الموضوع / التنبيه الخامس / تنبيهات / قاعدة لا ضرر / العلم الإجمالي / أصالة الاشتغال / الأصول العملية.
وأما إذا كان عن تمرد:- فيمكن التمسك بفقرة ( لا ضرار ) أيضاً وذلك بالبيان الذي أشرنا إليه سابقاً وحاصله:- إن فقرة ( لا ضرار ) تنفي الضرار أي تنفي كل حق أو كل حكم شرعي يستفيد منه صاحبه في الاضرار بالآخرين فإن الشارع وإن جعل حقاً للزوج ولكن إذا فرض أنه تمرد بلحاظ هذا الحق وأخذ يسيء الاستفادة منه فـ( لا ضرار ) ترفع الضرار ولازم ذلك انتفاء هذا الحق إذ من دون انتفاءه يبقى هذا الزوج يتمرد بسبب هذا الحق وحينئذ بما أنه في عقد الزواج لا نحتمل أن العقد يزول من نفسه فلابد وأن تنتهي النوبة إلى الولاية - أي ولاية الحاكم الشرعي أو ولاية الزوجة - ونحن فيما سبق قلنا إنه يمكن أن نعيِّن ثبوت الولاية للحاكم من باب أنه هو الأعرف بلزوم الضرر وعدمه مضافاً إلى أنه حتى لا يلزم الفوضى وهذا شيء جيد.
ولكن يمكن أن نضيف شيئا آخر:- وذلك بالعمل من خلال الاحتياط بأن يطلق الحاكم بعد كسب الوكالة من الزوجة فحينئذ يجري الطلاق ، بل لا حاجة إلى كسب الوكالة فإن الزوجة هي التي جاءت إلى الحاكم وطالبت بتخليصها وهذا بنفسه منح للوكالة له وعلى هذا الأساس يتمكن الحاكم أن يطلق غايته أنه ينوى الأعم من الوكالة والأصالة.
والخلاصة:- إنه في حالات التمرد يمكن أن نستفيد من فقرة ( لا ضرار ) ، بل ذكرنا سابقاً أن نفس أمر النبي صلى الله عليه وآله بقوله ( اذهب واقلعها ) معللا بحيث نفي الضر والضرار يدل على أن الحاكم - الذي كان مصداقه في تلك الفترة هو النبي - له الولاية على ذلك بلا حاجة إلى هذا التطويل فابتداءً نقول:- إنه في كل مورد يكون للشخص حق وهو يتمرد ويسيء الاستفادة منه ويضرّ بالآخرين بلا امكانية الوقوف أمامه كما كان يصنع سمرة فحينئذ يسقط حقّه ويحق للحاكم إعمال ولايته تمسكاً بفعل الرسول صلى الله عليه وآله ، إنه طريق جديد يمكن الأخذ به . فالحاكم إذن يمكنه أن يطلق الزوجة مادام الزوج يتمرد فهذا حينئذ يمكن أن نقول إن فعل النبي تمسكاً بالحديث يستفاد منه العمومية . نعم لو لم يكن النبي علل بحديث ( لا ضرر ولا ضرار ) لكنّا نحتمل أن هذه قضية خاصة به أما بعد أن أمر بالقلع معلّلا بهذا فنستفيد منه الجواز لكل حاكم شرعي.
وأما بالنسبة إلى المقام الثاني - أعني الروايات:- فتوجد في المسألة روايتان لعله يستفاد منهما وهما:-
الرواية الأولى:- ما رواه الشيخ الصدوق بإسناده عن ربعي بن عبد الله والفضيل بن يسار جميعاً عن أبي عبد الله عليه السلام
( في قوله تعالى " ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله " قال:- إن أنفق عليها ما يقيم ظهرها مع كسوة وإلّا فرق بينهما )
[1]
فإن قرئت بنحو المبني للمعلوم ( فَرَّقَ بينهما ) فمن الواضح كون المقصود هو والي المسلمين وإذا فرض أن المقصود هو ( فُرِّق بينهما ) فهذا من المحتمل أن يكون خصوص الحاكم ومن المحتمل أن يكون عدول المؤمنين والقدر المتيقن هو الحاكم الشرعي فعادة النتيجة نفسها.
الرواية الثانية:- صحيحة أبي بصير
( سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول:- من كانت عنده امرأة فلم يكسها ما يواري عورتها ويطعمها ما يقيم صلبها كان حقّاً على الامام أن يفرق بينهما )
[2]
، ولعله توجد روايات أخرى بهذا المضمون وهي أيضا تدل أنه في حالة عدم انفاق الزوج يتمكن الإمام - يعني ولي المسلمين ومنه الحاكم الشرعي في زماننا - أن يتصدى للتفرقة بينهما.
هذا وأشكل الشيخ النائيني(قده)
[3]
بإشكالين:-
[1]
الوسائل21 509 1 من النفقات ح1.
[2]
المصدر السابقح2.
[3]
رسالة لا ضرر 420 ، 421.