الموضوع / الدوران بين الأقل والأكثر / تنبيهات / العلم الإجمالي / أصالة الاشتغال / الأصول العملية.
وفيه:- ان الأصل بلحاظ الطرف الأول قابل للجريان من دون معارضة بالأصل في الطرف الثاني ، أي نسلم أنه اذا كانت الجزئية ثابتة واقعاً فيجب قصد الجزئية وعند الشك يجري أصل البراءة انه شيء وجيه ، وهذا بخلافه في الطرف الثاني فانه لا يمكن اجراء البراءة عن حرمة قصد الجزئية فان قصد الجزئية حرامٌ جزماً حتى لو كانت السورة واجبة واقعاً فضلاً عما اذا لم تكن واجبة ، والوجه في ذلك هو أنه ما دام المكلف لا يجزم بالجزئية فيكون قصدها تشريعاً محرَّماً من دون فرق بين أن تكون جزءاً واقعاً أو لا فان عدم الجزم بجزئيتها يكفي لتحقق عنوان التشريع لو قصدت الجزئية ، فالحرمة تكون ثابتة بنحو الجزم ولا معنى لا جراء أصل البراءة .
اذن اجراء أصل البراءة عن وجوب قصد الجزئية - الذي هو الاحتمال الأول - شيء وجيه ، فنحن نشك في كون السورة جزءاً وبالتالي نشك في وجوب قصدها فنجري أصل البراءة عن وجوب قصدها انه شيء وجيه ، وأما اجراء الأصل بلحاظ الطرف الثاني الذي نتيجته عدم حرمة قصد الجزئية فهو لا يجري . اذن قصد الجزئية نعلم بحرمته تفصيلاً حتى لو كانت السورة واجبة واقعاً لفرض أن ذلك تشريع محرَّم فلا معنى لجريان الأصل الثاني فيبقى الأصل الأول جارياً بلا معارض.
نعم قد تقول:- اني لا أقصد من اجراء الأصل الثاني ان ادعي أنه لا يحرم قصد الجزئية حتى تقول ان قصد الجزئية حرامٌ بنحو الجزم ، وانما أقصد من وراء اجراء هذا الأصل الثاني أن أدعي أنه يجوز الاتيان بالصلاة مع السورة بقصد احتمال المطلوبية ورجاء الوجوب وليس بنيَّة الوجوب.
قلت:- اذا كنت تقصد هذا فلا معنى لجريان الأصل أيضاً فان هذا يُجزَم بجوازه ولا تحتمل حرمته حتى نحتاج الى اجراء الأصل.
اذن على كلا التقديرين لا معنى لجريان الأصل لوجود اليقين غايته على التقدير الأول يوجد يقين بالحرمة وعلى التقدير الثاني يوجد يقين بالجواز.