الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

42/07/28

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - الفصل الرابع ( الخيارات ) الأول خيار المجلس- الفصل الثالث (شروط العوضين ).

الحكم الثاني: - إذا كان العاقد في البيع وكيلاً عن المالك فهل يثبت للوكيل الخيار؟

قسّم السيد الماتن(قده) الوكيل إلى قسمين، وكيل في إجراء صيغة العقد فقط وأخرى يكون وكيلاً مفوضاً في كل الشؤون فما يراه صلاحاً يفعله، فإذا كان وكيلاً في مجرد إجراء الصيغة لا أكثر فلا يثبت له خيار المجلس، وأما إذا كان كيلاً من القسم الثاني فيثبت له الخيار.وهو تفصيل عقلائي يقتضيه الذوق العقلائي.وأضاف الشيخ الأعظم(قده) قسماً ثالثاً للوكيل، فهو ذكر القسم الأول وهو أن يكون وكيلاً في إجراء الصيغة فقط، وأما القسم الثاني وهو أن يكون كيلاً مفوضاً فقد ذكره بعنوان القسم الثالث، فهو ليس هو وكيلاً في مجرّد اجراء الصيغة فقط ولا أنه مفوض تفويضاً تاماً بل هو مفوَّض إلى أن يجري العقد فبعد أنَّ يجري العقد فسوف تنتهي وكالته، أما القسم الثالث فهو أن تكون وكالته ممتدة بعد العقد فإذا رأى من المناسب أن يفسخ العقد فسخه.والمناسب ما صنع السيد الماتن(قده) ولا داعي إلى تثليث الأقسام.

أما القسم الأول: - وهو أن يكون وكيلاً في اجراء الصيغة فقط فقد قلنا لا يثبت له خيار المجلس، وقد ذكر الشيخ الأعظم(قده) خمسة وجوه لعدم ثبوت الخيار له.

وقبل أن نذكر هذه الوجوه التي ذكرها الشيخ الأعظم(قده) نرجع إلى عبارة السيد الماتن(قده) حيث توجد عليها ملاحظتان: -

الملاحظة الأولى:- إنه قال: - ( ولو كان المباشر للعقد الوكيل كان الخيار للمالك فإن الوكيل وكيل في إجراء الصيغة فقط وليس له الفسخ عن المالك )، والملاحظة هي أنه لا يقال ( فإنَّ الوكيل وكيل ) بل المناسب أن يقول ( إذا كان الوكيل... )، والسبب في كون ما قلناه أولى مما ذكره هو أنَّ تعليله بقوله ( فإنَّ الوكيل وكيل في إجراء الصيغة ) يعني أنه افترض من البداية أنه قد بيَّن أنَّه يوجد عندنا وكيل في إجراء الصيغة ويوجد عندنا وكيل في كامل المعاملة، فإن كان قد قسَّم هكذا تقسيم فلا بأس بعبارته، ولكنه لم يبيّن في بداية العبارة أنَّ الوكيل على قسمين وإنما دخل في بحث الوكيل رأساً حيث قال:- ( ولو كان المباشر للعقد الكيل كان الخيار للمالك فإن الوكيل وكيل في إجراء العقد )، فهذا بداية شروعه في الحكم الثاني من أحكام المتن وهو التعرض إلى حالة ما إذا كان العاقد وكيلاً، وهو لم يقسَّمه إلى قسمين ، فما ذكره من عبارةٍ ليس بصحيح، إذ هو لم يفرض أنه وكيل في مجرّد إجراء الصيغة، والتعليل بالشكل الذي ذكره يتناسب مع تقسيمه الوكيل إلى قسمين من البداية وكيل في إجراء الصيغة فقط ووكيل مفوّض في تمام المعاملة، فهنا يكون تعبيره بـ( فإنَّ الوكيل وكيل .. ) في محله، أما بعد أن لم يبين هذا التقسيم مسبقاً فلا يعبّر هكذا تعبير وإنما يعبّر بـ( إذا كان الوكيل... )، فبه تشير إلى القسم الأول.

الملاحظة الثانية: - إنه قال أيضاً: - ( وليس له الفسخ عن المالك )، والملاحظة هي أنَّ الأنسب حذف عبارة ( عن المالك ) إذ يمكن الاستغناء عنها، بل هي موهمة، فهي توهم بأنَّ الوكيل يستطيع أن يفسخ عن نفسه ولا يستطيع أن يفسخ عن المالك، وكان من المناسب أن يقول ( وليس له الفسخ ) فقط.

عود إلى لصلب الموضوع: - قلنا إنَّ الوكيل مرة يكون وكيلاً في إجراء صيغة العقد وأخرى يكون وكيلاً في العقد بكامل شروطه: -وأما الوجوه الخمسة التي استدل الشيخ الأعظم(قده) لعدم ثبوت الخيار للوكيل في اجراء الصيغة فهي: -

الوجه الأول[1] : - إنَّ بعض خيارات المجلس اقترنت بخيار الحيوان حيث قالت إنَّ الخيار لصاحب الحيوان وفي غيره حتى يفترقا فإذاً إذا كان البيع لغير الحيوان فالخيار ثابت لهما حتى يفترقا وإذا كان حيواناً فالخيار لصاحب الحيوان، ببيان أنَّ هذا يثبت من خلال قرينة السياق، فإنَّه في خيار الحيوان إذا فرض أنَّ البائع كان وكيلاً في إجراء الصيغة فقط فهنا لا يثبت له خيار الحيوان جزماً بمجرد إجراء الصيغة، وذلك يلزم منه أن يكون الأمر كذلك في غير الحيوان إذا كان وكيلاً في مجرّد إجراء الصيغة فقط، لأنه في باب الحيوان إذا كان البائع وكيلاً في مجرد إجراء الصيغة لا يثبت له خيار الحيوان ففي غير خيار الحيوان الذي هو الفقرة الأخرى في الحديث التي تقول ( وما سوى ذلك حتى يفترقا ) يلزم أن يكون الوكيل في إجراء الصيغة فقط أيضاً ليس له خيار المجلس.

والرواية هي صحيحة محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام فإنه قال:- ( البيّعان بالخيار حتى يفترقا وصاحب الحيوان بالخيار ثلاثة أيام )[2] ، وعلى منوالها رواية علي بن اسباط[3] .

والجواب واضح حيث نقول: - إنه في باب الحيوان الخيار ثابت ليس للبائع بما هو بائع حتى تتمسك قرينة السياق وإنما هو ثابت لصاحب الحيوان وصاحب الحيوان هو المالك، فإذاً لم نقل بثبوت خيار الحيوان للوكيل في إجراء صيغة البيع من باب أنَّ خيار الحيوان ثبت لصاحب الحيوان فإنَّ الرواية تقول ذلك، فهي قالت ( وصاحب الحيوان ) ولم تقل ( بائع الحيوان )، إذ لو قالت بائع الحيوان ثبت خيار الحيوان للبائع، أما حينما قالت ( صاحب الحيوان ) فقد ثبت خيار الحيوان لعنوان صاحب الحيوان ولم يثبت لعنوان بائع الحيوان، بينما خيار المجلس فقد ثبت لعنوان البائع لا لعنوان صاحب الشيء، فإذاً فرّق بينهما لأجل هذه الناحية فقيل لا ثيبت الخيار للوكيل في مجرّد إجراء الصيغة في باب الحيوان لأنَّ الخيار ثابت لصاحب الحيوان - أي المالك - بينما في خيار المجلس فهو ثابت لعنوان ( البيّعان ) وقد يقال إنَّ الوكيل بائعٌ فيثبت له خيار المجلس، فإذاً لا يمكن التمسك بوحدة السياق.


[1] وقد ذكره الشيخ الأعظم(قده) بعنوان الوجه الثالث.
[2] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج18، ص5، أبواب الخيار، باب1، ح1، ط آل البيت.
[3] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج18، ص5، أبواب الخيار، باب1، ح5، ط آل البيت.