الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

34/03/25

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع / التنبيه السابع / تنبيهات / قاعدة لا ضرر / العلم الإجمالي / أصالة الاشتغال / الأصول العملية.
 التفسير الثالث:- وهو للسيد الخوئي(قده) فإنه فسّر الحكومة بالنظر حيث قال:- ( إن كل دليلين يكون بينهما تنافٍ إن لم يكن أحدهما ناظر إلى الآخر فهذا هو التعارض ..... وأما إن كان أحدهما ناظراً إلى الآخر فهو حاكم عليه ومبين للمراد منه ) [1] ، إذن هو قد فسر الحكومة بالنظر ، ولكن حينما وصل إلى نكتة تقدّم الحاكم ذكر نفس ما ذكره الشيخ النائيني(قده) في نكتة التقديم ، يعني أنه قال إن الحاكم يبيّن أن هذا فرد من الموضوع أو ليس فرداً منه وهذا لا يتنافى مع دلالة المحكوم فإن المحكوم يقول ( الربا حرام ) - يعني الحرمة أن ثابتة للربا - أما متى يصدق ربا وأين ؟ فهو ساكت عن ذلك والحاكم يبيّن أن هذا فردٌ أو ليس بفردٍ فلا منافاة بينهما ، إن نفس هذه النكتة التي ذكرها الشيخ النائيني(قده) لتقدم الحاكم ذكرها السيد الخوئي(قده) [2] من هنا قلنا سابقاً إن البعض يظهر منه أن الحكومة ليست هي نفس النكتة الموجبة للتقديم بل يذهب إلى أن الحكومة هي شيء آخر غير نكتة التقديم كما هو الظاهر من كلام السيد الخوئي(قده) . وغريب من السيد الشهيد(قده) حيث جعل الحكومة بأنها عبارة عن نفس النكتة الموجبة للتقديم - وهي النظر - والحال أن السيد الخوئي(قده) يصرّح بالفرق.
 وعلى أي حال إن السيد الخوئي(قده) قد التفت إلى أن هذه النكتة للتقديم تختص بما إذا كان الحاكم حاكماً على الموضوع أي موضوع الدليل المحكوم ولا تعمّ ما إذا كان حاكماً على المحمول والحكم مثل حديث لا ضرر فإنه ينفي الحكم الضرري ولا يتصرف في موضوع أدلة الأحكام الأولية بتوسعةٍ أو تضييقٍ وإنما ينفي الحكم الضرري في حالة الضرر فنحتاج إذن إلى نكتة أخرى لتقدم الحاكم على المحكوم - يعني في حالة كون الحاكم حاكماً على المحمول -.
 وبكلمة أخرى:- إذا كان الحاكم حاكماً على الموضوع فنكتة التقدّم ما سبق - أي ما أشار إليه الشيخ النائيني ووافقه السيد الخوئي - أما إذا كان حاكماً على المحمول والحكم فنحتاج إلى نكتة أخرى.
 وفي هذا المجال ذكر السيد (قده) نكتة جديدة لتقدم الحاكم - مثل لا ضرر على أدلة الأحكام الألية - حيث ذكر في هذا المجال أن حجيّة إطلاق دلالة المحكوم - أعني الأدلة الأولية - قد أخذ في موضوعها الشك في المراد الجدّي وحيث إن الحاكم يوضّح المراد الجدّي وأن الحكم الأوّلي ليس وسيعاً بحيث يشمل حالات الضرر فقد ارتفع الشك إذن في المراد الجدّي فتسقط دلالة المحكوم عن الحجيّة - أي في الاطلاق -.
 وبكلمة أخرى:- المحكوم بمقتضى اطلاقه - مثل دليل وجوب الوضوء ( يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم .. ) - يقول إن الحكم بوجوب الوضوء ثابت في حال عدم الضرر وفي حال الضرر معاً وهذا الاطلاق حجّة في كشفه عن المراد الحدّي وأنه مطلقٌ ولكن هذه الحجيّة متى يجعلها العقلاء للإطلاق ؟ انهم يجعلونها فيما إذا كان الشخص شاكاً بالمراد الجدّي فيكون الطريق لتشخيص المراد الجدّي هو الاطلاق ، أما إذا اتضح المراد الجدّي وأنه ليس وسيعاً ولا يعمّ حالة الضرر فالحجيّة التي جعلها العقلاء للإطلاق سوف ترتفع حينئذٍ إذ قد اتضح المراد الجدّي فإن الاطلاق يتمسكون به عند الشك في المراد لا ما إذا كان المراد واضحاً وعرفنا أنه ضيّق ولا يشمل مورد الضرر ، والحاكم حيث أنه يوضّح المراد الجدّي فترتفع حجيّة الاطلاق وإذا ارتفعت حجيّته فهذا معناه ولازمه أن وجوب الوضوء المحكوم سوف يكون مختصّاً بحالة عدم الضرر ، فالوضوء واجب في حالة عدم الضرر والاطلاق حينئذ لا يمكن التمسك به إذ لا شك في المراد الجدّي بل يوجد علمٌ بأنه ضيّق ولا يشمل حالة الضرر ، وهذا نتيجته تقدم الحاكم على المحكوم.


[1] أجود التقريرات ج2 ص541.
[2] فلاحظ أجود التقريرات ج2 ص542.