الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

42/07/16

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - تتمة مسألة ( 105 )، الفصل الرابع:- الخيارات - الفصل الثالث (شروط العوضين ).

وتوجد قضايا ثلاثة: -

القضية الأولى: - هل يلزم في الضميمة صحة بيعها منفردةً وفي مقابل الذي له قيمة ولكنه لا يباع منفرداً كتمرة واحدة؟

والجواب:- ربما يظهر من الشيخ الأعظم(قده) عدم اشتراط ذلك، قال:- ( وأيضاً الظاهر اعتبار كون الضميمة مما يصح بيعها وأما صحة بيعها منفردةً فلا يظهر من الرواية فلو أضاف إلى الضميمة من تعذر تسليمه كفى )[1] .

وهذا غريب: - لأننا نريد الضميمة لأجل أن الثمن يقابلها إذا فرض المبيع - وهو العبد الآبق أو الطير الطائر - قد تعذر فهذه الضميمة لا صحيح بيعها منفردةً لأنها تمرة واحدة، فكيف قال الشيخ يصح البيع وإن لم يصح بيع الضميمة منفردة؟! فنحن نريد أن نقول إنَّ الروايتان يستفاد منهما اشتراط أن تكون الضميمة مما يصح بيعها منفردة ووجه دلالة الروايتين على ذلك هو أنَّ الامام عليه السلام قال إذا تعذّر تسليم العبد الآبق صار الثمن في مقابل الضميمة ولا يكون أكلاً للمال بالباطل، فهذا بنفسه يكون قرينة على كون الضميمة مقابلة لأن تباع منفردةً وإلا فسوف لا تقابل بالثمن ويصير البيع بين الثمن وهذه الضميمة، وهذا ينبغي أن يكون واضحاً.

القضية الثانية: - إنه جاء في عبارة السيد الماتن أن تكون الضميمة ذات قيمة معتد بها بحيث يمكن أن تقابل بالثمن ولا يكفي أن تكون لها قيمة غير معتد بها ولا يصح بها البيع، ويمكن أن يعلل ذلك بالانصراف، يعني حينما قال الامام عليه السلام يلزم أن يضم إلى العبد الآبق شيئاً فمقصوده أنَّ الضميمة لها قيمة معتدّ بها، وحينئذٍ سوف يصير الثمن الكثير مقابل الضميمة، فإذاً لابد أن تكون الضميمة شيئاً معتداً به حتى يصح أن يقابل بالثمن، فيدّعى الانصراف عن حالة ما إذا لم تكن الضميمة ذات قيمة معتد بها.

ولكن نقول:- إنه على مبنانا في باب الاطلاق ومقدمات الحكمة حيث ذكرنا أنه يمكن أن نضيف مقدمةً أخرى إلى مقدمات الحكمة، وهي أنه يمكن التمك بالإطلاق إذا كان يستهجن الاطلاق على تقدير إرادة المقيد واقعاً، أما إذا لم يستهجن الاطلاق على تقدير إرادة المقيد واقعاً من قبل المتكلّم فهنا لا يتعقد الاطلاق، والنكتة الفنية واضحة، فأنه إذا لم يستهجن الاطلاق على تقدير إرادة المقيد فلا نستطيع أن نتمسك بالإطلاق، إذ لعل المراد هو المقيد واقعاً، إذ المفروض أنَّ الاطلاق لا يستهجن على تقدير إرادة المقيد واقعاً، ومثال ما يسجهن واضح، فاستهجان الاطلاق على تقدير إرادة المقيد واقعاً هي الحالة الغالبة، كما لو قال اعتق رقبة فهو لم يقيد بكونها مؤمنة، فلو كان مراده واقعاً خصوص المؤمنة فهنا يستهجن منه الاطلاق، فهنا ينعقد الاطلاق ويصح التمسك به وهذا واضح، وأما مثال عدم استهجان الاطلاق على تقدير إرادة المقيد واقعاً فهو أنه يوجد كلام في باب رؤية الهلال وأنه هل تكفي العين المسلحة أو لا - يعني ننظر إلى الهلال من خلال الأجهزة الحديثة فنراه، - فهناك من قال نتمسك بإطلاق ( صم للرؤية ) فإنَّ هذه رؤية للهلال غايته أنها حصلت من خلال التلسكوب، فتمسكوا بالإطلاق، ويوجد جواب معروف على هذا الرأي وهو الانصراف إلى العين المجرّدة، ولكن قد يرفضون هذا الانصراف ولا يكون جواباً مقنعاً لهم، أما نحن فنقول إنَّ شرط انعقاد الاطلاق هو أن يستهجن الاطلاق على تقدير إرادة المقيد، وهنا إذا كان مقصود الامام عليه السلام العين المجردة فلا يستهجن منه الاطلاق ولا يقال له لماذا لم تقيد العين بكونها مجردة لا ما يشمل العين المسلحة، وبالوجدان أنَّ اطلاقه غير مستهجن هنا، ولا يقولن قائل إن أجهزة الحديثة كانت موجودة في ذلك الزمان، ولكن نقول لو فرض أنها لم تكون موجودة أو لم تكن متعارفة ولو كانت موجودة في قليلة وعند بعض الناس فبالتالي لا يستهجن من المتكلم الاطلاق إذا كان مراده المقيد واقعاً، ومعه لا ينعقد الاطلاق، ولو قلت:- من أين جئت بهذه المقدمة؟ قلت:- إنَّ هذه قضايا قياساتها معها، لأنه إذا لا يستهجن الاطلاق على تقدير إرادة المقيد واقعاً كيف تتمسك بالإطلاق وإنما يبقى احتمال إرادة المقيد واقعاً، فالإطلاق لا يمكن أن تتمسك به مادام يحتمل إرادة المقيد واقعاً من دون استهجان، ويمكن الحصول على أمثلة متعددة على هذا المنوال.

فإذا عرفنا هذا نأتي ونطبقه في موردنا، ففي موردنا قال الامام عليه السلام لابد وأن تضم إلى العبد الآبق شيئاً عند بيعه حتى إذا لم يتمكن المشتري منه يقع الثمن في مقابل الضميمة ونحن نقول لابد وأن تكون الضميمة ذات قيمة معتد بها، وإذا قلت لي:- إنَّ الرواية مطلقة، قلت:- لو كان مراد الامام عليه السلام هنا أن تكون الضميمة ذات قيمة معتد بها لا يستهجن منه الاطلاق، فإنَّ الوجدان قاضٍ بأنه لو كان مراد الامام عله السلام من لزوم ضم ضميمة حتى يقع الثمن مقابلها هي الضميمة التي لها قيمة معتد بها فإذا أطلق ولم يقيد بهذا فلا ستهجن منه ذلك، ومعه لا ينعقد الاطلاق هنا ولا يصح التمسك به، فإذا قبلنا بهذه المقدمة التي ذكرناه فسوف نتمسك بها ونقول لابد أن تكون الضميمة معتد بها، وإذا لم نقبلها فسوف ينحصر الأمر بالانصراف، ونستبعد وجود فقيهٍ يقول بكفاية كون الضميمة ذات قيمة غير معتد بها.

القضية الثالثة: - إنَّ الروايات وردت في العبد الآبق ولكن رغم ذلك نعمّم الحكم - وهو جواز البيع مع الضميمة - لغير العبد الآبق مثل الطير إذا طار فهنا يجوز بيعه مع الضميمة ولا يصح من دون ضميمة، لنفس روايات العبد الآبق فكما أنَّ العبد الآبق لا يصح بيعه إلا مع الضميمة كذلك الطير الذي طار أو ما شاكل ذلك من الأمور كالمال الذي ضاع، فإذا الرواية وإن كانت واردة في العبد الآبق ولكن نعممها إلى الطير إذا طار وغلى المال إذا ضاع وما شاكل ذلك فإنه لا يصح بيعه إلا مع الضميمة، وذلك للجزم بعدم الخصوصية، إذ لا يحتمل الخصوصية للعبد الآبق عرفاً وإنما نقطع بعدم الخصوصية.

 

الفصل الرابع: - الخيارات.الخيار حقٌ يقتضي السلطنة على فسخ العقد برفع مضمونه...........................................................................................................معنى الخيار هو حق فسخ العقد أو السلطنة على فسخه، كما لو جرى عقد بيع بين البائع والمشتري على خاتمٍ فهذا النقل والانتقال الذي حصل بسبب البيع سوف يرتفع بفسخ العقد وسوف يرجع كل شيء إلى مالكه.وتعبير السيد الماتن نقوله ( برفع مضمونه ) زيادة ليست مهمة، كما أنه قال ( الخيار حق يقتضي السلطنة على فسخ العقد )، ولكن هذا تطويل لا داعي إليه، بل قل ( الخيار حق فسخ العقد )، أو قل ( الخيار سلطنة على فسخ العقد )، فلماذا تجمع بين ( حق ) و ( سلطنة )، بل الأنسب إما أن تذكر ( حق ) من دون ( سلطنة ) أو بالعكوتوجد بعض القضايا جانبية لا بأس بالالتفات إليها: -

القضية الأولى: - هل الخيار مصدر أو اسم مصدر؟، والتفرقة بين المصدر وبين اسم المصدر مرة تكون تفرقة أصولية وأخرى تكون تفرقة نحوية أو لغوية، ولعل التفرقة النحوية اللغوية بشكلٍ والتفرقة الأصولية بشكل آخر.


[1] كتاب المكاسب (للشيخ الأنصاري) ط تراث الشيخ الأعظم، الشيخ مرتضى الأنصاري، ج4، ص203.