الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

42/10/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - الخيار الثاني ( خيار الحيوان ) - الفصل الرابع ( الخيارات ).

الخيار الثاني: - خيار الحيوان.

قال(قده): - ( الثاني خيار الحيوان:- كل من اشترى حيواناً - إنساناً كان أو غيره - ثبت له الخيار ثلاثة أيام مبدؤها زمان العقد. وإذا كان العقد في اثناء النهار لفّق المنكسر من اليوم الرابع. والليتان المتوسطتان داخلتان في مدّة الخيار. وكذا الليلة الثالثة في صورة تلفيق المنكسر. وإذا لم يفترق المتبايعان حتى مضت ثلاثة أيام وبقي خيار المجلس ).

..........................................................................................................

تشتمل المسألة على تسعة أحكام: -

الحكم الأول: - إنَّ أصل خيار الحيوان ثابت في الجملة في مدرسة أهل البيت عليهم السلام.

الحكم الثاني: - هو خاص بالمشتري.

الحكم الثالث: - لا فرق بين حيوان وآخر.

الحكم الرابع: - فترة الخيار هي ثلاثة أيام مبدؤها زمان العقد.

الحكم الخامس: - المراد من الحيوان ما يشمل الانسان.

الحكم السادس: - إذا كان البيع أثناء النهار لفقّ اليوم الثالث من اليوم الرابع.

الحكم السابع: - الليلتان المتوسطتان داخلتان في فترة الخيار.

الحكم الثامن: - الليلة الثالثة داخلة في حال تلفيق المنكسر.

الحكم التاسع: - إذا افترض بقاء المتعاقدين في المجلس حتى انقضت ثلاثة أيام يسقط خيار الحيوان - أي ينتهي - ويبقى خيار المجلس.

أما الحكم الأول:- فينغي الالتفات إلى أنَّ خيار الحيوان من مختصات الامامية ولا خلاف بين الامامية في ثبت خيار الحيوان نعم يوجد كلام في أنَّ خيار الحيوان هل يعم البائع والمشتري معاً أو يختص بالمشتري فقط ولكن هذا كلام آخر أما أصل ثبوته فلا كلان فيه، أما في الاتجاه المقابل فلا يوجد خيار الحيوان ولعل هذا هو الذي يفسّر كثرة الروايات في خيار الحيوان فلعله يوجد ما يقرب من عشر روايات ورادة فيه، وقد أشير إلى ذلك في التذكرة والجواهر، قال في التذكرة:- ( إذا كان البيع حيواناً يثبت الخيار فيه للمشتري خاصة ثلاثة أيام من حين العقد على رأيٍ فله الفسخ والامضاء مدّة ثلاثة أيام عند علمائنا أجمع خلافاً للجمهور كافة ) ، [1] وقال في الجواهر:- ( هو في الجملة إجماعي بل ضروري عند علماء المذهب )[2]

فإذاً المسألة عندنا اتفاقية، أما عند الجمهور فيوجد العكس تماماً.

أما الحكم الثاني: - فهذا هو المعروف بين أصحابنا، فالذي يشتري الحيوان يكون له الخيار أما البائع فليس له الخيار وإن كان الثمن حيواناً، وقد خالف في ذلك السيد المرتضى وابن طاووس حيث ذهبا إلى ثبوته لكليما، وهناك رأي ثالث للشهيد الثاني في المسالك حيث قال إذا كان المبيع حيواناً وكان الثمن حيواناً أيضاً ثبت الخيار لهما معاً، وقد بنى السيد الماتن فيما يأتي من مسائل خيار الحيوان على الرأي الثالث.

ولم يكتف السيد المرتضى(قده) باختيار ثبوته للبائع والمشتري إذا كان المبيع حيواناً بل يظهر منه دعوى الاجماع، قال:- ( مسألة 245:- وممن انفردت به الامامية أنَّ الخيار يثبت للمتبايعين في بيع الحيوان خاصة ثلاثة أيام ... وخالف باقي الفقهاء في ذلك وذهبوا إلى الحيوان كغيره إلا بأن يشترط، دليلنا الاجماع ) ، [3] فهو ادعى الاجماع في أنه إذا كان المبيع حيواناً كان خيار الحيوان ثابتاً للبائع والمشتري معاً، وسيأتي أنه توجد رواية واحدة يمكن أن تكون داعمة لما اختاره العلمان المرتضى وابن طاووس، وأما ما ذهب إليه صاحب المسالك[4] فأيضاً توجد رواية تساعد عليه.

إذاً المسألة ذات أقوال ثلاثة.

ونتعرَّض الآن إلى الروايات فتكون هي الحَكَم: -

الرواية الأولى: - محمد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سيعد عن ابن أبي عمير عن حمّاد عن الحلبي عليه السلام قال: - ( في الحيوان كله ثلاثة أيام للمشتري وهو بالخيار فيها إن شرط أو لم يشترط ) ، [5] والسند تام، فإنَّ الشيخ الطوسي ينقل عن محمد بن سعيد الأهوازي الثقة الجليل وطريق الشيخ إلى الحسين بن سعيد معتبر، أما حمّاد فهو إما ابن عثمان أو ابن عيسى وكلاهما من أجلة أصحابنا، أما الحلبي فلا يهم كونه أيّ واحدٍ من الحلبيون فإنه ثقات وقد ذكر النجاشي في ترجمة عبيد الله بن علي بن أبي شعبة الحلبي:- ( وآل أبي شعبة بالكوفة بيتٌ مذكور من أصحابنا وكانوا جميعهم ثقات مرجوعاً إلى ما يقولون وكان عبيد الله كبيرهم ووجههم وصنّف الكتاب المنسوب إليه وعرضه عل أبي عبد الله عليه السلام وصححه قال عند قراءته أترى لهؤلاء مثل هذا؟! )[6] ، فإذاً الحلبيون كلهم ثقات بهذا التصريح من قبيل النجاشي، فإذاً الرواية تامة سنداً.

والرواة قالت: - ( في الحيوان كلّه شرط ثلاثة أيام للمشتري ) فهي واضحة في أنه يوجد تخصيص للخيار بالمشتري وأن المشتري يثبت له خيار الحيوان اشترطه أو لم يشترطه فإنه بأصل الشرع قد ثبت له هذا الخيار اشترط أو لم يشترط.

الرواية الثانية:- محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن أبن محبوب عن جميل عن فضيل عن أبي عبد الله عليه السلام قال:- ( قلت له:- ما الشرط في الحيوان؟ قال:- ثلاثة أيام للمشتري ) [7] فالإمام عليه السلام قيّد بالمشتري، وسند الرواية معتبر فإنَّ محمد بن يحيى فهو شيخ الكافي وقد روى عنه الكليني كثيراً، أما أحمد بن محمد فهو إما ابن عيسى الأشعري أو هو أحمد بن محمد بن خالد وكلاهما ثقة ولكن الظاهر أنه أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري وأما ابن محبوبو فهو الحسن بن محبوب وجميل فهو ابن دراج وهو من أجلة أصحابنا وأما فضيل فهو ابن سار فهو من أجلة أصحابنا[8] .

الرواية الثالثة:- وعن الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن علي بن أسباط عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال:- ( سمعته يقول :- الخيار في الحيوان ثلاثة للمشتري ) ، [9] ودلالة هذه الرواية واضحة جداً، أما سند الرواية فإنَّ الحسين بن محمد فهو الأشعري الذي ينقل عنه الكليني كثيراً، وإن كانت هناك مشكلة فهي من ناحية معلى بن محمد وأنه هل ثبتت وثاقته أو لا، فإن قلنا يكفي في اثبات وثاقته رواية الحسين بن محمد عنه فسوف يكون السند معتبراً.


[1] تذكرة الفقهاء، العلامة الحلي، ج11، ص34.
[2] جواهر الكلام، النجفي الجواهري، الشيخ محمد حسن، ج23، ص23.
[3] الانتصار في انفرادات الإمامية، السيد الشريف المرتضي، ج1، ص433.
[4] مسالك الافهام، الشهيد الأول، ج3، 200.
[5] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج18، ص10، أبواب الخیار، باب3، ح1، ط آل البيت.
[6] رجال النجاشي، النجاشي، ص23- 231.
[7] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج18، ص11، أبواب الخیار، باب3، ح5، ط آل البيت.
[8] وقد ذكر ربعي بن عبد الله الذي هو من أصحابنا الثقات عن غاسل الفضيل بن يسار أنه قال: - ( إني لأغسّل الفضيل وإنَّ يده لتسبقني إلى عورته فخبّرت بذلك أبا عبد الله عليه السلام فقال رحم الله الفضيل بن يسار وهو منّا اهل البيت ).
[9] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج18، ص10، أبواب الخیار، باب3، ح3، ط آل البيت.