الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

42/04/28

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة ( 95 ) عدم جواز بيع الوقف في الجملة - الفصل الثالث (شروط العوضين ).

أو يجاب: - بأنَّ هذا الاستصحاب تعليقي والاستصحاب التعليقي لا يجري كما ذكر في علم الأصول على المباني، ونحن لا نريد بيان أننا نبني على ذلك أو لا فإن هذه قضية ثانية وإنما نريد ان نبين ما يذكر كإشكال على دعوى عدم جواز يع الوقف لأجل الاستصحاب فيقال إنَّ هذا استصحاب تعليقي وهو لا يجري.

ولماذا هذا استصحاب تعليقي فإنَّ هذه حرمة؟!! فسابقاً قبل أن يطرأ الخراب كان يحرم بيعه والآن بعد أوله إلى الخراب يحرم بيعه أيضاً فهذا استصحاب تنجيزي فلماذا تقول هو استصحاب تعليقي؟

وجوابه:- إنَّ احتمال كون الحرمة تكليفية ضعيف ، يعني لا نحتمل أنَّ نفس قول ( بعت الوقف ) افترض الوقف الآن سليم وليس فيه أي نقصان وجاء شخص وأراد بيعه فقال بعت والثاني قال اشتريت فنفس صدور الصيغة من البعيد أنه حرام، فإذاً ليس المقصود أنَّ نفس صدور العقد وصدور البيع هو حرام فإنَّ هذا لا يحتمل وهذا ليس مثل البيع وقت النداء لصلاة الجمعة فإنه بنفسه حرام أما هنا فلا يحتمل ذلك بل بمعنى أنه إن صدر بيع بلسان ( بعت واشتريت ) فلا يترتب عليه النقل والانتقال إن صدرت صيغة البيع، فصار استصحاباً تعليقاً، وبناءً على أنَّ الاستصحاب التعليقي لا يجري فلا يجري هنا.

والخلاصة: - إنما يكون الاستصحاب تنجيزياً إذا فرض أنَّ نفس البيع بما هو بيع بمعنى صدور صيغة عقد من ( بعت واشتريت ) يكون محرماً فهذا يكون استصحاباً تنجيزياً، أما إذا كان هذا الاحتمال فإذا قلنا حرمة العقد لم تكن تكليفية وإنما هي حرمة تعليقية يعني ترتيب الأثر - من النقل والانتقال - على البيع الصادر هذا هو المحرم فحينئذ يصير الاستصحاب تعليقيا وبناءً على عدم جريانه لا يجري في المقام.

وقد يقترح ثالث ويقول: - توجد عندنا صيغة جديدة للاستصحاب بحيث لا يد عليها لا إشكال أنَّ هذا استصحاب في الأحكام التكليفية لا إشكال أن هذا استصحاب تعليقي، وذلك بأن نقول: - قبل أن يطرأ الخراب كانت العين الموقوفة ملكاً لجميع الموقوف عليهم - البطن الموجود وما تناسلوا - وبعد أن طرأ الخراب وتحقق البيع نشك هل ملكية الجميع باقية أو ليست باقية فنستصحب بقاء ملكية الجميع وهذا معناه بطلان البيع وإلا إذا لم يكن البيع باطلاً فملكية الجميع حينئذٍ لا تكون باقية لأنه يباع ويشترى به بدل ومن الواضح هذا البدل يستفيد منه قسم من الأجيال - لا الأجيال الذين ماتوا فلإن هؤلاء سوف لا يستفيدون منه - فملكية الجميع الثابتة سابقاً نستصحبها الآن وبذلك يثبت أنَّ هذا البيع باطل وإلا إذا كان البيع صحيحاً يلزم أن لا تبقى ملكية الجميع.

وهذا الاستصحاب هو استصحاب لبقاء الملكية وليس استصحاباً تعليقياً وإنما هو استصحاب للملكية.

وقد يشكل عليه: - بأنَّ هذا أصل مثبت، لأنه قيل إذا كانت ملكية الجميع باقية فإذاً بيع العين الموقوفة باطل، فأنت باستصحاب بقاء ملكية الجميع تريد أن تثبت بطلان بيع الوقف وهذا أصل مثبت، إذ الملازمة ليست ملازمة فما صد من يع باطلاً وإنما هذه ملازمة ليست شرعية، وعليه فسوف لا ينفعنا هذا الاستصحاب.

وقد يجاب على هذا ويقال: - نحن يكفيننا هذا المقدار وهو أن ملكية الجميع باقية، فنحن نريد أن نثبت أن ملكية الجميع بَعدُ باقية ولا نريد أكثر من ذلك ولا يهمنا أن نقول إذاً البيع باطل، بل المهم الذي نريده أو أنَّ هذه العين الموقوفة التي آلت إلى التفل وإذا لم نسرع في بيعها وشراء البدل فسوف تتلف فنريد أن نقول أنَّ البيع باطلاً وذلك من خلال استصحاب بقاء ملكية الجميع فإنَّ هذا هو المهم لنا، ولو قلت إنَّ هذا أصل مثبت، ولكن نقول إنَّ المهم لدينا أنَّ ملكية الجميع باقية، بخلاف ما إذا صح البيع وشترينا البدل فسوف تصير الملكية خاصة بالموجودين الآن فبقاء ملكية الجميع هو يكفينا، هكذا قد يقال وهو شيء له وجاهة.

إذاً الاستصحاب جارٍ ولم نجب عنه وإنما استحكم الاستصحاب بهذه الصياغة الجديدة وهو استصحاب بقاء ملكية الجميع ولا نقصد بذلك إثبات اللازم وهو بلان البيع فما هو الجواب عنه؟

وفي الجواب نقول:- إنَّ جريان الاستصحاب فرع الشك، فإننا نجري الاستصحاب إذا كنا نشك أنَّ البيع يجوز أو لا يجوز ويصح أو لا يصح فآنذاك يجري الاستصحاب ويثبت عدم الجواز أو عدم الصحة، أما إذا جزمنا بجواز البيع وصحته فحينئذٍ لا مجال لجريان الاستصحاب لعدم وجود الشك، ونحن نجزم بصحة البيع وذلك بما استدللنا به سابقاً فإنَّ أول دليل ذكرناه على جواز البيع هو الارتكاز أو السيرة العقلائية فإنها منعقدة في أمثال هذه الأمور الموقوفة التي آلت إلى تخرب خراباً كلياً فالسيرة أو الارتكاز العقلائي على أنه يجوز بيعه، فالاستصحاب فرع الشك ونحن لا يوجد عندنا شك لأنه ما دام يوجد ارتكاز ممضي من قبل الشارع والارتكاز في مثل هذه الأمور موجود جزماً بأن تباع قبل أن تتلف ويشترى بدلها حتى يبقى ويمكن الانتفاع به، وحيث لا ردع عن هذا الارتكاز أو السيرة فيثبت الامضاء، وبالتالي سوف نخرج بنتيجة قطعية وهي جواز هذه العين الموقفة إذا آل أمرها إلى الخراب لو لم نبعها، وبناءً على هذا لا يوجد عندنا شك حتى يجري الاستصحاب فإن جريان الاستصحاب فرع الشك، وهذا البيان الذي ذكرناه يورث لنا الجزم بجواز البيع، فلا تصل النوبة إلى الاستصحاب.

الاشكال الثالث: - أن يقال إنَّ بيع العين الموقوفة يوجب تضييع حق بقية البطون فلا يجوز، لأنَّ تضييع حقوق الآخرين لا يجوز، فأنت حينما تبيع العين الموقوفة فسوف تضيع حق الأجيال الآتية، فصحيح أنك سوف تشتري شيئاً ثانياً ولكن بالتالي قد ضيعت حقوق الأجيال الآتية بالسبة إلى هذه العين الموقوفة، كالسجاد مثلاً الذي آل إلى الخراب، فلو أردت بيعه فقد ضيعت حق باقي البطون، أما إذا كان هذا السجاد موجوداً فحقهم يبقى موجوداً، فالبيع يكون فيه تضييع لحق بقية البطون فلا يجوز.