الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

35/07/14

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع:- الاطلاق البدلي والشمولي / التعارض غير المستقر.
المورد الثالث:- الاطلاق البدلي والشمولي.
المورد الثاني:- ما إذا فرض أنه يوجد لدينا دليلان بينهما عموم من وجه وتعارضا في مادّة الاجتماع وكان تقديم أحدهما لا يوجب إلغاء عنوان الآخر رأساً بل يوجب أن يكون الباقي تحت الدليل الآخر أفراداً قليلة ونادرة فهنا يكون المناسب تقديم ذلك الدليل الآخر حتى لا يلزم محذور التخصيص المستهجن، كما لو قال أحد الدليلين ( أكرم النحويين ) وهناك دليل آخر يقول ( لا تكرم الفسّاق )[1] فهما قد تعارضا في النحويّ الفاسق فماذا نفعل ؟ إنّه لو قدّمنا لا ( تكرم الفّساق ) فسوف يلزم أن يكون الباقي تحت دليل ( أكرم النحويين ) إمّا فرد واحد أو اثنين فبالتالي يلزم تخصيص الأكثر وهذا مستهجن والعرف في هذه الحالة يقدّم الدليل الذي لا يلزم منه هذا لمحذور - يعني أنه يقدّم دليل ( أكرم النحويين ) لا أنّه يقدّم ( لا تكرم الفسّاق ) - وهذا مطلب واضح.
المورد الثالث:- ما إذا كان لدينا دليلان وتعارضا أيضاً بنحو العموم من وجه وكان تقديم أحدهما يلزم منه لغويّة تشريع الآخر رأساً فيبقى الآخر بلا موردٍ رأساً.
وهذا غير الذي ذكرناه أوّلاً فإن ما ذكرناه أوّلاً هو أنه يلزم إلغاء خصوصيّة العنوان - كعنوان الطائر - أمّا هنا فيلزم محذورٍ آخر وهو محذور لغويّة التشريع من الأساس، كما هو الحال بالنسبة إلى دليل قاعدة الفراغ مع دليل الاستصحاب فإنه لو أردنا أن نقدّم دليل الاستصحاب على دليل قاعدة الفراغ لم يبقَ آنذاك موردٌ لقاعدة الفراغ التي يقول دليلها:- ( كلّ ما مضى فأمضه كما هو ) فيلزم أن يكون تشريع هذا لغوا لأن الشكّ في الصحة بعد الفراغ ينشأ عادةً من الشكّ في تحقّق شرطٍ أو جزءٍ، يعني أحتمل أنّ جزءاً أو شرطاً من الشروط لم ائت به ومقتضى الاستصحاب أنه لم ائت به، فأنا في بداية لم ائت به جزماً وبعد ذلك أشكّ هل أتيت به أو لا مثل الركوع في الركعة الثانية أشكّ هل أتيت به أو لم ائت به فمقتضى قاعدة الفراغ أنه محكوم بالصحّة ولكن مقتضى الاستصحاب أنّي لم ائت به لأنّه في بداية الصلاة أجزم بأن ركوع الركعة الثانية لم ائت به بعدُ لأن وقته لم يأتِ فحينما وصلت إلى الركعة الثانية أشك هل أتيت به أو لا فأستصحب عدم الاتيان به . فإذن منشأ الشكّ بعد الفراغ في الصحة هو حتماً الشك في الاتيان بجزءٍ أو شرطٍ ومقتضى الاستصحاب عدم تحقّق ذلك الجزء أو الشرط، فلو قدّمنا الاستصحاب يلزم لغويّة تشريع ( كلّ مضى فأمضه كما هو ).
المورد الرابع:- التقديم بالنصّيّة كما أشرنا إلى ذلك في دليل الأمارة مع دليل الاستصحاب، فحينما يكون عندنا خبر ثقة - أو أيّ أمارة أخرى - مع الاستصحاب فتقدّم الأمارة على الاستصحاب، وما هو الوجه في ذلك ؟ إن الوجه هو النصّيّة بمعنى أنّ دليل حجيّة الأمارة يشرّع حجيّة الأمارة في مورد جريان الاستصحاب فإنّ من أحد أفراد الاستصحاب هو استصحاب عدم حجيّة الأمارة أو استصحاب عدم الحرمة إذا كانت الأمارة تدلّ على حرمة العصير العنبي إذا غلى مثلاً أو الأمارة تدلّ على الوجوب والاستصحاب يدلّ على عدم الحرمة . إذن ما من أمارة في الأمارات الدالّة على التكليف إلّا وإلى جنبها استصحابٌ والامام عليه السلام حينما شرّع أو أمضى تشريع الأمارة وخبر الثقة فقد أمضاه في مورد جريان الاستصحاب، فعلى هذا الأساس يكون تقديم الأمارة بالنصّيّة، أيّ أنّ تشريع امضائها وارد في مورد جريان الاستصحاب كما هو واضح - أعني بذلك استصحاب عدم وجوب هذا الشيء أو عدم حرمة هذا الشي - فالإمام عليه السلام شرّع حجيّة الخبر في هذا المورد، وهذا فلنصطلح عليه بالتقديم بالنصّيّة، فالعرف يقدّم من هذا الباب.


[1]  ولا يهمّنا الآن كون أحدهما بالاطلاق والآخر بالعموم أو كلاهما بالعموم فهذا لسنا ناظرين إليه بل نحن نذكر موارد الجمع العرفي أمّا أنّ أحدهما بالاطلاق والآخر بالعموم أو كلاهما بالعموم أو بالاطلاق فهذا لا يؤثّر..