الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

34/04/16

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع / التنبيه التاسع / تنبيهات / قاعدة لا ضرر / العلم الإجمالي / أصالة الاشتغال / الأصول العملية.
 الحالة الثالثة:- وأما إذا كان كلا الفعلين محرّماً كما إذا افترضنا أن قتل الحيوان محرَّم وأن كسر القفص محرَّم أيضاً لكون كسره يوجب التبذير مثلاً فهنا يلزم أن نحكم بارتفاع الحرمة من حيث الحكم التكليفي إما من الأساس أو برفع تنجزها والمقصود هو أن ما ينتخبه المكلف يكون غير منجّز والآخر يبقى على الحرمة والتنجز لفرض عدم اضطراره إليه وهذا مطلب واضح ، وأما من حيث الحكم الوضعي - كما لو افترضنا أن الذي سبَّب هو شخص ثالث والمالك اختار أحدهما - فإن كان كل منهما يساوي الآخر من حيث القيمة فلا إشكال في أنه يضمن قيمة أحدهما لفرض التساوي وإذا فرض أنهما مختلفان من حيث القيمة واختار المالك الأقل قيمة فلا إشكال في ضمان ذلك الشخص للأقل قيمة وأما إذا فرض أنه اختار الأكثر قيمة - أو قل الأشد حرمة إذا كان أحدهما أشد حرمة - فهل يضمن الآخر قيمة هذا أو لا ؟ إنه بناءً على الاحتمال الذي ذكرناه في الحالة الثانية - أي حالة ما إذا كان أحدهما مباحاً والآخر حراماً وانتخب المكلف الحرام - فإنه بناءً على عدم ضمان الحرام يلزم هنا عدم ضمان الأشد حرمة أو الأكثر قيمة لأن الغير لم يسبِّب إليه وأما بناءً على ما ذكرناه من أنه سبَّب إلى إتلاف القيمة الأقل فيلزم أن يضمن القيمة الأقل لأنه بالتالي سبَّب إلى تلفها لا أنه لا يضمن شيئاً رأساً . هذا كله في حالة ما إذا كان أمر الضررين يدور في حق شخص واحد.
 دوران أمر الضررين في حق شخصين:-
 وأما إذا دار الضرران في حق شخصين ففقد مثلنا لذلك سابقاً بالمرأة الحامل التي يدور الأمر بالتحفظ عليها بقتل الجنين وبين العكس ، إلا أن هذا المثال يشتمل على مسامحة فإن كلامنا هو في دوران الضررين بلحاظ نفس الشخصين من دون أن ندخل شخصاً ثالثاً في الحساب ، نعم لابأس بعدِّ هذه صورة كصورة مستقلة بيد أن محلَّ الكلام الآن هو في دوران الضررين في حقِّ شخصين من دون إدخال ثالثٍ في الحساب ، والأجدر أن نمثل بنفس مثالنا السابق - أي مثال الحيوان والقفص - غايته كنا نفترض أنهما معاً ملكان لشخص واحد والآن نفترض أن الحيوان ملك لشخص والقفص ملك لآخر ، ومثل القدماء بمثال آخر وهو ما إذا دخل رأس الدابة في قدرٍ ودار الأمر بين كسر القدر للتحفظ على الدابة وبين العكس والدابة ملك لشخصٍ والقدر ملك لآخر فهنا ماذا نصنع وأيهما يكون هو المقدم ؟
 وفي تحقيق هذا المطلب يقال:- هناك حالات ثلاث أيضاً:-
 الحالة الأولى:- أن يكون ذلك بفعل أحد المالكين.
 الحالة الثانية:- أن يكون ذلك بفعل شخصٍ ثالث.
 الحالة الثالثة:- أن يكون ذلك بعاملٍ طبيعي بأن جاء الحيوان ودخل في القفص فلم يمكن إخراجه.