الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

42/11/17

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة ( 111 ) تلف الحيوان في فترة الخيار من مال بائعه، مسألة ( 112 ) حكم طرو العيب على الحيوان بتفريطٍ من المشتري أو مع عدم تفريطه - الخيار الثاني ( خيار الحيوان ) - الفصل الرابع ( الخيارات ).

وربما يضاف إلى ذلك رواية ثالثة:- وهي رواية الحين بن علي بن رباط، وسندها ( الشيخ بإسناده عن الحسين بن سعيد عن الحسن بن علي بن فضّال عن الحسن بن علي بن رباط عمّن رواه عن أبي عبد الله عليه السلام ) وطريق الشيخ إلى الحسين بن سعد تام، والحسين بن سعيد فهو الأهوازي وهو من أجلة أصحابنا، والحسن بن فضّال فطحي ولكنه ثقة، ولكن المشكلة هي وجود إرسالٍ في السند، ولكن يمكن التغلّب على مشكلة الارسال، وذلك لوجود طريقٍ آخر لا يوجد فيه إرسال، وهو ما رواه الشيخ الصدوق حيث نقل هذه الرواية بسندٍ آخر وهو:- ( الصدوق بإسناده عن ابن فضّال عن الحسن بن علي بن رباط عن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام )، وطريق الصدوق إلى ابن فضّال معتبر، كما لا يوجد فيه إرسال، وإذا كانت هناك مشكلة فهي من جهة أخرى، ونصّ الرواية:- ( عن أبي عبد الله عليه السلام قال:- إن حدث بالحيوان حدثٌ قبل ثلاثة أيام فهو من مال البائع ) [1] ولكن لم ترد كلمة ( حدث ) في الرواية التي نقلها صاحب الوسائل، وإنما الموجود هو ( قال:- إن حدث في الحيوان قبل الثلاثة أيام فهو من مال البائع )، وهذا سقطٌ في الرواية حتماً، ويؤكد ذلك ما ورد في التهذيب والفقيه فإن كلمة ( حدث ) موجودة فيهما.

ودلالتها واضحة على المطلوب، يعني إذا حدث في الحيوان حدث في الأيام الثلاثة - كما لو مات الحيوان - كان ضمانه على البائع، وربما يستفاد من هذه الرواية التي قالت ( من مال البائع ) ومن الروايات الأخرى فساد العقد وبطلانه بشكلٍ قهري.

فإذاً هذه الرواية تضاف إلى الروايتين السابقتين.

ولكن توجد فيها مشكلة:- حيث ورد في سندها الحسن بن علي بن رباط وهو لم يذكر بتوثيق، وعليه سوف تكون الرواية محل إشكال من هذه الناحية، ولا توجد عندنا قاعدة تقول ( كل من روى عن الحسن بن علي بن فضّال فهو ثقة )، وإنما هذه القاعدة واردة في حق بعض الرواة ولم ترد في حق ابن فضّال، إلا أن يقول قائل إنَّ ابن فضّال رجلٌ معروفٌ بالزهد والتقوى والتديّن وإن كان فطحياً فكيف يروي عن ابن رباط إذا لم يكن ثقة، ولكن نقول:- إنَّ هذا ليس كلاماً علمياً يمكن الاستناد إليه، نعم الإكثار عن شخصٍ ربما يستفاد منه وثاقته، أما الرواية عنه مرة أو مرتين أو ثلاث فهذا لا ينفع.

فإذاً الرواية وإن كانت تامة الدلالة لكنها محل تأمل من حيث السند، ولكن هذا لا يعني أنها لا قيمة لها وإنما تبقى داعمة للروايتين المتقدمتين.

فإذاً الحكم بكون الضمان على البائع عند حدوث حدثٍ للحيوان في الأيام الثلاثة ثابت، أو بتعبيرٍ آخر يحصل الانفساخ القهري.

ومن خلال الروايتين المتقدمتين أو الثلاث نخرج بقاعدة: - وهي أنَّ تلف المبيع في زمان الخيار ممَّن لا خيار له، والمستند هو هاتان الروايتان أو الثلاث.

ولكن يمكن التوقف في ذلك: - باعتبار أنَّ الروايتين واحدة منهما واردة في خيار الشرط والأخرى واردة في خيار الحيوان، وكذلك الرواية الثالثة لو قبلناها فهي واردة في خيار الحيوان، ومعه كيف نعمّم الحكم لجميع أفراد الخيار، بل ينبغي قصر هذه القاعدة على خيار الشرط وخيار الحيوان ولا يمكن تعميمها إلى بقية الخيارات.

هذا ولكن جعلها المحقق في الشرائع عامة:- قال ما نصّه: - ( الخامسة:- إذا تلف المبيع قبل قبضه فهو من مال البائع وإن تلف بعد قبضه وبعد انقضاء الخيار فهو من مال المشتري، وإن كان في زمن الخيار من غير تفريط وكان الخيار للبائع فالتلف من المشتري وإن كان الخيار للمشتري فالتلف من البائع ) ، [2] فهو جعلها بلسان ( تلف المبيع في زمان الخيار ممّن لا خيار ).

ولم يبحث الشيخ الأعظم(قده) هذه القاعدة في خيار الشرط أو خيار الحيوان، وإنما بعد أن أتمّ الخيارات ذكر عنواناً وهو ( أحكام الخيار ) ثم بحثها فيه، قال ما نصه:- ( مسألة:- ومن أحكام الخيار كون المبيع في ضمان من ليس له الخيار في الجملة ).[3]

كما أنَّ السيد الماتن أشار إلى هذه المسألة مرّة أخرى في أحكام الخيار في مسألة ( 172 ) حيث قال إنَّ تلف المبيع في زمان الخيار والشرط يكون ضمانه على البائع.

مسألة ( 112 ):- إذا طرأ عيب في الحيوان من غير تفريط من المشتري لم يمنع من الفسخ والردّ، وإن كان بتفريطٍ منه سقط خياره.

........................................................................................................

تتعرض هذه المسألة إلى الحدث بمعنى غير الموت والتلف كما لو كسرت رجل الحيوان في أيام الخيار، فإن فرض أنَّ ذلك حصل من دون تفريطٍ كان الضمان على البائع، وإن كان مع التفريط فيكون الضمان على المشتري، والوجه في الأول هو أنه إذا كان الضمان على البائع عند موت الحيوان في زمان الخيار فبالأولوية العرفية القطعية يكون الضمان عليه حينما تكسر رجل الحيوان مثلاً الذي هو أقل من الموت.

ولو قال قائل: - لعله توجد خصوصية للموت، فالموت يوجب ضمان البائع دون كسر الرجل.

قلنا: - إنَّ هذا كلاماً عقلياً وهو لا ينفع في الفقه، بل علينا أن ننظر إلى القضية عرفاً، لأننا إذا ذهبنا إلى الدقَّة العقلية فبالدقة العقلية يمكن للشرع المقدس أن يخصّص القضية بالموت، فيصير الضمان على البائع حين موت الحيوان في زمان الخيار، أما عرفاً فهذا مرفوضٌ لأنَّ الحيوان إذا كان مضموناً على البائع عند موته فبالأولوية القطيعة يكون مضموناً عليه إذا حدث له حدث أخف من الموت ككسر رجله.

نعم توجد قضية بيناها فيما سبق ونؤكدها الآن: - وهي أنه يمكن أن يقال إنَّه في عصرنا الحالي يوجد شرط ضمني وهو أنَّ البائع حينما يبيع الحيوان ويسلمه إلى المشتري فهو غير ضامن له سواء مات أو حدث له شيء دون الموت، كما أن المشتري لا يرجع الحيوان إلى البائع إلى حدث له شيء فإذا سلمنا بهذا الاشتراط الضمني فلا يكون البائع ضامناً.


[1] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج18، ص15، أبواب الخيار، باب5، ح5، ط آل البيت.
[2] شرائع الاسلام- ط استقلال، المحقق الحلي، ج2، ص278.
[3] كتاب المكاسب (للشيخ الأنصاري) ط تراث الشيخ الأعظم، الشيخ مرتضى الأنصاري، ج6، ص175.