الموضوع:- الدليل الثالث للاستصحاب ( التمسك بالأخبار ) / أدلة الاستصحاب / الاستصحـاب / الأصول العملية.
الجواب الثالث:- ما أفاده الشيخ النائيني(قده) في فوائد الاصول
[1]
وحاصله إن شرط صحة الصلاة ما هو ؟ هل هو العلم بالطهارة - أي الطهارة المحرزة - أو أن الموجب لبطلانها هو العلم بالنجاسة - هذان احتمالان يذكران في الفقه - ؟ فإن بنيا على الأول فيأتي جواب صاحب الكفاية(قده) من أنه يجري الاستصحاب حين الصلاة ويثبت بذلك إحراز الطهارة ، وأما إذا بنينا على الثاني فيمكن أن نجيب آنذاك بأن الإمام عليه السلام قد أجرى استصحاب الطهارة أثناء الصلاة حتى يقول للسائل إن المانع مفقود - وهو العلم بالنجاسة - فيريد أن يقول له ( إنه لا علم لك بالنجاسة - أي بالمانع - وكيف يكون لك علم بالمانع وأنت يجري في حقك استصحاب الطهارة ؟! ) إذن الإمام عليه السلام أجرى استصحاب الطهارة لإثبات فقدان المانع من الصحة وأنه لا توجد نجاسة منجّزة أو لا يوجد علم بالنجاسة ، وعليه فلا إشكال من هذه الناحية.
وفيه:- إن العلم بالنجاسة إذا كان هو المانع فلا حاجة آنذاك إلى إجراء استصحاب الطهارة فإن العلم بالنجاسة معدومٌ بالوجدان قبل أن نحتاج إلى إجراء استصحاب الطهارة.
بل نتمكن أن نصعّد اللهجة ونقول:- إن إجراء استصحاب الطهارة يصير من قبيل التعبّد بما هو معلوم الحصول وهو قبيحٌ بل من أردأ أنحاء التعبّد القبيح فإن العلم بالنجاسة إذا كان مفقوداً بالوجدان فالتعبّد به تعبّدٌ بما هو متحققٌ بالوجدان وهو لا معنى له وشيء قبيح.
وإذا أراد أن يدافع ويقول:- إن المفروض أن المكلف يشك في أن النجاسة موجودة أثناء الصلاة أو ليست بموجودة والإمام عليه السلام حينما أجرى الاستصحاب فهو قد أجراه - أي استصحاب الطهارة - لأجل أن يقول إن الشك لا يضر إذ أنا أعبّدك بعدم وجود النجاسة فالشك إذن لا يضرّ فالإمام عليه السلام أجرى الاستصحاب حتى يقول إن هذا الشك يضرّ وجوده .
وإذا أراد الشيخ النائيني(قده) أن يدافع هكذا فنجيب:-
أولاً:- إن المفروض في حالة الشك أنه لا علم بالمانع - أي بالنجاسة - وما دام لا علم بالنجاسة فالمناسب حينئذ الحكم بالصحة بلا حاجة إلى إزالة الحجيّة عن هذا الشك ، وهو مطلب واضح ولا ندري كيف حصل هذا من قبل الشيخ النائيني(قده) ومن المناسب أن تراجعوا كلامه لعلكم تستفيدون شيئاً آخر.
وثانياً:- إن الإشكال باقٍ على حاله فإن الطريق لنفي المانع حسب ما أفاده(قده) هو استصحاب الطهارة والمفروض أن استصحاب الطهارة ذكرنا أنه لا يجري لحصول اليقين بأن الصلاة قد حصلت في النجس فإن زرارة قد جاء وسأل الإمام عليه السلام بعدما رأى النجاسة وهنا لا يمكن جريان استصحاب الطهارة للجزم بأنها وقعت في النجس فكيف نستصحب الطهارة ؟! اللهم إلا أن يجيب ويقول إن الشرط هو الإحراز كما أفاد الشيخ الخراساني(قده) فالإمام عليه السلام أجرى الاستصحاب حالة الصلاة فقط فتحقق إحراز الطهارة فانتفى بذلك العلم بالنجاسة أثناء الصلاة ، ولكن هذا عودة الى نفس جواب الشيخ الخراساني(قده) فيصير جواباً واحداً ويرد عليه آنذاك ما أوردناه على جواب الشيخ الخراساني(قده).
وعلى أي حال ما أفاده الشيخ النائيني(قده) في المقام لا يخلو من خفاءٍ في أصل مقصوده لوهن ظاهره إلا اللهم أن يكون مقصوده مطلباً أعمق من هذا نحن لم نصل إليه فلذلك لابد من مراجعتكم لعلكم تستفيدون من كلامه شيئاً آخر.
[1]
فوائد الاصول، النائيني، ج4، ص346 348.