الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

42/11/03

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - الخيار الثاني ( خيار الحيوان ) - الفصل الرابع ( الخيارات ) الثاني خيار المجلس-.

الدليل الثاني للأعلام الثلاثة: - وقد أشار إليه الشيخ الأعظم(قده) مجرّد إشارة حيث قال:- ( وما دل على أنَّ تلف الحيوان في الثلاثة من البائع مع أنَّ التلف في الخيار المشترك من المشتري ) ، [1] وحاصل ما يراد أن يقال إنه توجد عندنا قاعدتان لو ضمما أحدهما إلى الأخرى مع إضافة ما ذكره الفقهاء من حكمٍ فسوف يتم الدليل:-

القاعدة الأولى: - إنَّ تلف المبيع في زمان الخيار هو ممَّن لا خيار له، كما لو اشترى المشتري حيواناً فهنا يوجد خيار لمدة ثلاثة أيام فإذا مات الحيوان فتلفه يصير على ممَّن لا خيار له وهو البائع.

ونذكر هنا جملة معترضة: - وهي أنه هل يمكن تطبيق هذه القاعدة في زماننا؟

والجواب: - ليس من البعيد أنه يوجد اشتراط ضمني من قبل بائع الحيوان بأنه إذا تلف الحيوان فلا خسارة عليه، فالتلف هنا يكون من المشتري، ونحن كلامنا في حالة عدم وجود هذا الشرط الضمني، كما لو فرض أنه اشترى الحيوان ولكنه تركه عند البائع فتلف بعد يومٍ فهنا يكون ضمانه على البائ

القاعدة الثانية: - إنَّ تلف الحيوان في زمان الخيار المشترك بين البائع والمشتري يكون من مالكه في الخيار المشترك وهو المشتري.

ثم نضم شيئاً ثالثاً: - وهو أنَّ المشهور بين الفقهاء هو أنَّ الحيوان لو تلف يكون التلف في زمان خيار الحيوان ممن لا خيار له، وهذا التعبير يدل على أنَّ خيار الحيوان يبتدئ من بعد خيار المجلس، إذ لو كان يبتدئ من حين العقد مع خيار المجلس وتلف الحيوان في فترة الاشتراك بين الخيارين فسوف يكون هذا التلف في زمان الخيار المشترك، والتلف في الخيار المشترك يصير من مالكه وهو المشتري، فإذاً ثبت الدليل على رأي الأعلام الثلاثة.

ويرد عليه مناقشتان: -

الأولى: - ما أشار إليه الشيخ الأعظم(قده) في المكاسب، وهو أنَّ خيار المجلس عادةً يكون لفترة قصيرة كساعة أو نصف ساعة لا أنه يمتد ليومٍ أو أكثر، فإذا كانت فترة خيار المجلس قصيرة فلو تلف الحيوان فهو عادةً لا يتلف خلال هذه الفترة القصيرة، فحينما يتلف بعد هذه الساعة التي ينتهي بها خيار المجلس فقد صار التلف في زمان الخيار المختص بالمشتري، فيكون التلف على البائع على طبق القاعدة باعتبار أنَّ التلف قد حصل في زمان الخيار المختص بالمشتري.

فإذاً لا يمكن أن نقول إنَّ حكم الفقهاء بأنَّ التلف يكون على البائع يدل على أنَّ خيار الحيوان يبتدئ من اليوم الثاني لا من اليوم الأول إذ في اليوم الأول يكون الخيار مشترك لوجود خيار المجلس، ولكن نحن نقول إنه حتى في اليوم الأول الخيار ليس بمشترك، لأنَّ فترة خيار المجلس تكون قليلة جداً كربع ساعة، فالتلف عادةً يصير في زمان الخيار المختص بالمشتري، فحينما يقولون إنَّ التلف يكون من البائع فهو على طبق القاعدة، ولا نستطيع أن نستنتج ما نريده - وهو أنَّ خيار الحيوان يبتدئ بعد خيار المجللأنَّ التلف عادةً يكون بعد انتهاء خيار المجلس، لأنَّ خيار المجلس عادةً ينتهي بعد فترةٍ وجيزةٍ كربع ساعة، فعادة يكون التلف بعد خيار المجلس، فالتلف حينئذٍ يكون في زمان خيار المشتري فيكون مضموناً على البائع على طبق القاعدة التي تقول إنَّ تلف الحيوان في زمان الخيار ممَّن لا خيار له، ولا نستطيع أن نستنتج أن خيار الحيوان يبتدئ بعد خيار المجل

الثانية: - أن نقول إنَّ مدرك قاعدة ( تلف الحيوان في زمان الخيار ممن لا خيار له ) ما هو؟ إنه إذا رجعنا إلى كتاب الوسائل في أبواب الخيار نرى أنه يعقد باباً بعنوان ( الباب الخامس من أبواب الخيار) [2] يذكر في عدّة روايات نذكر منها روايتين، الأولى:- ما رواه محمد بن يعقوب عن حُمَيد بن زياد عن الحسن بن محمد بن سماعة عن غير واحد عن أبان بن عثمان عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال:- ( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل اشترى أمةً بشرطٍ من رجلٍ يوماً أو يومين فماتت عنده وقد قطع الثمن على من يكون الضمان؟ فقال:- ليس على الذي اشترى ضمان حتى يمضي شرطه )[3]

والثانية:- ( عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد وأحمد بن محمد جميعاً عن ابن محبوب عن ابن سنان قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يشتري الدابة أو العبد ويشترط إلى يوم أو يومين فيموت العبد والدابة أو يحدث فيه حث على من ضمان ذلك؟ فقال:- على البائع حتى ينقضي الشرط ثلاثة أيام ويصير المبيع للمشتري )[4] .


[1] كتاب المكاسب (للشيخ الأنصاري) ط تراث الشيخ الأعظم، الشيخ مرتضى الأنصاري، ج5، ص93.
[2] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج18، ص14، أبواب الخیار، باب5، ح0، ط آل البيت.
[3] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج18، ص14، أبواب الخیار، باب5، ح1، ط آل البيت.
[4] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج18، ص14، أبواب الخیار، باب5، ح2، ط آل البيت.