الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

42/08/08

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - الفصل الرابع ( الخيارات ) الأول خيار المجلس- الفصل الثالث (شروط العوضين ).

الحكم الثاني[1] : - إنَّ الوكيل في مجرّد إجراء الصيغة لا يثبت له خيار المجلس وأما الوكيل المطلق في جميع شؤون المعاملة فيثبت له خيار المجلس، والنكتة أنه يصدق عليه عنوان البيّع جزما فيشمله إطلاق ( البيّعان بالخيار ما لم يفترقا ).

وهنا يوجد سؤالان: -

السؤال الأول: - إنَّه حين ثبوت خيار المجلس للوكيل في جميع شؤون المعاملة لصدق عنوان البيّع عليه حقيقة فبالتالي حينما يعمل الخيار فهل يعمله عن نفسه أو عن المالك؟

والجواب: - المناسب أنه يثبت الخيار عن نفسه، لأنَّ الرواية قالت:- ( البيعّان بالخيار ما لم يفترقا )، فنفس البيّعين لهما الخيار والوكيل في جميع شؤون المعاملة هو بائع فيثبت له الخيار لا أنه يثبت له الخيار عن المالك وإنما يثبت له الخيار عن نفسه، فبما أن له منصب البيّع فيثبت له الخيار، هكذا هو المناسب ولكن جاء في عبارة المتن ما نصّه:- ( كان له الفسخ عن المالك )، فما توحيه هذه العبارة من أنَّ إِعمال الخيار يكون عن المالك وليس عن نفس الوكيل محل تأمل فإنَّ عنوان البيّع يصدق على الوكيل حقيقةً، ومادام يصدق عليه حقيقة فيثبت له خيار المجلس حقيقةً ويجوز له الفسخ حقيقةً بما أنه بيّع ولا معنى أن نقول يفسخ عن المالك.

السؤال الثاني: - إذا لم يُعمِل الوكيل الخيار فهل يثبت الخيار للمالك إذا كان المالك موجوداً في المجلس أيضاً؟

والجواب: - المناسب أنه لا يثبت له الخيار، إذ البيّع هو الوكيل والمالك ربما يقال بأنه ليس بيّعاً وإنما بِيعَ عنه الشيء، فالصحيح أن يعبّر المالك ويقول إنَّ الوكيل قد باع عنّي لا أنني أنا الذي بعت، ونحن نحتمل ذلك ويكفينا الاحتمال والشك، فنحن نشك أنَّ عنوان بيّع وبائع يصدق على المالك بمجرّد التوكيل أو أنَّ الذي يصدق عليه أنه ( بِيعَ عنه ) أما أن نطلق عليه بأنه بائع فهذا نطلقه عليه بنحو المسامحة والمجاز، إنه يوجد مجال في أن نقول إنَّ إطلاق البائع عليه هو بنحو المجاز، فإذا كان الأمر كذلك فخيار المجلس لا يثبت له، فإنه إذا صدق عنوان البائع على المالك فسوف يصير عندنا بائعان في هذه المعاملة وهو بعيد جداً، بل المناسب أن يكون البائع واحد، فبما أنَّ المشتري واحداً فالمناسب أن يكون البائع واحداً لا أكثر إلا بنحو المجاز، وإذا كان بنحو المجاز فهذا يعني أنه حقيقةً ليس ببائعٍ وإنما بِيعَ عنه.

فإذاً الوكيل المفوَّض يثبت له الخيار خلافاً للسيد الماتن وأما المالك لو كان حاضراً في المجلس فيمكن أن يقال لا يثبت له خيار المجلس من باب الشك في صدق عنوان البائع عليه وإنما يصدق عليه ( بِيعَ عنه )، وقد يدعم ذلك ويؤكده ما نشعر به بالوجدان من أنَّ المعاملة الواحدة لا تتحمل أن يكون فيها بائعان، فالمناسب أن يكون البائع واحداً كما أنَّ المشتري واحداً، نعم إذا اشترى اثنين لكل واحدٍ منهما النصف فهذا شيء آخر، لا أنَّ الوكيل يبيعه كاملاً والمالك يبيعه كاملاً أيضاً فهذا بعيد، فإذاً المالك يقال إنه بيع عنه فلا يثبت له خيار المجل

الحكم الثالث: - إذا فرض أنَّ الوكيل كان وكيلاً مطلقاً مفوضاً فقد قلنا يثبت له الخيار، ولكن المدار هل على افتراق المباشرين للعقد - أي الوكيلين المفوضين - أو المدار على افتراق المالكين؟

والجواب قد اتضح: - وهو أنَّ المدار على افتراق المباشرين للعقد والنكتة واضحة إذ المفروض أنهما هما البيّعان والرواية تقول ( البيّعان بالخيار ما لم يفترقا )، فالمدار على افتراق المباشرين للعقد لا على افتراق المالكين.

الحكم الرابع: - لو فرض أنَّ المباشرين للعقد - أعني الوكيلين - فارقا المجلس ولكنهما بقيا مصطحبين فالخيار يكون باقياً حتى يفترقا فالمدار إذاً على افتراقهما لا على افتراقهما عن المالكين ولا على افتراقهما عن المجلس بل المهم هو افترق أحدهما عن الآخر فإذا افترقا فآنذاك ينتهي أمد الخيار.

ونذكر جملة معترضة لم يتعرّض إليها السيد الماتن(قده): - وهي أنه توجد قضيتان: -

القضية الأولى: - ما لو فرض أنَّ المجريين للعقد كانا متباعدين، كما لو كان أحدهما في أوربا والآخر في العراق وأجريا المعاملة بواسطة الهاتف، فهل يثبت لهما خيار المجلس قبل غلق الهاتف أو لا؟

القضية الثانية: - لو فرض أنهما أجريا العقد ولكن أحدهما يبعد عن الآخر مائة متر مثلاً فهل يثبت لهما خيار المجلس إلى أن يفارقا النقطة التي أجريا فيها العقد أو لا يثبت لهما خيار المجلس حتى لو كانا باقيين في مكانهما ولم يفارقاه؟


[1] الحكم الثاني من الأحكام التي يشتمل عليها المتن.