الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

33/07/30

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع / قاعدة لا ضرر / العلم الإجمالي / أصالة الاشتغال / الأصول العملية.
 الوجه الثاني:- أن يدعى وجود سيرة عقلائية على أنه متى ما دار الأمر بين الزيادة والنقيصة فالعرف العقلاء يبنون على عدم الزيادة - يعني أن الزيادة قد وقعت في موقعها المناسب - إذن يدعى وجود سيرة من هذا القبيل من دون أن ندخل في الحساب عناصر أخرى - أي العناصر التي سنذكرها في الوجه الثالث والرابع من أن غفلة الإنسان عن الزيادة وذكر الزيادة أبعد من احتمال غفلته في جانب النقيصة كلا لا نستعين بهذه المقدمة وما شاكلها - بل نقصر النظر على هذا المقدار وهو أنه توجد سيرة عقلائية على الحكم بعدم الزيادة ، وحيث أن هذه السيرة لم يردع عنها فتكون حجّة.
 وهذا الوجه بهذا البيان ربما يظهر من شيخ الشريعة فانه ذكر في رسالته ما نصه ( وبناءً على القاعدة المطردة المسلّمة:- أن الزيادة إذا ثبتت في طريق قدّمت على النقيصة وحكم بوجودها في الواقع وسقوطها عن رواية من روى بدونها وأن السقوط انما وقع نسياناً أو اختصاراً ......... فينتج ما ذكر أن الثابت في قضية سَمُرَة هو قوله لا ضرر ولا ضرار على مؤمن لا هما مجردين ) [1] ، فهو(قده) طبّق هذه القاعدة بلحاظ قيد ( على مؤمن ) الذي ذكر في رواية ابن مسكان ولم يذكر في رواية ابن بكير ، وظاهره أنه هناك قاعدة عقلائية من هذا القبيل بقطع النظر عن مسألة أن الغفلة في احتمال الزيادة أبعد من احتمال الغفلة في النقيصة.
 وفيه:- لو سلمنا أن العقلاء توجد لديهم أحكام تعبدية - فانه يوجد كلام في أن العقلاء هل يوجد لديهم قضايا وأحكام وأصول تعبدية أو لا - فنقول حيث أن السيرة دليل لبّي فيقتصر فيها على القدر المتيقن والقدر المتيقن منها هو ما إذا دار الأمر بين الزيادة والنقيصة وتساوى الاحتمالان ولم يرجّح أحدهما على الآخر بسبب انضمام قرائن بأن كان هذا 50% وذاك 50% فهنا يمكن أن يدّعى وجود سيرة عقلائية على تقديم احتمال عدم الزيادة وأن الزيادة وقعت في موقعها المناسب ، أما إذا كانت القرائن تساعد على احتمال النقيصة وأن الكلمة المشكوكة ليست ثابتة فهنا لا يجزم بانعقاد سيرة عقلائية على أصالة عدم الزيادة ، وإذا رجعنا إلى مقامنا وجدنا أن احتمال النقيصة يمكن أن يكون هو الأرجح - أي نقيصة قيد ( على مؤمن ) مثلاً - فان قيد ( على مؤمن ) ورد في رواية ابن مسكان فقط وأما في رواية ابن بكير عن زرارة فلم يرد ذلك ، ولو اقتصرنا على هذا المقدار فهناك تساوٍ بين الاحتمالين ويتم ما اراده شيخ الشريعة(قده) ، ولكن لو نظرنا إلى جنب ذلك إلى رواية عقبة ابن خالد في باب الشفعة وروايته الأخرى في المنع من فضل الماء فانه في هاتين الروايتين ذكر حديث لا ضرر ولا ضرار من دون قيد ( على مؤمن ) ، إذن توجد ثلاث روايات - هذا إذا لم يُضم إليها مرسلة الشيخ الطوسي أو مرسلة الشيخ الصدوق - لم تذكر قيد ( على مؤمن ) ورواية واحدة وهي رواية ابن مسكان ذكرته فهنا من قال ان العقلاء يبنون على أصالة عدم الزيادة ؟! ان السيرة العقلائية هي دليل لبّي والقدر المتيقن هو ما إذا تساوى الاحتمالان دون ما إذا رجّح احتمال النقيصة وهنا احتمال النقيصة أرجح لما أشرنا إليه.


[1] رسالة لا ضرر 12.