الموضوع / التنبيه الثالث / تنبيهات / قاعدة لا ضرر / العلم الإجمالي / أصالة الاشتغال / الأصول العملية.
الأمر الثاني:- أن يقال:- إن البائع قبل أن ينقل العين إلى المشتري يوجد له حقان الأول هو حق نقل العين وعدم نقلها فكل إنسان من حقه أن ينقل ما عنده إلى الغير أو لا ينقله - أي من حقه أن يبيع ومن حقه أن لا يبيع - وله حق ثانٍ هو أنه من حقه إرجاع العين التي نقلها ومن حقه أيضاً عدم إرجاعها . إذن هناك حق في نقل العين وهناك حق آخر وهو حق التراجع عن النقل والاستمرار ، وحينما يقول البائع ( بعت ) يكون قد نقل العين الى المشتري ونقل أيضاً حق الإرجاع إليه غايته استفدنا نقل العين بالمطابقة واستفدنا نقل حق الارجاع بالالتزام فصار حق الإرجاع ثابتاً للمشتري وانتقل من البائع اليه ولذلك يصير المشتري هو صاحب الحق وبالتالي يتمكن أن يقيل البائع لو طلب البائع الإقالة منه وله الحق في أن لا يقيل فإن حق الإرجاع حينما انتقل إلى المشتري يصير زمام الأمر بيده ، هذا من طرف البائع.
وهكذا الحال من طرف المشتري فإن له حق نقل الثمن كما أن له حق التراجع عن النقل وهو قد أثبت كلا هذين الحقين إلى البائع .
فإذا قبلنا بهذا المطلب وقلنا إنه مطلب وجداني عرفي ارتكازي مسلّم فحينئذ نضم مقدمة يتم بها المطلب وهي أن يقال:- إن الحق الثاني حينما نقله البائع إلى المشتري فقد صار العقد بذلك لازماً وصار زمام التراجع بيد المشتري ، وحيث أن هذا يلزم منه الضرر في حالة كون البائع جاهلاً بالغبن أو بالعيب فيكون حينئذ مرفوعاً - يعني لكي لا يلزم تضرر البائع يرتفع عنه هذا اللزوم - وبالتالي يبقى هذا الحق الثاني من دون انتقال إلى المشتري وإذا بقي من دون انتقال فتصير النتيجة هي أنه يجوز للبائع أن يفسخ في حالة العيب أو الغبن وأن لا يفسخ فإن هذا الحق لم ينتقل إلى المشتري ببركة حديث لا ضرر لأن انتقاله يوجب الضرر فإذا لم ينتقل بقي لدى البائع وبالتالي يكون مخيراً بين أن بهذا الانتقال أو أن يفسخه .
والخلاصة:- إنّا جمعنا بين المطلبين ، أي بين كون المستند هو حديث لا ضرر وبين أنه اثبتانا في نفس الوقت أنه في حالة الجهل يكون من حق البائع الفسخ ومن حقه الرضا وعدم الفسخ لما أشرنا إليه ، وهو مطلب ظريف جداً.