الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

33/02/24

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع / التنبيه الثالث / تنبيهات / العلم الإجمالي / أصالة الاشتغال / الأصول العملية.
  وفيه:- ان هناك قضية فنية جانبية لا بأس بالالتفات إليها وهي:- انه كان بإمكان الشيخ النائيني(قده) أن يختصر هذا البيان بالشكل التالي:- المخالفة القطعية ليست حراماً لعدم إمكانها - وهذا ما ذكره - ثم يقول:- وإذا لم تحرم المخالفة القطعية لم تجب الموافقة القطعية بالأولوية ، وهذا اختصار واختزال وبالتالي هو بيان وطريق ثانٍ.
 وبعد تجاوز هذا المطلب نقول:- ان ما ذكره يبتني على خلاف أشرنا إليه فيما سبق وهو أن حرمة الشيء تتوقف على إمكان فعله و لا تكفي القدرة على الترك من دون قدرة على الفعل ، أما إذا قلنا يكفي في تحريم الشيء القدرة على الترك وان لم يكن الفعل مقدوراً - غايته يلزم محذور الاستهجان وهو يندفع بكون الخطابات الشرعية ليست خطابات شخصية - فسوف تكون المخالفة القطعية محرمة رغم عدم إمكان فعلها ، انه لو تجاوزنا عن هذا وتجاوزنا عن كفاية العلم بالمبغوضية في ووجوب الاجتناب ، أما لو اكتفينا بذلك فسوف يثبت تعارض الأصول لأنه بالتالي سوف يؤدي جريانها إلى الترخيص في المبغوض ، ولا نعبِّر بالرخيص في الحرام لأن الحرمة قد ارتفعت مثلاً لعدم القدرة على الفعل ولكن نعبِّر بأنه سوف يؤدي جريان الأصول إلى ارتكاب المبغوض والمبغوضية لا تتوقف على القدرة على الفعل ، انه لو تجاوزنا عن هذا وهذا فيمكن أن نشكل على الشيخ النائيني(قده) ونقول:- انك قلت ان وجوب الموافقة القطعية فرع تعارض الأصول وتساقطها وهذا التعارض يحصل بسبب حرمة المخالفة القطعية وحيث لا حرمة للمخلفة فلا تعارض بين الأصول ، ونحن نقول:- ان الأصول لا تجري بقطع النظر عن مسألة لزوم الترخيص في المخالفة القطعية وذلك لما أشرنا إليه سابقاً من أن أدلة الأصول منصرفة عرفاً وعقلائياً عن الأطراف التي يعلم بوجود الحرام فيها فان العرف يرى المناقضة بين العلم بوجود الحرام في بعض الأطراف ويبن الترخيص في جميعها ، نعم هو يتقبل أن يأتي نص خاص ويقول ( إذا كان لديك أطراف وتعلم بوجود حرامٍ فيها فأنت مرخَّص في ارتكاب جميعها ) انه يتقبل مجيء نص خاص ولكن المفروض في مقامنا عدم وجود نص خاص وإنما يوجد إطلاق ، أي من قبيل ( كل شيء لك حلال حتى تعرف انه حرام ) وما شاكل ذلك وهذا الإطلاق نريد أن نجعله شاملاً للشبهة المقرونة بالعلم الإجمالي ، ان العرف هنا يرى انصراف هذا الإطلاق إلى الشبهة البدوية فان الترخيص في جميعها يناقض العلم بحرمة واحد منها
 إذن المعارضة بين الأصول والتساقط لا يتوقف على أن تكون المخالفة القطعية محرَّمة بل يكفي لإثبات ذلك دعوى الانصراف بالبيان الذي ذكرناه.