الموضوع
/ التنبيه الثاني / تنبيهات / العلم الإجمالي / أصالة الاشتغال / الأصول العملية.
هذا ما ذكره الشيخ النائيني(قده) في دوراته الأصولية السابقة ، ولكنه بعد لك - أي في دورته الأخيرة أعني أجود التقريرات وما قبلها أعني دورة فوائد الأصول - قد عدل عن ذلك.
إذن نحن حينما نسبنا هذا إلى التقريرين فمقصودنا هو أنه قد أشير إليه هناك بعنوان التبني في الدورات السابقة وإلا فهو (قده) قد تراجع عنه.
وعلى أي حال يمكن أن يشكل على التمسك بقاعدة الاشتغال:- بأنها تتم فيما لو فرض أن الحكم السابق المتيقن كان حكماً شخصياً معيَّناً نشك في سقوطه بعد اليقين بثبوته كما لو دخل وقت الظهر فقد حدث وجوب صلاة الظهر جزماً ولو شككنا بعد ذلك في الامتثال فسوف نشك في سقوط ذلك التكليف المعين الشخصي فيحكم العقل بلزوم الامتثال من جديد ، وأما لو لاحظنا مقامنا فالتكليف فيه ليس كذلك أي ليس التكليف واحداً شخصياً معيَّناً جُزِم بثبوته ثم شُكَّ في سقوطه ، كلا ان الأمر ليس كذلك بل ان النجاسة ان كانت في الإناء المضطر إليه فقد حدث وجوب اجتناب عنه جزماً - يعني قبل الاضطرار - ويقال هذا الإناء الاول اجتنب عنه ولكنه سقط جزماً لفرض الاضطرار ، فهو على تقدير حدوثه يُجزَم بسقوطه لا أنه يُشَكُّ في سقوطه حتى تُطبَّق قاعدة الاشتغال اليقيني ، وأما إذا كانت النجاسة في الإناء الثاني فقد حدث وجوب الاجتناب عنه جزماً - يعني على تقدير حدوث النجاسة - ولكن هذا الوجوب باق جزماً إذ لا اضطرار بلحاظه .
إذن هناك وجوبان مرددان أحدهما يُجزَم بسقوطه على تقدير حدوثه والآخر يُجزَم ببقائه على تقدير حدوثه وبالتالي لا يوجد وجوب واحد يُجزَم بحدوثه ويشك في سقوطه حتى تُطبَّق قاعدة الاشتغال اليقيني فان موردها هو ما لو جُزِم بحدوث التكليف وشُكَّ في سقوطه وهذا يتم لو كان التكليف واحداً معيناً شخصياً كما في مثال صلاة الظهر الذي أشرنا إليه . إذن مقامنا ليس من مصاديق القاعدة المذكورة.
ومنه يتضح الحال فيما لو أريد التمسك بالاستصحاب - الذي هو الوجه الثاني - إذ يجاب:- انك نستصحب ماذا ؟
هل تستصحب الوجوب الاول المتعلق بالإناء الاول ؟ وهو نَجزِم بسقوطه على تقدير حدوثه فلا يجري الاستصحاب فيه لنكتتين إحداهما أنه يُجزَم بارتفاعه على تقدير حدوثه ، والثانية انه لا جزم بحدوثه حتى يستصحب .هذا لو أريد استصحاب الوجوب الاول.
ولو أراد استصحاب الوجوب الثاني المتعلق بالإناء الثاني فهو نجزم ببقائه على تقدير حدوثه فلا يجري الاستصحاب فيه لنكتتين أيضاً إحداهما عدم الجزم بحدوثه والثانية الجزم ببقائه على تقدير حدوثه ، وليس لك إلا أن تقول نستصحب الكلي الذي هو من القسم الثاني من استصحاب الكلي الذي يمثل له بمثال الحيوان المردد بين البقِّ والفيل فيقال لا نستصحب البقَّ حتى يقال نجزم بارتفاعه على تقدير حدوثه ولا الفيل حتى يقال نجزم ببقائه على تقدير حدوثه بل نستصحب كليّ الحيوان فيصح أن يقال ( نجزم بحدوث كلي الحيوان ونشك في بقاء ذلك الكلي ) فنوجه نظرنا إلى الكلي ، وهنا أيضاً كذلك ، يعني نوجه نظرنا إلى الكلي - أي كلي وجوب الاجتناب - فيقال هناك وجوب اجتناب قد حدث جزماً عن الإناء وذلك الذي حدث جزماً نشك بارتفاعه ولو بسبب تردده بين الفردين ، يعني بالتالي لنا شك في بقاءه فيستصحب بقاءه . هكذا قد يقال.