الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

42/10/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - الخيار الثاني ( خيار الحيوان ) - الفصل الرابع ( الخيارات ) الثاني خيار المجلس-.

وفي مقام الجواب عن هذا التساؤل أخذ الشيخ الأنصاري(قده) في البداية ينتصر للسيد المرتضى(قده) وقال:- صحيح أنه توجد رواية واحدة تدل على ما ذهب إليه السيد المرتضى وهي صحيحة محمد بن مسلم ولكن في المقابل توجد عندنا خمس أو ست روايات خامستها رواية علي بن رئاب والتي هي أظهر الروايات في الدلالة على اختصاص خيار الحيوان بالمشتري، لأنَّ علي بن رئاب سأل الامام عليه السلام عن خيار الحيوان وأنه هل هو ثابت للبائع أو للمشتري أو لهما معاً والامام عليه السلام قال إنه ثابت للمشتري، فهذه الرواية صريحة في ثبوت خيار الحيوان للمشتري.

والشيخ الأعظم(قده) مرة يعالج المشكلة بين صحيحة بن مسلم التي هي مستند قول السيد المرتضى(قده) وبين رواية علي بن رئاب - التي هي الرواية الخامسة من الطائفة الأولى- ومرة يصلح المعارضة بين صحيحة محمد بن مسلم الثقفي وبين الروايات الأربع غير رواية ابن رئاب.

أما بالنسبة إلى رواية ابن رئاب التي قال فيها الامام عليه السلام إنَّ خيار الحيوان يثبت للمشتري مع صحيحة محمد بن مسلم التي قالت المتبايعان بالخيار في بيع الحيوان فقال: - إنَّ صحيحة ابن مسلم مقدَّمة على صحيحة ابن رئاب من ناحيتين: -

الأولى: - إنَّ محمد بن مسلم من الطبقة الأولى ومن مشاهير الأصحاب كزارة وما شاكله أما علي بن رئاب فصحيح أنه من أجلة الأصحاب ولكنه لا يعادل محمد بن مسلم في المنزلة.

الثانية: - إنَّ صحيحة محمد بن مسلم موجودة في الكتب الأربعة المشهورة التي أجمعت الطائفة على اعتمادها، بينما صحيحة ابن رئاب مأخوذة من كتاب قرب الاسناد للحميري وأين اعتبار قرب الاسناد من اعتبار الكتب الأربعة؟!!

أما المعارضة بين صحيحة محمد بن مسلم وبين الروايات الأربع فقال:- إنَّ الروايات الأربعة دلالتها بالمفهوم بينما دلالة صحيحة ابن مسلم بالمنطوق، وما كانت دلالته بالمنطوق يقدَّم على ما كانت دلالته بالمفهوم، فإنَّ الروايات الأربعة كانت تعبّر بـ( خيار الحيوان للمشتري )، فهي تنفي ثبوت الخيار للمتبايعين من خلال المفهوم، يعني إثبات الخيار للمشتري مع السكوت عن ثبوته للبائع يفهم منه أنَّ خيار الحيوان مختصٌّ بالمشتري دون البائع، وهذا عرفناه بالمفهوم أي مفهوم التخصيص بالمشتري أو مفهوم السكوت عن البائع فنستفيد بالمفهوم أنَّ البائع ليس له خيار، بينما صحيحة ابن مسلم تصرّح بأنَّ البائع له الخيار حيث قالت ( المتبايعان بالخيار في الحيوان )، إذا تعارضت الدلالة المفهومية التي تنفي ثبوت الخيار للبائع مع الدلالة المنطوقية التي تثبت الخيار له يُقدَّم ما كانت دلالته بالمنطوق.

هذا هو الكلام الأوَّل للشيخ الأعظم(قده) وقد رجَّح فيه ما ذهب إليه السيد المرتضى(قده).

ثم قال: - صحيح أننا قلنا إنَّ صحيحة محمد بن مسلم - التي هي مستند السيد المرتضى- صريحة في ثبوت خيار الحيوان للبائع أما الروايات الأربع فهي تدل بالمفهوم على عدم ثبوته للبائع فتقدم الدلالة المنطوقية لصحيحة محمد بن المسلم على دلالة الروايات الأربع ولكن ربما يقال إنَّ ذكر المتبايعين في الصحيحة ليس من باب ثبوت الخيار للبائع كما هو للمشتري وإنما من باب أنه إذا ثبت الخيار للمشتري فالخيار للمشتري ثابتٌ على البائع، فبهذا الاعتبار عبّر بالمتبايعين وإلا فهو ثابت للمشتري فقط.

قال:- ( ... أرجح[1] بحسب السند من صحيحة ابن رئاب المحكية عن قرب الاسناد وقد صرّحوا بترجيح رواية مثل محمد بن مسلم وزرارة وأضرابهما على غيرهما من الثقات، مضافاً إلى ورودها في الكتب الأربعة المرجّحة على مثل قرب الاسناد من الكتب التي لم يلتفت إليها أكثر الأصحاب مع بُعدِ غفلتهم عنها وعن مراجعتها، وأما الصحاح الأخر[2] المكافئة[3] سنداً لصحيحة محمد بن مسلم فالإنصاف أنَّ دلالتها بالمفهوم لا تبلغ في الظهور مرتبة منطوق الصحيحة فيمكن حملها على بيان الفرد الشديد الحاجة[4] لأنَّ الغالب في المعاملة خصوصاً معاملة الحيوان كون إرادة الفسخ في طرف المشتري لاطلاعه على خفايا الحيوان، ولا ريب أنَّ الأظهرية في الدلالة مقدّمة في باب الترجيح على الأكثرية ).

ولكنه تراجع بعد ذلك كما قلنا وقال: - لعل صحيحة ابن مسلم التي ذكرت المتبايعين ليست صريحة في ثبوت خيار الحيوان للبائع لاحتمال أنَّ الخيار ثابت للمشتري فقط ولكنها قالت للمتبايعين ولكن بما أنَّ خيار الحيوان ثابت للمشتري على البائع فبهذا الاعتبار ذكرت المتبايعين، وكلامه هذا ليس في نصرة السيد المرتضى، قال ما حاصله: - إنَّ الصحيحة لعلها صريحة بالتثنية وقالت المتبايعان بالخيار ثلاثة أيام من باب أنَّ الخيار في الحيوان وإن كان خاصاً بالمشتري إلا أنه لما كان على البائع فبالتالي صار المجموع بين المتبايعين.

ولكن الشيخ الأعظم(قده) علّق عليه وقال: - ( وهو في غاية السقوط )، ونحن نوافق الشيخ الأعظم على ضعف هذا الرأي.

فإذاً لازال الشيخ الأعظم(قده) في نصرة السيد المرتضى(قده)، ولكن بعد ذلك أراد أن يردّ ما ذهب إليه السيد المرتضى(قده) فقال: - والانصاف أنَّ تلك الروايات التي بنى عليها المشهور لا تقصر عن ظهور صحيحة محمد بن مسلم من حيث الظهور في اختصاص خيار الحيوان بالمشتري، فواحدة تقول هو ثابت للبائع والمشتري معاً والأخرى تقول هو ثابت للمشتري فقط، فلا يمكن تقديم صحيحة محمد بن مسلم، ولا أقل هما متعارضتان فنرجع إلى أصالة اللزوم بلحاظ البائع، قال:- ( هذا ولكن الانصاف أنَّ أخبار المشهور من حيث المجموع لا يقصر ظهورها عن الصحيحة مع اشتهارها بين الرواة حتى محمد بن مسلم الراوي للصحيحة مع أن المرجع بعد التكافؤ لزوم العقد بالافتراق والمتيقن خروج المشتري )، فتلك الروايات الأربع مشتهرة أيضاً حتى عند محمد بن مسلم، فإنَّ محمد بن مسلم روى الرواية التي هي مستند قول صاحب المسالك حيث ورد فيها:- ( عن محمد بن مسلم .... قال رسول الله صلى الله عليه وآله:- البيّعان بالخيار حتى يفترقا وصاحب الحيوان بالخيار ثلاثة أيام )، فإذاً الخيار لواحدٍ من المتبايعين فقط وهو المشتري صاحب الحيوان، فإذاً تلك الروايات الخمس أو الست مشتهرة حتى عند محمد بن مسلم فلذلك يقول ( هذا ولكن الانصاف أنَّ أخبار المشهور من حيث المجموع لا يقصر ظهورها عن الصحيحة مع اشتهارها بين الرواة حتى محمد بن مسلم الراوي للصحيحة مع أنَّ المرجع بعد التكافؤ لزوم العقد بالافتراق والمتيقن خروج المشتري ).


[1] أي صحيحة محمد بن مسلم التي هي مستند السيد المرتضى.
[2] أي الروايات الأربع.
[3] فإنها واردة في الكتب الأربعة أيضاً.
[4] يعني يمكن أن نقول إنَّ الروايات أربع خصصت بالمشتري لا من باب الاختصاص بالمشتري وإنما الذي يطلع على خفايا الحيوان هو المشتري فيفسخ بخيار الحيوان، فالذي يحتاج إلى الفسخ هو المشتري ولذلك خصصت بالمشتري، لأنه هو الذي يطلع على الخفايا ولذلك خصصت به، فتكون دلالتها بالمفهوم على نفي ثبوت الخيار للبائع وإنما خصصت بالمشتري من باب أنَّ الذي يطلع على العيوب ويحتاج إلى الفسخ هو المشتري.