الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

42/06/17

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة (99 ) حكم بيع الأرض الخراجية - الفصل الثالث (شروط العوضين ).

وفي مقام التعليق نقول: - نحن نسلّم بأنَّ الأصل حينما يجري في أيَّ شيء من الأشياء يلزم أن يكون ذلك الشيء محطاً للأثر، ولكنك قلت ( إنَّ محطَّ الأثر هو العنوان الوجودي فقط لأنَّ الروايات ترتبت الأثر على العنوان الوجودي ولا توجد فيها أداة شرط حتى تقول سوف ينعقد مفهوم فإذاً العدم لم يترتب عليه أثر فلا يجري الأصل فيه )، ولكن نقول:- إنَّ العاقل متى ما أصدر حكماً متعلّقاً بجزأين فهو قد صدر منه جعلاً متعدداً وليس جعلاً واحداً كما تدّعي وهو في طرف الوجود غاية الأمر أنه بلحاظ الجزء الأول الوجودي هو جعلٌ وبلحاظ الجزء الثاني الوجودي صدر منه جعلٌ أيضاً، وهذا مورد وفاقٍ بيننا، ولكن نقول إنَّ العاقل كما يجعل الأثر في الجزأين الوجوديين أيضاً هناك جعل آخر منه ولكن لا يصرّح به لوضوحه وأنه إذا انتفى الجزء الأول فسوف ينتفي ما جعلته أو إذا انتفى الجزء الثاني فسوف ينتفي ما جعلته، فهذا الجعل أيضاً هو صادرٌ من المولى، فالمولى يجعل العدم عند انعدام هذا الجزء أو عند انعدام ذاك الجزء، ولا يمكن للعاقل أن يصدر حكماً على جزأين من دون أن يضم إليه الحكم بالانتفاء عند انتفاء هذا الجزء أو عند انتفاء ذاك الجزء فإنَّ هذا هو لازم كون هذا قيداً في الأثر، فالعمران زائداً الفتح عنوةً إذا كان محطاً للأثر - أي لملكية المسلمين - فلازمه أنه إذا لم يكن الفتح متحققاً فالأثر - وهو ملكية المسلمين - لا تثبت، وإذا لم يكن العمران حال الفتح متحققاً فأيضاً ملكية المسلمين لا تثبت، ولكن قد لا يصرّح به لوضوحه ولا يمكن غير ذلك، لأنَّ هذا هو لازم كونه دخيلاً في الأثر، فحينما يكون دخيلاً في الأثر فهذا يعني أنَّ له تأثير من الطرفين، أي عند تحققه يتحقق الأثر وعند عدمه ينعدم الأثر.

إن قلت: - إنَّ هذا مسلّم كما تقول ولكنه ناشئ من العقل، فإنَّ العفل هو الذي يقول ذلك لا المولى، والمهم عندنا هو أنَّ المولى يرتب الأثر على الطرفيين الوجوديين ويرتب عدم الأثر على عدم الطرفين لا أنَّ العقل يحكم بذلك، وإلا عدنا إلى محذور الأصل المثبت.

قلت:- إنَّ دور العقل هو دور الكاشف لا دور الحاكم، فهو يستكشف أنَّ المولى هكذا صنع، يعني حينما جعل وجود الحكم منصباً على جزأين وجوديين فقد جعل عدم ذلك الشيء عند عدم هذين الجزأين أو عند عدم أحدهما، فدور العقل هو دور الكاشف، وإذا عبرنا بأنه يحكم فهو يحكم بمعنى الكشف لا أنه هو المؤسس، بل الواقع موجودٌ وهو يستكشف هذا الواقع، وجرب ذلك في نفسك، فأنت حينما تجعل وجود شيءٍ مرتبطاً بتحقق جزأين فمقصودك هو أنه عند عدم أحدهما فذلك الشيء الذي جعلته لا تجعله في هذه الحالة بل المجعول هو العدم ولا يوجد تصرّح بذلك لشدّة وضوح المطلب، والأصولي أحياناً لأجل التدقيق في المطالب قد يغفل عن القضايا العقلائية ويبقى يتمسك بالتدقيقات الأصولية وينسى الذوق العقلائي والطريقة العقلائية، والأمر هنا كذلك، فما ورد من قبل السيد الخميني(قده) تدقيق أصولي لكنه على خلاف ما عليه العقل والعقلاء، فتمام النكتة التي نريد الاشارة إليها هي أنَّ الدور هو دور العقل في هذا المقام، فهو الذي يحكم بانعدام الحكم عند انعدام الجزاء الأول أو الجزء الثاني، فدوره دور الكاشف بعدما يطّلع العقل على أنَّ المولى صبَّ الحكم على جزأين فينكشف آنذاك عنده أنَّ المولى يريد أن يقول ( وينعدم الحكم عند انعدام هذا الجزء أو ذاك )، فالجعل الثاني ملازم للجعل الأول جزماً ولا ينفك عنه، وحتى إذا لم يأتِ بأداة الشرط فهي مقدّرة وموجودة، وعلى هذا الأساس لا يلزم محذور الأصل المثبت.