الموضوع:- الدليل الثالث للاستصحاب ( التمسك بالأخبار ) / أدلة الاستصحاب / الاستصحـاب / الأصول العملية.
والجواب:- إن هذا كلام وجيهٌ لو فرض أن من فحص بعد ظن الإصابة ففحصه يولّد له القين بطهارة الثوب حتماً وأنه لا نجاسة قد أصابته فإنه إذا افترضنا أن هناك حتميّة بين من فحص ولم يرَ وبين تولّد اليقين بطهارة الثوب وعدم الإصابة فالأمر كما ذكر - يعني أن الرواية تصير مجملة بين هذا وذاك - ولكن نقول إن الوجدان قاضٍ بأن من فحص ولم يرَ فقد يتولّد له يقين بطهارة الثوب كما إذا كان نور المصباح قوياً جداً فحينئذ لو فحصت ولم أرَ فقد يتولّد لي القين بعدم الإصابة وقد لا يتولد لي اليقين بعدم الإصابة كما لو كان الضياء ضعيفاً . إذن لا توجد ملازمة وحتميّة ، ومعه نقول لو كان الإمام عليه السلام ناظراً إلى قاعدة اليقين فمن المناسب أن يقول ( إذا نظرت وفحصت وحصل لك يقين بعدم الإصابة فلا تعتنِ بشكك آنذاك ) فإنه لو قيّد الإمام هكذا فالرواية تصير آنذاك محتملة الانطباق على قاعدة اليقين كما ذكر أما بعد أن فرضنا أن الفحص وعدم الرؤية كما يلتئم مع حصول اليقين بعدم الإصابة يلتئم مع عدم حصول اليقين أيضاً فكيف نطبّق الرواية على قاعدة اليقين فإن من الواضح أن تطبيق قاعدةٍ على موردٍ معيّن يلزم فيه أن تكون أركان تلك القاعدة متوفرة ومعلوم أن أركان الاستصحاب موجودة حتماً إذ المفروض أنه يوجد يقين سابق قبل ظن إصابة ويوجد شك بعد ذلك - يعني عند ظن الإصابة قبل الصلاة أو عند رؤية النجاسة يعني بعد الصلاة - وأما أركان قاعدة اليقين فليست مفروضة في مورد الرواية إذ قد قلنا إن الفحص وعدم رؤية النجاسة لا يلازم حصول اليقين بعدم إصابة النجاسة . إذن أركان قاعدة اليقين ليست مفروضة في مورد الرواية حتى تكون مورداً صالحاً لتطبيق قاعدة اليقين.
هذا مضافاً
[1]
إلى أنه لو كانت الرواية مشتملة على الضمير - أي ( فرأيته ) كما ورد في نقل الشيخ الصدوق أي فرأيت ذاك الذي ظننت أنه قد أصاب - فإنه بناءً على ذكر هذا الضمير يأتي هذا الجواب فنقول إن الرواية لا تصلح لإرادة تطبيق قاعدة اليقين بل هي صالحة فقط وفقط لتطبيق الاستصحاب فإن المكلف فحينما رأى النجاسة بعد الصلاة والمفروض أنها عين النجاسة السابقة التي ظنّها إذ هو قال ( فرأيته ) - أي رأيت ما ظننت أنه قد أصاب - ولا يحتمل أنها نجاسة جديدة بل هي النجاسة التي ظننت أنها أصبته حتماً فإنه بناءً على هذا لا يمكن تطبيق قاعدة اليقين إذ هي تحتاج إلى يقينٍ سابقٍ وشك يسري إلى اليقين وليس يقين يهدم ذلك اليقين بنحو الحتم فإذا فرضنا أن الذي رؤي حتماً هو عين ما ظن أصابته فقد انهدم اليقين السابق المتولّد عند الفحص وعدم رؤية النجاسة فهو قد زال حتماً وتولّد يقين معاكس فلا يمكن تطبيق قاعدة اليقين وإنما يمكن تطبيقها فيما إذا حصل شكٌّ فيما حدث سابقاً لا ما إذا حصل يقينٌ معاكسٌ وهذا بخلاف الاستصحاب فإنه يمكن تطبيقه ولكن لا بلحاظ ما بعد الصلاة بل بلحاظ ما قبلها فإنه بلحاظ ما بعد الصلاة - أي حين رؤية النجاسة - قد حصل يقين بإصابة النجاسة فلا يجري الاستصحاب الآن ولكن يمكن أن يكون مقصود الإمام عليه السلام إجراءه بلحاظ ما قبل الصلاة - أي حين ظن الإصابة - فإن المكلف إذا ظنّ بالإصابة كيف يدخل في الصلاة وهو لا يجزم بالطهارة ؟! إنه لا يجوز إذ يلزم عند الدخول في الصلاة إحراز جميع الشروط ومنها الطهارة فكيف يدخل فيها وهو لا يحرز الطهارة ؟! إن الإمام عليه السلام أرد أن يجري له الاستصحاب ليقول له أنت محرزٌ للطهارة حينما تريد أن تدخل الصلاة وفي تلك الحال كان يوجد يقين سابق وشك تولّد بسبب ظنّ الإصابة فالاستصحاب يكون بلحاظ ما قبل الصلاة فيمكن تطبيق الرواية على الاستصحاب وأما تطبيقها على قاعدة اليقين فلا يمكن . ولكن كما ذكرت أن هذا كلّه مبنيّ على وجود الضمير . وأما بناءً على عدم وجوده فهي صالحة للاستصحاب ولقاعدة اليقين معاً لولا ما أشرنا إليه من الجواب الأول من أنه يلزم لتطبيق قاعدةٍ فرض أركانها في المرحلة السابقة.
[1]
وهو نصف جواب والهدف من ذكره هو بيان قضيّة علميّة.