الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

42/10/23

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - الخيار الثاني ( خيار الحيوان ) - الفصل الرابع ( الخيارات ) الثاني خيار المجلس-.

وفي مقام المناقشة نقول: -

أما ما أفاده من تقديم صحيحة محمد بن مسلم على صحيحة علي بن رئاب من ناحيتين الأولى أنَّ الراوي من المشاهير وهو محمد بن مسلم[1] وهو في العظمة والجلالة أعظم من علي بن رئاب فنقول في التعليق عليه:- إنَّ ما ذكره في حق محمد بن مسلم صحيح ولكنه لا يؤثر في تقديم صحيحة محمد بن مسلم على صحيحة علي بن رئاب فإن كلاهما ثقات أصحابنا، وكون أحدهما من المشاهير لا يصلح وجهاً للتقديم. ثم إنه قال إنَّ صحيحة محمد بن مسلم موجودة في الكتب المشعورة المعتمدة أما صحيحة علي بن رئاب فهي واردة في قرب الاسناد وأين الكتاب الأربعة في الاعتبار من قرب الاسناد، ولكن نقول إنَّ هذا الكلام ليس بتام فإن المفروض أن سند رواية قرب الاسناد إلى الامام عليه السلام تام وحجة فلا يهم أنها وردت في الكتب الأربعة المشهورة أو في غيرها، فبعد أن كان السند في كليهما معتبراً فما ذكره ليس بتام.

وأما ما أفاده بالنسبة إلى الروايات الأربع:- حيث قال إن دلالة الروايات الأربعة حيث قال إنَّ دلالة هذه الروايات على نفي خيار الحيوان عن البائع هي بالمفهوم أما صحيحة محمد بن مسلم فهي تثبت الخيار لكلا المتبايعين بالمنطوق والدلالة المنطوقية مقدّمة على الدلالة المفهومية، ولكن نقول: - إذا كانت الدلالة المفهومية معتبرة وحجَّة - لأنَّ الامام عليه السلام كان يقول ( الخيار في الحيوان ثلاثة للمشتري ) فهي فيها دلالة قوية على الاختصاص بالمشتري وإن كانت بالمفهوم، وهي لا تقصر عن دلالة ( المتبايعان بالخيار ) - فما الموجب لتقديم الدلالة المنطوقية عليها؟!!

ثم قال: - هذا ولكن يمكن أن يقال عن الروايا التي استند إليها المشهور لا تقصر في الظهور عن دلالة صحيحة محمد بن مسلم التي استند إليها السيد المرتضى فيتعارضان فنرجع إلى أصالة اللزوم.

ونحن نقول: - إنَّ هذا كلام علمي مقبول ولكنه يتم فيما إذا غضننا النظر عمّا سوف نذكره، ونحن سنذكر في مناقشة السيد المرتضى(قده) كلاماً لا تصل معه النوبة إلى ما ذكره الشيخ الأعظم(قده).

والصحيح في مناقشة السيد المرتضى(قده) أن نقول: - إنَّ الصحيحة التي استند إليها السيد المرتضى(قده) تامة السند والدلالة، وما استند إليه المشهور تام سنداً ودلالة أيضاً، ولكن الروايات التي استند إليها المشهور ستّ روايات وهي تدل على اختصاص خيار الحيوان بالمشتري، ولا يبعد أن يقال سوف تتشكل عندنا سنَّة قطعية من الروايات الست، فعند التعارض بين السنَّة القطعية وغير القطعية - التي صحيحة محمد بن مسلم - تقدَّم السنَّة القطعية، ومستند ما ذكرناه هو الروايات المتعددة المسلّمة التي ذكرت أنَّ ( ما خالف كتاب ربنا فهو باطل وزخرف وعلى الجدار )، ولو قلت:- إنَّ ما ذكرته يتم فما لو خالف كتاب الله تعلى ونحن كلامنا في السنَّة؟ لكن نقول:- إنَّ كون ما خالف كتاب الله تعالى زخرف وباطل إنما هو لأجل أنَّ كتاب الله تعالى يمثل الحكم القطعي لا لخصوصيةٍ فيه، فإذا كان لأجل كونه يمثل حكماً قطعياً صار مقدّماً على مخالفه والمخالف يطرح لأنه مخالف للحكم القطعي، فيسري هذا الحكم إلى السنَّة القطعية، لأنَّ السنَّة القطعية هي أيضاً تحكي حكماً قطعياً كالذي يحكيه الكتاب الكريم، فيتقدّم ما ثبت بالسنَّة القطعية وكان حكماً قطعياً على المخالف ويطرح المخالف، وحينئذٍ تسقط صحيحة محمد بن مسلم عن الحجية، ومعه لا تصل النوبة إلى ما أفاده الشيخ الأعظم(قده) لعدم حصول التكافؤ بين الطرفين.

والنتيجة: - هي أنَّ خيار الحيوان مختصٌّ بالمشتري بعد سقوط صحيحة محمد بن مسلم عن الاعتبار لمخالفتها السنَّة القطعية.


[1] حيث وردت عن الامام الصادق عليه السلام في حق بعض الرواة جاء فيها: - ( أربعة نجباء أمناء الله على حلاله وحرامه لولاهم لاندرست آثار النبوة محمد بن مسلم وزرارة و ... ).