الله.
بل لعله نصعّد اللهجة ونقول:- إنّ كتاب الله يدلّ على أنّ كلّ خبر ثقة هو حجّة بناءً على تماميّة آية النبأ على حجية خبر كلّ ثقة ولكني الآن في غنىً عن هذا التصعيد.