الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

42/08/24

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة ( 107 ) من مسقطات خيار الجلس اشتراط سقوطه في العقد أو اسقاطه بعد العقد، الفصل الرابع ( الخيارات ) الأول خيار المجلس- الفصل الثالث (شروط العوضين ).

يبقى تساؤل: - وهو أنه سلّمنا أنَّ اسقاط خيار المجلس بالإسقاط مقبول إذا كان حقاً لا ما إذا كان حكماً شرعياً، إذ لو كان الخيار حكماً شرعياً كإباحة شرب الماء فهذا الحكم لا يمكن إسقاطه بالاشتراط كما لو قال للطرف أنا أهدي لك هدية أو ما شاكل ذلك بشرط أن لا تثبت لك إباحة شرب الماء - لا أنه لا تشرب الماء - فإنَّ هذا لا يمكن لأنَّ الحكم لا يمكن إسقاطه، أما في موردنا فالشرط هو حق وكذلك في شرب الماء إذا اشترط عليه عدم الشرب لا أن اباحة الماء تزول وإنما الاباحة موجودة ولكن يشترط عليه أن لا يفعّل الاباحة فهذا حق له فيستطيع ان يشرب ويستطيع ان لا يشرب فيمكن أن يسقط بالاشتراط، ففي موردنا إذا قلنا إنَّ خيار المجلس هو حق فسوف يسقط بالاشتراط، ولكن كيف يمكن إثبات أنه حق فإنه يحتمل كونه حكماً فلا يمكن سقوطه بالاشتراط؟ ولكن نقول إنه يوجد دليل على كونه حقاً وليس حكماً شرعياً وهو الارتكاز المتشرعي المتوارث، مضافاً إلى أنه ارتكاز عقلائي غير المردوع عنه شرعاً، كما توجد رواية معتبرة واقع مضمونها يدل على كون الخيار حقاً، وهي ما وراه الكليني عن عدّة من أصحابنا عن سهل بن زياد وأحمد بن محمد جميعاً عن بن محبوب عن علي بن رئاب عن أبي عبد الله عليه السلام:- ( الشرط في الحيوان ثلاثة أيا للمشتري اشترط أم لم يشترط فإن أحدث المشتري فيما اشترى حدثاً قبل الثلاثة أيام فذلك رضاً منه فلا شرط ) [1] فإذا كان الخيار حكماً شرعياً فالرضا بسقوطه لا ينفع فيدل هذا على كونه حقاً ليس بحكم والتصرف الذي أحدثه المشتري في المبيع - الحيوان - فهذا يدل على الرضا بالبيع فيسقط الخيار وهذا معناه أنَّ الخيار حق.

وأما الاشكال الثاني فجوابه ما تقدم: - وهو أنَّ هذا الاشكال مبني على كلمة ( إسقاط ) ولكن نقول لنرفع كلة ( إسقاط ) ونضع بدلها كلمة ( عدم ثبوت ) فيكون اشتراط عدم ثبوت خيار المجلس، فلا يأتي إشكال إسقاط ما لم يجب، بل لا يثبت الخيار من البداية، لا أنه ثبت أولاً ثم يسقطه، لأنهما حينما اشترطاه في اثناء العقد فهو ليس بثابت بَعدُ وإنما يحصل خيار المجلس بعد تمام العقد، فهو يشترط عدم ثبوته لا إسقاطه.

هذا مضافاً إلى أنَّ إسقاط ما لم يثبت إما للاجماع أو لأنه أمر عقلائي فإنَّ إسقاط ما لم يثبت ليس بأمر عقلائي، فإن كان المستند هو الاجماع فالاجماع ثابت في غير حالة اشتاط سقوط الخيار في متن العقد، كما إذا فرض أني لم اشتر شيئاً منك بَعدُ ولكني سوف اشتري منك شيئاً بعد سنة ومن الآن أقول لك إذا تبايعنا بعد سنة فأنا أسقط خيار المجلس ولا يثبت لي فهذا صحيح ونقول إن الاجماع ثابت على كونه غير صحيح، أما إذا اشترطنا في متن العقد عدم ثبت الخيار المجلس فلا مثبت على قيام الاجماع على بطلانه، والشك في ثبوت الاجماع يكفي في عدم حجية الاجماع، وأما إذا كان المدرك عقلائي وأن العقلاء لا يتقدمون على إسقاط الشيء قبل ثبوته فنقول إنَّ هذا موجود عند العقلاء فيما إذا فرض أن الطرف يريد أن يسقط خيار المجلس قبل اجراء عقد البيع بسنة مثلاً، أو أن تقول المرأة للرجل قبل أن تتزوجه سوف نتزوج بعد سنة ولكني من الآن أسقط عنك النفقة، ففي مثل هذه الموارد يكون اشتراط الإسقاط للخيار ليس عقلائياً، أما إذا أراد الطرف أن يسقط الخيار في متن العقد أو قبيل العقد بلحظة فهذا شيء عقلائي ولا إشكال فيه.

فإذاً سواء كان المدرك هو الاجماع أو كون الاسقاط ليس عقلائياً فعلى كلا التقديرين هو لا يشمل مقامنا، على أنَّ إسقاط ما لم يثبت - اسقاط الخيار -كما قلنا قد دلت معتبرة سليمان بن خالد على صحته فإن الامام عليه السلام طبق في موردها قاعدة ( المؤمنون عند شروطهم ) وهذا معناه أن هذا إما أنه ليس من إسقاط مال لم يجلب أو من الاسقاط المقبول والممضي شرعاً، فإذاً لا مشكلة من هذه الناحية.

وإذا كانت هناك مشكلة فهي أنك قد تقول إنَّ رواية سليمان بن خالد تشتمل على بعض الأمور المخالفة للقواعد فهذه قضية أخرى، لأنه قد يدّعى أنَّ هذا شرط ابتدائي وإن وجّهناه فيما سبق بتوجيهٍ أو غير ذلك الإشكالات، ولكن نقول إنَّ مجرَّد اشتمالها على بعض الأمور لا يضر بحجيتها بعدما كانت هذه الأمور يمكن تجاوزها.هذا كلَّه في الصورة الأولى لاشتراط عدم ثبوت خيار المجلس في متن العقد.

[1] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج18، ص13، أبواب الخیار، باب4، ح1، ط آل البيت.