الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

42/04/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة ( 93 ) اشتراط الملكية للثمن والمثمن أو ما بحكمها، مسألة ( 94 ) صحة بيع العين المرهونة - الفصل الثالث (شروط العوضين ).

ونذكر أموراً جانبية: -

الأمر الأول: - نحن نقترح أن تصاغ عبارة المسألة هكذا: - ( يلزم في البائع أن يكون مالكاً للمبيع ولو بنحو الكلي في المعين أو يكون ولياً على المالك - كما إذا كان الملك هو الجهة وكان هو ولياً عليها - وهكذا الحال في الثمن وبذلك يتضح بطلان البيع إذا لم يكن من أحد الأنحاء الثلاثة كما في بيع السمك في الماء ونحوه )، ولعل هذه الصياغة أوضع من تلك الصياغة.

الأمر الثاني: - إنَّ هذ المسألة لا حاجة إلى ذكرها من الأساس لأن مضمونها يمكن استفادته من مسائل سابقة، يعني تقدمت الإشارة إليها في الشرط الرابع من شروط المتعاقدين حيث قال ما نصّه: - ( الرابع من شروط المتقاعدين القدرة على التصرف بكونه مالكاً أو كيلاً منه أو مأذوناً منه أو ولياً عليه ).

الأمر الثالث: - إنه بيّن في المسألة أنه يلزم في البائع أن يكون مالكاً بأحد النحوين أو يكون ولياً، وهذا يشكل عليه بإنَّ هذا التعبير ناقص، لأنه لم يذكر الوكيل أو المأذون وإنما حصر في المسألة في لزوم كون البائع متّسماً بأحد أنحاءٍ ثلاثة أما إذا لم يكن كذلك فالبيع يقع باطلاً والحال أنه إذا كان وكيلاً أو مأذوناً فهذا لم يدخل تحت هذه الأنحاء الثلاثة وهل يحكم فقيه ببطلان البيع؟ كلا لا يحكم ببطلانه، فإذاً هذا خلل عملي وكان من المناسب الاشارة إلى ذلك.

 

مسألة ( 94 ):- يصح للراهن بيع العين المرهونة بإذن المرتهن وكذلك لو اجازه بعد وقوعه. والأظهر صحة البيع مع عدم اجازته أيضاً إلا أنه يثبت الخيار حينئذٍ للمشتري إذا كان جاهلاً بالحال حين البي

..........................................................................................................

مضمون المسألة واضح، كما لو استدان شخص من شخص آخر مالاً ورهن عنده خاتمه فيستطيع مالك الخاتم أن يبيعه بإذن المرتهِن السابق على عقد البيع وكذلك تكفي إجازته، بل يقع البيع صحيحاً وإن لم يكن هناك إذن أو إجازة من المرتهن، لأنه غاية ما يحصل هو أنَّ هذا عيب في المبيع فيكون للمشتري خيار الفسخ.

ويمكن أن تصاغ المسألة بصياغة أخرى: - وهي أن يقال: - ( يصح للراهن بيع العين المرهونة وإن لم يجز المرتهن ذلك غايته يثبت الخيار للمشتري إذا كان جاهلاً بالحال ).

وقد قوع كلام بين الصحاب وقد أشار الشيخ الأعظم(قده) إلى ذلك في المكاسب[1] ، فهناك قول بالبطلان رأساً ونسبه إلى جماعة من القدماء، وقول بأنه موقوف على الاجازة أو سقوط حق الرهانة بشكل من الأشكال.

وقبل أن ندخل في صميم البحث لا بأس بالاشارة قضية جانبية: - وهي أنه لا إشكال في أنَّ من شرائط صحة البيع الملكية فيلزم أن يكون المتبايعان مالكين وإلا وقع البيع فضولياً وهذا واضح فالملكية هي الشرط الأول من شرائط صحة البيع، وبعض القدماء مثل العلامة والمحقق وجمع ممن تأخر عنهما أضافوا شرطاً آخر وهو شرط طِلقية الملكية، يعني أن يكون الملك ملكاً طِلقاً وفرّعوا على ذلك أموراً ثلاثة فقالوا إذا كان يشترط في صحة البيع إضافة على الملكية أن يكون الملك طلقاً يترتب بطلان بيع الوقف - لأنَّ الملكية فهي ليست ملكية طلقة لأنه في الوقف تكون تحبيس للعين وتسبيل المنفعة - وعدم صحة بيع العين المرهونة التي هي محل كلامنا - وعدم صحة بيع أم الولد - لأنها متعلّق بها الحق، أي أنها تعتق من حصة ولدها - ثم اخذ الأعلام عن بحث هذه الأمور الثلاثة وأنه متى يجوز بيع الوقف ومتى لا يجوز فذكروا بحثاً مفصلاً عن ذلك، ثم ذكروا بحثاً ثانياً عن بيع العين المرهونة ثم ذكروا بحثاً عن بيع أم الولد وأنه متى يجوز ومتى لا يجوز، وبما أنَّ أم الولد ليست محلاً للابتلاء فمن المناسب البحث عن الأولين ولكن هذه قضية جانبية نتركها الآن.

والمهم الآن من الجنبة الفنية أن نطرح سؤالاً وهو أن نقول: - إنَّ الشرط الأول لصحة البيع هو ثبوت الملكية والشرط الثاني أن يكون الملك طلقاً، فهل إضافة هذا شرط الثاني صحيح علمياً ثم نفرّع عليه بعد ذلك عدم صحة البيع في الموارد الثلاثة؟

والجواب:- ذكر الشيخ الأعظم(قده)[2] أنه ليس بصحيح، فإنَّ هذا التفريع باطل، لأنَّ معنى طلقية الملك هي أن يكون الملك ملكاً مستقلا ولا يتوقف صحة التصرف فيه على كسب الإذن من الغير - يعني أنَّ الطلقة هي صحة بيع الشيء من دون حاجة إلى شيء - فإذا كان هذا هو معنى الطلقية فحينئذٍ لا معنى لاشتراط الملكية أولاً ثم نفرّع عليه الشرط الثاني وهو أن يكون طلقاً فإن هذا لس بصحيح، ثم نفرع عدم صحة البيع في المواد الثلاثة، لأنَّ هذا أشبه بتفريع الشيء على نفسه إذ التقدير يكون هو ( يشترط في صحة البيع - مضافاً إلى الملكية - صحة البيع بنحو مستقل ) وهذا من تفريع الشيء على نفسه وهو لا معنى له، إذا ًلا معنى لجعل شرطٍ ثانٍ لصحة البيع.

إذاً الأجدر أن لا يكون الشرط الثاني هو الطلقية، وإنما يكون الشرط الثاني عدم أحد هذه الموانع الثلاثة - يعني يشترط في صحة البيع الملكية وأن لا يكون المبيع أم ولد ولا عيناً مرهونة ولا وقفاً -، فهذه الموانع الثلاثة نجعلها هي الشراط الأمّ الأساسية، نعم يمكن أن تختصرها بالطلقية ولكن الأساس يصير هو أحد هذه الموانع الثلاثة ثم بعد ذلك تستطيع أن تقول يعني أن يكون طلقاً، لا أنك تجعل الطلقية هي الشرط كعِدلٍ للملكية وإلا يلزم تفريع الشيء على نفسه فيصير التقدير إنَّ شرط صحة لبيع الملكية وأيضاً شرط صحة البيع هو صحة البيع بنحو مستقل، وهذا لا معنى له، فإذاً نجعل الشرط الثاني هو عدم ثبوت هذه الموانع الثلاثة ثم بعد ذلك تعبر بأنه يلزم أن يكون الملك طلقاً فإنَّ هذا لا بأس به ولكن تجعل الشرط هو أحد هذه الموانع الثلاثة، هذا هو المناسب لا ما فعله العلامة والمحقق ومن تأخر عنهما، بل الصحيح ما فعله القدماء حيث لم يجعلوا الشرط هو الطلقية وإنما جعلوا الشرط هو عدم هذه الموانع الثلاثة.

هذا ما ذكره الشيخ الأعظم(قده) وهو شيء وجيه.


[1] كتاب المكاسب، الأنصاري، ج3، ص153، 154.
[2] كتاب المكاسب، الأنصاري، ج3، ص29.