الموضوع / التنبيه السادس / تنبيهات / قاعدة لا ضرر / العلم الإجمالي / أصالة الاشتغال / الأصول العملية.
وثالثاً:- إنا لنسلم أن الإقدام على الضرر دوري لو أريد من الضرر الفعلي - أي الثابت بالفعل في حق المكلف أي الغسل الثابت وجوبه بالفعل في حق المكلف - فلو كان هذا هو المقصود فالحق مع الشيخ الخراساني(قده) ، يعني أنه يلزم الدور كما قال لأن اقدامي على الغسل الواجب بالفعل فرع وجوب الغسل بالفعل شرعاً ووجوبه بالفعل فرع عدم جريان لا ضرر وإلا رفعته وعدم جريان لا ضرر فرع الإقدام على الضرر فيلزم الدور .
ولكن نحن نقول:- إن المانع من تطبيق لا ضرر ليس هو الإقدام على الغسل الواجب بالفعل شرعاً وعلى ما يكون ضرراً بالفعل في حق المكلف وإنما هو الإقدام على ما يكون ضرراً بقطع النظر عن حديث لا ضرر ، فالضرر الثابت بقطع النظر عن حديث لا ضرر يكون الإقدام عليه مانعاً من تطبيق الحديث كما هو الحال في مقامنا فإنه بقطع النظر عن الحديث هناك وجوب الغسل ثابت في حق المكلف - وأأكد بقطع النظر عن حديث لا ضرر - والاقدام على هذا الغسل الذي هو واجب بقطع النظر عن لا ضرر هو يكون مانعاً من تطبيق لا ضرر ، وهذا الإقدام ليس دورياً والوجه في ذلك واضح فإن الإقدام بهذا المعنى فرع ثبوت وجوب الغسل في الشريعة بقطع النظر عن لا ضرر وهذا ثابت فإنه بقطع النظر عن لا ضرر لا إشكال في وجوب الغسل على المجنب ولا يلزم من هذا الإقدام دور ولا يكون هذا الإقدام فرع عدم جريان حديث لا ضرر ، كلا ثم كلا فإن الذي يكون فرعاً على عدم جريان لا ضرر هو الإقدام على الغسل الواجب بالفعل شرعاً.
يبقى من حقك أن تسأل وتقول:- كيف جعلنا الإقدام المانع من تطبيق لا ضرر هو الإقدام بهذا المعنى لا بذاك المعنى - أي الاقدام على الغسل الواجب بقطع النظر عن لا ضرر وليس هو الإقدام على الغسل الواجب بالفعل والآن - ؟
أجبت:- إن حديث لا ضرر ينفي أي ضرر ؟ إنه ينفي الضرر الثابت بقطع النظر عن نفسه فأي ضرر يكون ثابتاً بقطع النظر عن نفسه -أي نفس حديث لا ضرر - يأتي الحديث ويرفع ذلك الضرر وهذا من المطالب الواضحة مثل الغسل لولا حديث لا ضرر يكون ضررياً في حق المريض فهناك ضرر في وجوب الغسل بقطع النظر عن حديث لا ضرر فيأتي الحديث ويرفع هذا الضرر - أي يرفع هذا الوجوب - ، إن هذا هو مفاد حديث لا ضرر ، وعليه فالإقدام الذي يمنع من تطبيق حديث لا ضرر هو الإقدام على هذا النحو من الضرر فإن الإقدام عليه يحول دون تطبيق الحديث إذ أنت قد أقدمت على هذا الضرر فلا يرفعه الحديث.
والخلاصة:- إن الشيخ الخراساني كأنه اعتقد أن حديث لا ضرر يرفع الضرر الفعلي - أي حتى بلحاظ نفسه - والحال أن هذا لا معنى له بل هو يرفع الضرر الثابت بقطع النظر عن نفسه وهذا من الأمور الواضحة ، وإذا كان كذلك فكل إقدام على الضرر الذي يكون من هذا القبيل يكون مانعاً من تطبيق الحديث ، وعلى هذا الاساس فالإقدام المانع من تطبيق حديث لا ضرر ليس هو الإقدام على الضرر الفعلي والغسل والواجب بالفعل شرعاً حتى يقول الشيخ الخراساني أنه دوري ، كلا بل الإقدام المانع من تطبيق حديث لا ضرر هو الاقدام على الضرر الثابت بقطع النظر عن حديث لا ضرر وهذا الإقدام ليس دوري بل الدوري هو ذاك كما هو واضح ، وهذه نكتة ظريفة يجدر الالتفات إليها وهي الأساس لحل الدور الذي أشار إليه(قده).