الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

33/11/03

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع / قاعدة لا ضرر / العلم الإجمالي / أصالة الاشتغال / الأصول العملية.
 نكات الشيخ النائيني(قده):- ذكرنا فيما سبق أن الشيخ النائيني وافق شيخ الشريعة على أصل الفكرة التي ذكرها وهي أن ذكر حديث ( لا ضرر ) إلى جنب حديث الشفعة هو من باب الجمع في مقام النقل بين حديثين مستقلين وقد استند شيخ الشريعة إلى ما سبق من بيان ، وقبل الشيخ النائيني ذلك البيان وذكره أيضاً في رسالته المسماة بـ( رسالة لا ضرر ) ولكنه أضاف ثلاثة وجوه أخرى:-
 الوجه الأول:- إن قضاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم في مسألة الضرر وأنه قال ( لا ضرر ولا ضرار ) هو من الأقضية المشهورة المعروفة المسلمة وقد نقلها الفريقان ، وعليه فنقول:- إن مثل هذا القضاء لابد وأن يكون منقولاً عندنا معاشر الإمامية فلو كان حديث ( لا ضرر ) الذي ذكر إلى جنب حديث الشفعة حديثاً مستقلاً وقد جمعهما الراوي صدق إذن أن حديث ( لا ضرر ) قد نقله الإمامية كقضاءٍ من أقضية النبي صلى الله عليه وآله ، وأما لو فرض أنه كان ذيلاً وحكمةً وعلّة لثبوت الشفعة فسوف لا يكون منقولاً لدى الشيعة كقضاءٍ مستقلٍ [1] . وعلى هذا الأساس إذا فرض أنه كان ذيلاً لحديث الشفعة وعلّة وحكمة فسوف لا يكون منقولاً لدى الشيعة كقضاءٍ من أقضية النبي صلى الله عليه وآله بينما لو كان ليس بذيلٍ وإنما الراوي أتى به ووضعه هنا وجعله كذيلٍ لحديث الشفعة فسوف يصدق أن معاشر الإمامية نقلوا هذا القضاء في كتبهم وأن عقبة قد نقل هذا القضاء عن النبي صلى الله عليه وآله.
 وفيه:-
 أولاً:- سلمنا أن هذا القضاء من الأقضية المشهورة المسلّمة ولكن من قال أنه صدر من النبي صلى الله عليه وآله بشكل مستقل ؟ فنحن نسلم بأصل الصدور أما الصدور بقيد أن يكون مستقلاً فهو أول الكلام.
 وبكلمة أخرى:- نحن نجزم بأن النبي صلى الله عليه وآله تفوّه بحديث ( لا ضرر ولا ضرار ) أما أنه تفوّه به بشكلٍ مستقلٍ فهذا ليس بثابتٍ وإنما الثابت هو أصل التفوّه ولو بنحو الذيلية . إذن كون حديث ( لا ضرر ) ذيلا لا يتنافى مع كون هذا القضاء من الأقضية المسلمة الصادرة من النبي صلى الله عليه وآله إذ الصدور الجزمي ليس هو الصدور بنحو الاستقلال فان هذا لم يثبت بل هو أول الكلام بل الثابت هو أصل الصدور هو من المسلمات.
 وثانياً:- سلمنا ان هذا الحديث صدر من النبي صلى الله عليه وآله بشكلٍ مستقلٍ ولكن من قال إن عقبة كان قد التزم أن ينقل الأقضية المستقلة ؟ فأنه لو ثبت أنه ملتزم بنقل جميع الأقضية المستقلة وقال ( أنا أنقل جميع الأقضية المستقلة ) فنعم يتم ذلك إذ أنه بعد التزامه بذلك يلزم أن يكون الحديث ليس ذيلاً وإلّا لم يكن مستقلاً ولكن عقبة لا يوجد عنده هذا التزام ، فإذن كيف نثبت أن الحديث المذكور ليس ذيلاً وإنما وقع في هذا المورد بهذا الشكل اشتباهاً من عقبة ؟
 الوجه الثاني:- إن حديث لا ضرر يشتمل على يشتمـل علـى فقرتيـن فقـرة ( لا ضـرر ) وفقـرة ( لا ضرار ) وما هو الضرار ؟ يأتينا انشاء الله تعالى بأن الضرار هو إما الإصرار على الضرر فمن يصرّ على إضرار الآخرين مرة بعد أخرى يعبّر عنه بالضرار أو هو عبارة عن قصد الإضرار يعني أنه قد أخذ عنوان ومفهوم القصد والتعمد في ادخال الضرر.
 وحينئذ نقول:- أما بالنسبة إلى فقرة ( لا ضرر ) فيمكن أن نوجّه ارتباطها بحديث الشفعة بشكل وآخر فيقال:- لو لم تثبت الشفعة للزم من ذلك الضرر على الشافع ، فيكون هناك وجه مناسبة لذكر ( لا ضرر ) كذيلٍ لحديث الشفعة . ولكن الكلام في الفقرة الثانية وهي فقرة ( لا ضرار ) فانها لا ترتبط بالشفعة من قرب ولا من بعد إذ الضرار كما قلنا يحتمل أحد معنيين والشريك حينما يبيع حصته ليس لديه إصرار على الضرر مرة بعد أخرى فانه إن كان هناك ضرر منه فهو ضرر لمرة واحدة كما أنه ليس له قصد الإضرار بل قصد تحصيل الأموال دون الاضرار بالشريك الآخر ، إذن ذكر الفقرة الثانية لا يكون له ربط بمسألة الشفعة وهذا مما يكشف عن أن حديث ( لا ضرر ) ذكر بعد مسألة الشفعة من باب الجمع بين حديثين مستقلين لا أنهما صدرا من النبي صلى اله عليه وآله كذلك
 وفيه:- لعل الشاهد هو في الفقرة الأولى فالنبي صلى الله عليه وآله - أو الإمام الصادق عليه السلام - حينما ذكر حديث ( لا ضرر ) كان يقصد الفقرة الأولى لا الثانية وإنما ذكر الثانية من باب التتمة للقضاء الصادر وللقاعدة الشرعية الثابتة فان العاقل حينما يذكر قاعدة فإنه يذكرها بتمامها وإن كان الشاهد في بعض أجزائها ولكن ذكرها بتمام أجزائها وجيهاً ولعل المقام من هذا القبيل . إذن ذكر ( لا ضرار ) إلى جنب ( لا ضرر ) لا يكشف عن عدم الذيلية.


[1] وكلمة مستقل مني ولم يذكرها الشيخ النائيني.