الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

42/11/15

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة (108 ) مسقطات خيار الحيوان - الخيار الثاني ( خيار الحيوان ) - الفصل الرابع ( الخيارات ).

وفي مقام التعليق نقول: -

أولاً: - إنَّ عرض الاحتمالات بالشكل الذي ذكره الشيخ الأعظم(قده) ليست قضية فنّية، فإنَّ الاحتمال حينما يبيّن لابد له من منشأ إما الظهور أو أمور أخرى غير الظهور من قرائن خارجية نضمها إلى الرواية، أما من دون ذلك فسوف يكون عرض الاحتمالات ليس شيئاً مقبولاً، والاحتمالات التي عرضها الشيخ لا تستند إلى مستندات بل مجرد ابداء احتمالات فقط وهذا أمر ليس فنّياً.

إن قلت: - كيف تكون هذه الاحتمالات من دون مثبتات؟!

قلت:- لنراجع هذه الاحتمالات، أما الاحتمال الأول فقد قال فيه نحمل ذلك على التعبد وأنَّ الشارع عبدنا بأن كل حدث هو رضاً ومسقط للخيار ولكنه لم يبين كيف يكون ذلك فإنَّ هذا يحتاج إلى بيان لا أن نعرضه مجرّد احتمال، وكان من المناسب له أن يبين ذلك ويقول إنَّ الرواية حكمت بأن هذا المتصرف عنده رضا فلا شرط وذكرت بعض الأمثلة التي ليست فيها دلالة على الرضا من قبيل نظره إلى الأمة وهكذا اللمس وهكذا بعض الأمور الأخرى، فإذا كانت الأمثلة ليس فيها رضا بينما الامام عليه السلام ذكر أن المدار على الرضا فإنه قال ( فإن أحدث فيه حدثاً فذلك رضاً منه ) وذكر هذه الأمثلة فهذا يدل على أنه تعبّدٌ، فهنا صار هذا بياناً للاحتمال الأوّل لا أن يبيّن الاحتمال فقط ويقول إنه من باب التعبد من دون أن يذكر مستنداً لذلك.

وأما الاحتمال الثاني فقد قال فيه لما كان الحدث غالبا يدل على الرضا فقد اعتبره الشارع مسقطاً دائماً للخيار، ولكن نقول إنَّ هذا احتمال لا مثبت له من ظهورٍ أو غير ذلك.

وأما الاحتمال الثالث فقد قال فيه إنَّ إحداث الحدث له دلالة نوعية على الرضا، فإذا كانت له دلالة نوعية وقوله عليه السلام ( فذلك رضا منه ) علّة للسقوط والمفروض أنَّ الدلالة النوعية موجودة فحينئذٍ يسقط الخيار، فهذا أيضاً هو ذكر للاحتمال من دون مستند.

نعم الاحتمال الرابع يمكن أن يقال يساعد عليه الظهور، وهو أن نقول إنَّ قوله عليه السلام: - ( فإن أحدث المشتري فيما اشترى حدثاً فذلك رضاً منه ) يعني فيما إذا فرض أنَّ الحدث كانت له دلالة شخصية على الرضا - وهذا ليس ببعيد - فإذا كانت له دلالة شخصية على الرضا فسوف يسقط الخيار.

ثانياً: - إنَّ الاحتمال الثاني نفس الاحتمال الأول ولكن مع اختلاف الألفاظ، لأنَّ الاحتمال الأول هو إنَّ أحدث حدثاً فسوف يكون ذلك تعبّداً بسقوط الخيار، وأما الاحتمال الثاني فهو أنه حينما كان الحدث والتصرّف له دلالة غالبية على الرضا فالشارع اعتبره رضاً ومسقطاً للخيار، وهذا تعبّد أيضاً غاية الأمر ليس بلفظ التعبد، فإذاً لا فرق بين الاحتمال الأول والثاني سوى الفارق اللفظي.

ثالثاً:- كان من المناسب للشيخ الأعظم(قده) أن يقول كما قلنا سابقاً، وهو أنَّ الرواية الشريفة حينما قالت ( إن أحدث فيه حدثاً فذلك رضاً منه فلا شرط ) وذكرت أمثلة منها النظر اللمس وما شاكلهما والتي ليس فيها دلالة شخصية الرضا وحكمت بسقوط الخيار فهذا معناه أنَّ الشرع تعبّدنا بأنَّ سقوط الخيار بهذه التصرفات هي مسقطية تعبّدية، فكان من المناسب للشيخ الأعظم(قده) أن يشير إلى هذا الاحتمال ويمشي على طبقه ويترك بقية الاحتمالات، والقرينة على ذلك موجودة، فإنَّ الامام عليه السلام أعطى قاعدة وأعطى أمثلة - تطبيقات -، فالقاعدة التي أعطاها هي ( فذلك رضاً ... فلا شرط ) وذكر أمثلة مثل النظر واللمس فهذه الأفعال ليست فيها دلالة فعيلة على الرضا فيكون هذا من باب التعبّد، يعني أنَّ الشارع تعبّدنا بسقوط الخيار، فكان من المناسب أن يذكر هذا كما ذكرناه.

رابعاً: - إنّ الشيخ الأعظم(قده) بعدما ذكر الاحتمالات الأربعة وانتهى منها قال:- ( إنَّ الجمع بين ما عليه النص والفتوى من جعل المدار في المسقط على التصرف الدال على الرضا وبين الأمثلة مشكل )، يعني أنَّ الضابطة التي أعطاها الامام عليه السلام يشكل الجمع بينها وبين الأمثلة التي ذكرها، لأنَّ الضابطة التي أعطاها هي أن يكون المدار على الرضا، أما الأمثلة التي ذكرها فلا توجد فيها دلالة على الرضا، ثم بقي الشيخ الأعظم(قده) على هذا التردد ولم يبيّن ما هو المناسب، وكان المنسب ما أشرنا إليه من أنَّ الضابط الذي ذكر في الروايات بعدما لم ينطبق على هذه الأمثلة فلنقل إنَّ المورد من باب التعبّد، يعني أنَّ الشرع أعطانا ميزاناً وهو أنَّ المدار على الرضا لسقوط الخيار ولكن هناك أمثلة تكون المسقطية فيها تعبّدية لأنَّ الشارع نصَّ عليها بالخصوص، وهذه نتيجة مطابقة للقواعد.