الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

42/05/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة ( 95 ) عدم جواز بيع الوقف في الجملة - الفصل الثالث (شروط العوضين ).

وهذه المكاتبة قد رواها المحمدون الثلاثة، وسندها عند الشيخ الطوسي(قده) هو:- ( أحمد بن محمد وسهل بن زياد جميعاً والحسين بن سعد عن علي بن مهزيار )[1] ، وقد قلنا إنَّ تعبيره ( والحسين بن سعيد ) كان اشتباهاً والصحيح هو ( عن الحسين بن سعيد )، وقد قلنا إنَّ أحمد بن محمد هو إما أبن عيسى أو ابن خالد وكلاهما ثقة، فأحمد بن محمد وسهل بن زياد كلاهما يرويان عن الحسين بن سعيد واللحسين بن سعيد هو الأهوازي وهو ثقة عن علي بن مهزيار وهو ثقات أصحابنا، فالسند إلى هنا لا مشكلة فيه ولكن لابد من ملاحظة السند من الشيخ الطوسي إلى أحمد بن محمد، ولو رجعنا إلى مشيخة التهذيب أو الاستبصار أو الفهرست أو رجال الطوسي فلو وجدت طريقاً واحداً صحيحاً في هذه الموارد كفى لذلك، لأنه عادة يقول إن كل ما رويناه عن احمد بن محمد بن عيسى هو بهذا الطريق وبذاك والطريق وليس هذه الرواية بخصوصها، والطريق الذي ذكره في الفهرست هو:- ( أخبرنا بجميع كتبه ورواياته عدة من أصحابنا منهم الحسين بن عبيد الله وابن أبي جيد عن العطار عن أبيه وسعد بن عبد الله عنه )[2] ، والحسين بن عبيد الله هو الغضائري الأب وهو من أجلَّة أصحابنا وثقاتهم، وابن أبي جيد ثقة أيضاً وساء كان ابن أبي جيد ثقة أو لا كفانا الحسين بن عبيد الله، أما والد العطّار وسعد بن عبد الله الأشعري فكلاهما ثقة، والمشكلة فهي في العطّار الابن وهو أحمد بن محمد بن يحيى العطار وهو من مشايخ الاجازة ولكن لا يوجد توثيق صريح في حقه، ولذلك اختلفت الكلمة فيه، فإن قلنا تكفي شيخوخة الاجازة في اثبات الوثاقة فلا مشكلة فيه حينئذٍ، وإن توقفنا في ذلك كالسيد الخوئي(قده) فلا تثبت وثاقته، فلعل السيد الخوئي(قده) رأى أنَّ هذا الطريق فيه أحمد بن محمد بن يحيى العطار وهو لم تثبت وثاقته فقال هي ضعيفة السند ولم يراجع طرقها الأخرى، ولعله لو نظر في بقية الطرق لوجد طريقاً معتبراً، ولذلك يجب ملاحظ جميع الطرق، ولعلَّ السيد الخوئي(قده) قال إنَّ هذه المكاتبة ضعيفة السند لأنَّ طريق الشيخ الطوسي إلى أحمد بن محمد بن يحيى العطار، وهذه مشكلة سيّالة في جميع الروايات المورية عن أحمد بن محمد بن يحيى عيسى لأن أحمد بن محمد بن يحيى العطار موجود في السند الذي هو من مشايخ الاجازة.

وأما الطريق الثاني للمكاتبة فهو: - ( وأخبرنا عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد عن أبيه عن محمد بن الحسن الصفار وسعد جميعاً عن أحمد بن محمد بن عيسى )، وقد يتأمل البعض في العدَّة فيقول إنَّ العدَّة لم يذكر أحدهم، كما يقال إنَّ أحمد بن الحسن بن الوليد هو من مشايخ الاجازة ولا يوجد توثيق في حقه، أما أبيه محمد بن الحسن بن الوليد القمي ثقة، وأما محمد بن الحسن الصفار وسعد وأحمد بن محمد بن عيسى لا تأمل فيه، ولكن المشكلة هي في العدة وأحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد، فإن قلنا إنَّ شيخوخة الاجازة لا أقل للمعروفين منهم تكفي لإثبات الوثاقة فحينئذٍ لا مشكلة، وليس من البعيد أن نقول إنَّ مشايخ الاجازة المشهورين المعروفين هم ثقات ومن البعيد التوقف في وثاقتهم، ولكن السيد الخوئي(قده) لا يبني على ذلك، ولعل السيد الخوئي(قده) توقف من هذه الناحية في كلا الطريقين، وهذه المشكلة سيّالة في كل الروايات التي يكون بداية سندها أحمد بن محمد بن عيسى، فهنا لابد أن نرجع إلى كلا الطريقين وكلاهما عند السيد الخوئي محل تأمل فتكون ساقطة عن الاعتبار، إلا أن يرويها غيره كالصدوق او الكليني ولها طريق معتبر ولكن هذه قضية ثانية، إذاً على هذا الطريق الذي ذكرناه القضية مبنائية فمن بنى على أن مشايخ الاجازة لا اقل المعروفين هم من الثقات فالطريق يكون معتبر ومن لم يبنِ على ذلك كالسيد الخوئي فالطريق لا يكون معتبراً.

ولكن مما يهوّن الخطب في خصوص موردنا أنَّ هذه الرواية لم يروها الشيخ الطوسي(قده) فقط بل رواها الشيخ الصدوق والشيخ الكليني(قده) فإذا كان لهما طريق معتبر كفانا ذلك، أما طريق الشيخ الصدوق فهو:- ( العباس بن معروف عن علي بن مهزيار )[3] ، والعباس بن معروف من الثقات، ولكن يلزم ملاحظة طريق الشيخ الصدق إلى العباس بن معروف في مشيخة الفقيه، ولو رجعنا إليها وجدناه يقول:- ( وما كان فيه عن العباس بن معروف فقد رويته عن محمد بن الحسن رضي الله عنه عن محمد بن الحسن الصفار عن العباس بن معروف )[4] ، وهذا الطريق معتبر، فإنَّ محمد بن الحسن هو ابن الوليد القمي وهو من مشايخ الصدوق وهو ثقة، ومحمد بن الحسن الصفّار من أجلة أصحابنا والعباس بن معروف من أجلة أصحابنا أيضاً، كما يوجد عنده طريق آخر وهو ( وقد رويته عن أبي رحمه الله عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى وأحمد بن أبي عبد الله البرقي جميعاً عن العباس بن معروف ) وهذا الطريق معتبر ايضاً.

فإذاً إذا كان طريق الشيخ الطوسي(قده) فيه تأمل فطريق الشيخ الصدوق(قده) لا تأمل فيه.

كما رواها الشيخ الكليني(قده) في الكافي:- ( محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد وعن عدّة من أصحابنا عن سهل بن زياد جميعاً عن علي بن مهزيار)[5] ، يعني يوجد طريقان للشيخ الكليني(قده) إلى علي بن مهزيار في هذه الرواية، الطريق الأول هو ( محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد )، ومحمد بن يحيى هو القمي العطار الثقة، وأحمد بن محمد هو ابن عسى الأشعري الثقة، والطريق الثاني وهو ( وعن عدّة من أصحابنا عن سهل بن زياد جميعاً )، فهو يريد أن يقول عندي طريقان وكلا الطريقين يرويان عن علي بن مهزيار، فإنَّ ( جميعاً ) يعني وكلا الطريقين يرويان عن علي بن مهزيار، ويوجد كلام في العدّة فهل يمكن توثيق هذه العدّة أو لا وما هو الطريق إلى توثيقها، ولكن يكفينا الطريق الأول.

إذاً الرواية معتبرة من دون تأمل، فهي إن لم تكن معتبرة بطريق الشيخ الطوسي فلا أقل هي معتبرة بطريق الشيخ الصدوق وبطريق الشيخ الكليني.


[1] تهذيب الأحكام، الطوسي، ج9، ص130.
[2] الفهرست، الشیخ الطوسي، ج1، ص69.
[3] من لا يحضره الفقيه، الصدوق، ج4، ص446.
[4] من لا يحضره الفقيه، الصدوق، ج4، ص535.
[5] الكافي- ط اسلامیة، الكليني، ج7، ص36، ح30.