الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

42/10/11

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة ( 107 ) من مسقطات خيار الجلس اشتراط سقوطه في العقد أو اسقاطه بعد العقد، الفصل الرابع ( الخيارات ) الأول خيار المجلس- الفصل الثالث (شروط العوضين ).

وفي مقام التعليق على الوجهين نقول: -

أما الوجه الأول فيردّه: -

أولاً: - إنَّ جواز الإجبار من قبل الشارط أدل على العكس - يعني هو يدل على أن الفسخ يقع لا أنه باطل - لأنه إذا كان الفسخ لا يقع بسبب الحق الذي ذكره فلا داعي للإجبار على عدم الفسخ إذاً، فحتى لو قال فسخت فالفسخ لا يقع على رأيه فلماذا الإجبار؟!! فإذاً عدم الفسخ يكشف عن أنَّ الفسخ يقع فنخاف أن يقع الفسخ حينما يقول فسخت ولذلك نجبره على عدم الفسخ، فلو كان كما يقول الشيخ لا يقع الفسخ فلا داعي للإجبار.

إذاً نفس جواز الإجبار من قبل الشارط أو الهيأة الناهية عن المنكر إن دل على شيء فإنما يدل على أن الفسخ يقع وإلا لم يكن هناك مجال لجواز الإجبار.

ثانياً:- إنه قال إنَّ الشارط يتولد له حق خاص به لا من باب النهي عن المنكر فإنَّ النهي عن المنكر وظيفة كل مسلم وإنما توجد خصوصية للشارط وهذا يدل على أنَّ له حقاً فلا يقع الفسخ، ونحن نقول:- صحيح أنَّ الشارط يتولد له حق ولكن الحق بمعنى أنه يجوز له ولخصوصيةٍ لهذا الشارط بما هو شارط أنه يقول للطرف لا تفسخ وإلا كذا وكذا، فهو له ميزة بخصوصه لا من باب النهي عن المنكر حتى يقول الشيخ الأعظم إذا كان من باب النهي المنكر فكل الناس سواسية، كلا بل يجوز له الاجبار لنكتة أخرى غير النهي عن المنكر وإنما من باب أنه بالاشتراط قد تولد له حقاً في أن يفرض على الطرف أن لا يفسخ ولكن لو فسخ الطرف فسوف يقع الفسخ، فالحقّية لا تلازم بطلان الفسخ كما ذهب إليه الشيخ الأعظم(قده)، وإنما الحقية هي ميزة لهذا الشخص بسبب اشتراطه لا من باب النهي عن المنكر بل له امتياز لأنه قد اشترط فله حق أن يقول للمشروط عليه لا تفسخ وإلا صرت فاسقاً - مثلاً - فيجبره على عدم الفسخ لخصوصية له لا من باب النهي عن المنكر وإنما هو من باب أنه قد اشترط ذلك، فميزة الحق تولّدت له بسبب الاشتراط لا من باب النهي عن المنكر ولكن ثبوت هذا الحق لا يلازم آنذاك بطلان الفسخ كما ذهب إليه الشيخ الأعظم(قده) بل يمكن أن يقال إنَّ الفسخ يقع ولكن مع ذلك الشارط له الحق في أن يفرض على المشروط عليه أن لا يفسخ.

فإذاً ثبوت الحق للشارط لا يلازم بطلان تحقق الفسخ.

أما الوجه الثاني فيرده: -

أولاً: - إنَّ الشيخ ذكر أنَّ حديث ( المسلمون عند شروطهم ) يوجد له اطلاق أزماني وليس اطلاقاً أحوالياً يشمل حتى لما بعد تحقق الفسخ، ولكن نقول:- نحن نسلّم بأنه يوجد له اطلاق ولكنه اطلاق أزماني ولا يوجد له اطلاق أحوالي، فإنَّ ( المسلمون عند شروطهم ) يعني مادمت قد اشترطت شرطاً فلابد وأن تلتزم بشرطك على طول الزمان أما لو خالفت الشرط يبقى ( المسلمون عد شروطهم ) موجهاً إليك أيها المخالف فإنَّ هذا الحديث ليس له اطلاق أحوالي شاملاً له، نعم له اطلاق أزماني أما الاطلاق الأحوالي فلا، ولا أقل هو ليس بواضح.

ثانياً:- نقول إنه ما ذكره من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية وهو لا يجوز ، فأولاً لابد أن تثبت أنه يوجد شرط لأننا نحتمل أنَّ الفسخ قد وقع صحيحاً وإذا كنّا نحتمل صحة الفسخ يعني أنَّ الشرط ليس بموجود لأنه قد زال بسبب الفسخ، وحينئذٍ التمسك بحديث ( المسلمون عند شروطهم ) لما بعد الفسخ يكون من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية لأنه ليس من المعلوم أنَّ هذا المورد مصداق لحديث المسلمون عند شروطهم لأنَّ الشرط قد زال بانفساخ العقد لأنه إذا زال العقد زال الشرط أيضاً فنحن لا نجزم هنا بأن الشرط موجود فيكون من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية.

والنتيجة التي نخرج بها: - هي إنه لا مانع من الحكم بصحة الفسخ الذي وقع.

ولو قلت: - إنَّ عدم المانع وحده لا ينفع بل لابد من ووجود نثبت لما تدعيه؟

قلنا: - إنه يوجد عندي اطلاق ( البيّعان بالخيار مالم يفترقا )، فخيار المجلس مستنده موجود وله اطلاق فيشمل هذا المورد فيثبت له الخيار وحينئذٍ يقع فسخه صحيحاً، ولو قلت إنه قد اشترط عليه عدم الفسخ، ولكن نقول صحيح أنَّ الطرف قد اشترط عليه عدم الفسخ ولكن الشرط يولّد مخالفة تكليفية لا أنه يزيل اطلاق ( البيّعان بالخيار )، وحينئذٍ يكون خيار المجلس ثابتاً وحينئذٍ لا مانع من الحكم بصحة هذا الفسخ.

ولكن نقول: - نحن وإن قلنا بأنَّ الفسخ صحيح ولكن هذا لا يعني أنَّ المشترط عليه قد فعل شيئاً صحيحاً، بل ارتكب محرماً وسوف تعزّره لهيأة النهي عن المنكر كما أن عدالته سوف تسقط ولكنه لا يوجد مثبت لبطلان الفسخ، وإنما مقتضى حديث ( البيّعان بالخيار ما لم يفترقا ) أنَّ الخيار ثابت له لا أنه يقع باطلاً، غاية الأمر تفعيل هذا الخيار والفسخ لا يجوز له، فتفعيله لا يجوز شيء وكونه ليس بثابت له شيء آخر، فالخيار موجود له فيقع صحيحاً، ولكن تفعيل هذا الخيار بما أنه مخالف للشرط فحينئذٍ يعزّر ويسقط عن العدالة.