الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

42/08/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة ( 107 ) من مسقطات خيار الجلس اشتراط سقوطه في العقد أو اسقاطه بعد العقد، الفصل الرابع ( الخيارات ) الأول خيار المجلس- الفصل الثالث (شروط العوضين ).

وربما يخطر إلى الذهن إشكال على التمسك بحديث ( المؤمنون عند شروطهم ) غير إشكال صاحب الجواهر(قده) وهو أن يقال:- إنَّ هذا الحديث يثبت لزوم ما كان مشروعاً في حدّ نفسه، فكل شيء كان مشروعاً في حدّ نفسه ومقبول شرعًا فبالاشتراط يصير لازماًن فعموم الحديث يثبت لزوم ما كان مشروعاً في حدّ نفسه، فهو يثبت لزوم الشرط إذا كان نافذاً شرعاً في حدّ نفسه أما أن يشترط شرطاً محرّماً كأن يبيع هذا الشيء لشخص بشرط أن يستغيب فلاناً أو يضربه فهذا غير جائز، وهكذا أيّ عصيانٍ تكليفي، فإذاً هذا الحديث يثبت لزوم كلّ شرطٍ ولكن بعد الفراغ عن كونه جائزاً ومشروعاً في حدّ نفسه فبالاشتراط يصير لازماً، كالزوجة تشترط على الزوج أنها تقبل بالزواج به بشرط أن يجعل لها بيتاً مستقلاً وفي مكان معيّن فهذا الشرط مباح في حدّ نفسه فبالشرط يصير لازماً، أما ما كان غير مشروع فلا يمكن أن يصير نافذاً بعموم حديث ( المؤمنون عند شروطهم ) وإلا يلزم أن يكون حديث ( المؤمنون عند شروطهم ) مشرّعاً للحرام وهذا غير ممكن، وكذلك مشكوك الحلية والجواز والنفوذ أيضا لا يمكن التمسك بعموم الحديث لإثبات لزومه لأنه من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية - أو الموضوعية -، بل لابد أن يثبت أولاً أنَّ هذا الشرط مشروع حتى يكون نافذاً بعموم ( المؤمنون عند شروطهم )، وحينئذٍ نقول في مقامنا نحن نشك أنَّ اشتراط سقوط خيار المجلس هل هو نافذ في حدّ نفسه أو لا ؟ إنه يحتمل أنه نافذ ولكن لا نجزم بذلك، إذ لو كنّا نجزم بكونه نافذاً لما احتجنا إلى دليلٍ على نفوذ الاشتراط، ولكن نحن نشك في نفوذه فاحتجنا إلى التمسك بعموم الحديث، ومادمنا نشك في نفوذ هذا الشرط فلا يمكن التمسك بعموم حديث ( المؤمنون عند شروطهم ) لأنه يكون من التمسّك بالعام في الشبهة الموضوعية - أو المصداقية - وهو لا يجوز.

والجواب: - إنَّ حديث ( المؤمنون عند شروطهم ) هو وسيع جداً ويدل على أنَّ كلّ شرط هو نافذ وصحيح والذي خرج منه بالمخصّص ما قطع بكونه محرّماً وغير مشروع، فمقطوع عدم الشرعية هو الخارج من العموم، وإلا فهذا العموم يدل على أنَّ كل شرط هو نافذ خرج منه ما قطع بكونه غير نافذ شرعاً، فيبقى مشكوك الشرعية دخلاً تحت العموم ونفس العموم يثبت شرعيته، فإنَّ هذا العموم يثبت شرعية كل شرط ولزوم ونفوذ كل شرط والخارج منه مقطوع عدم النفوذ والبطلان، ومن أحد الشروط هو شرط خبار المجلس فنتمسك بعموم ( المؤمنون عند شروطهم ) لإثبات شرعيته ولزومه، فإن نفس العموم يكون دالاً على أنَّ هذا الشرط شرعي ونافذ ولازم.

ولا تقل: - لنقل إنَّ اشتراط الخيار هو جائز حتماً من باب أنه حقٌّ وهو يريد إسقاط حقه فيكون نافذاً.

ولكن نقول: - إنَّ هذا جواب آخر لسنا بصدده الآن، فنحن نغض النظر عن هذه القضية الآن ونقول إنَّ هذا الاشتراط صحيح ونافذ بعموم حديث ( المؤمنون عند شوطهم ).

هذا كله في التوجيه الأول لسقوط خيار المجلس بالاشتراط وهو التمسك بعموم ( المؤمنون عند شروطهم )، وقد اتضح مما تقدم أنَّ التمسك بحديث ( المؤمنون عند شروطهم تام.

الوجه الثاني لسقوط خيار المجلس: - وهو سقوطه باشتراط إسقاطه في متن العقد.

فإذاً اشترط أحد المتبايعين على الآخر أو كليهما إسقاط خيار المجلس فسوف نتمسك بعموم حديث ﴿ أوفوا بالعقود ﴾ فيصير هذا الشرط جزءاً من العقد، فالعقد يصير هو بعتك هذا الشيء بهذا الشيء وجزء العقد هو سقوط خيار المجلس، فيكون نافذاً بعموم ﴿ أوفوا بالعقود ﴾.