الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

42/11/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - الخيار الثاني ( خيار الحيوان ) - الفصل الرابع ( الخيارات ) الثاني خيار المجلس-.

وقبل المناقشة نقول: - ما هو الفرق بين رأي الأعلام الثلاثة ورأي العلمين بعد وضوح اتفاقهما على أنَّ الخيارين لا يجتمعان؟

وفي الجواب نقول: - الفارق هو أنَّ الأعلام الثلاثة يقولون إنه حينما يشتري الشخص حيواناً فخياري الحيوان والمجلس موجودين ولكن بعد ساعة أو ساعتين أو يوم من حين العقد إذا افترق المتبايعان يصير العقد لا زماً ولا يوجد خيار حيوان، فإذا صار العقد لازماً فحينئذٍ يطرأ خيار الحيوان، حيث قال الأعلام الثلاثة إنَّ الخيار مثل خيار الحيوان يطرأ على العقد، فلابد من وجود عقدٍ حتى يطرأ عليه خيار الحيوان، وحينئذٍ مادام خيار المجلس موجوداً فالعقد لا يصدق، فإذا زال خيار المجلس بالافتراق صدق العقد فثبت خيار الحيوان، وأما العلمان اليزدي والإيرواني فقالا إنَّ المستفاد من صحيحة مسلم التي تقول ( البيّعان بالخيار في الحيوان ثلاثة أيام وفيما سوى ذلك حتى يفترقا ) أنَّ الخيار واحدٌ في العقد وليس اثنين، يعني إذا كان المبيع حيواناً ثبت خيار الحيوان ثلاثة أيام وأما إذا لم يكن المبيع حيواناً فالمدار على الافتراق، بينما على رأي الأعلام الثلاثة يوجد خياران خيار المجلس وهو ثابت من حين العقد فإذا انتهى خيار المجلس بالافتراق فحينئذٍ يتفعّل خيار الحيوان.

وأما التعليق على ما ذكره العلمان فنقول: - إنَّ المستفاد من صحيحة محمد بن مسلم أنَّ فترة خيار الحيوان ثلاثة أيام وفترة خيار المجلس إلى حين الافتراق، أما أنَّ الثابت هو خيارٌ واحد جزماً فلا ظهور في الصحيحة عليه، بل أقصى ما في الأمر أنَّ ذلك مجرّد احتمال، فإذا قبلنا بهذا فنقول توجد عندنا روايات أخرى تدل على أنَّ خيار المجلس يثبت في كلّ مبيع إلى حين الافتراق ومنه ما إذا كان المبيع حيواناً فإنها تشمله بإطلاقها - أو عمومها -، ومن هذ الروايات صحيحة الحلبي حيث ورد فيها:- ( أيما رجل اشترى من رجل بيعاً فهما بالخيار حتى يفترقا فإذا افترقا وجب البيع ) ، [1] فهذه الصحيحة فيها إطلاق يشمل كلَّ مبيع بما في ذلك الحيوان، ودلالتها واضحة على ثبوت خيار المجلس في كلّ مبيع بما في ذلك الحيوان، وبذلك تكون هذه الصحيحة رداً على العلمين السيد اليزدي والحاج ميرزا علي الايرواني.

فإذاً نحن ذكرنا مقدمتين في هذا التعليق لابد من ضمّ أحدهما إلى الأخرى: -

الأولى: - إنَّ صحيحة محمد بن مسلم التي استند إليها العلمان في كون الخيار واحداً وليس اثنين ليس فيها صراحة ووضوح، نعم من الوجيه أن يكون المقصود منها أنَّ الخيار واحد ولكن ليس فيها ظهور واضح يحكم بأنَّ الخيار واحد، فهي لا أقل مجملة وساكتة من هذه الناحية.

الثانية: - إنَّ صحيحة الحلبي التي ذكرناها تدل على أنَّ خيار المجلس يثبت في كلّ مبيع بما في ذلك الحيوان.

فيثبت بذلك أنه في مورد خيار الحيوان يثبت خيار المجلس أيضاً.


[1] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج18، ص6، أبواب الخیار، باب6، ح4، ط آل البيت.