الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

42/03/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة ( 87 ) يشترط في البيع أن لا يكون غررياً - الفصل الثالث (شروط العوضين ).

ولكن نقول: - إنه إذا تمكنا أن نحل الغموض في الرواية لا تصل النوبة إلى جواب الشيخ البحراني، إنما تصل النوبة إلى جوابه إذا لم نتمكن من حل الغموض فتصير القضية تعبّدية بحتة فيأتي ما ذكره، فإذاً جوابه سوف يصير معلقاً على عدم إمكان توجيه الرواية بشكل لا يرد عليها إشكال وإلا فلا تصل النوبة إليه.

الجواب الثاني: - ما ذكره الشيخ الأعظم(قده)[1] وحاصله: هو أنَّ البيع بحكم المشتري - رفاعة - فاسد ولا يقع صحيحاً، ولكن نفترض أنَّ البائع - مالك الجارية - جعل رفاعة وكيلاً عنه في تشخيص القيمة، باعتبار أنَّ رفاعة نخّاس وصاحب خبرة فجعله وكيلاً عنه في تشخيص القيمة السوقية الواقعية ويمشي البيع على هذه القيمة التي عينها رفاعة بما أنه من أهل الخبرة، فإذا تبين أنَّ القيمة السوقية أكثر كما لو كانت القيمة السوقية مائة وهو قدرها بمثانين مما شخصه رفاعة فتنيبن أنه أو مشتبه فيرجع عليه بفارق القيمة السوقية فيرد عليه رفاعة النقيصة وهي في مفروض كلامنا عشرون ديناراً، وهذا على طبق القاعدة، ولكن المشكلة فيما إذا قرر رفاعة الثمن مائة وعشرين، أي صارت الزيادة عشرين على القيمة السوقية فالإمام عليه السلام قال لا يسترجع هذه العشرين وإنما تبقى عند المشتري، وحينئذٍ يأتي السؤال:- وهو أنه إذا كان رفاعة وكيلاً في تشخيص القيمة السوقية فإذا اتضح أنَّ القيمة السوقية أقل فهو قد اشتبه ودفع عشرين زيادة فلابد أن يسترجع العشرين، ولكن يمكن أن نقول إنَّ البائع مثلاً رأى نفسه مغبوناً إذا دفع إليه البائع مائة، فلأجل أن لا يفسخ البائع البيع دفع له عشرين زيادةً لأجل ذلك، أو أنها جارية وفيها خيار الحيوان فخوفاً من أن يفسخ البائع بخيار الحيوان يعطيه العشرين زيادةً، فالإمام عليه السلام قال تبقى العشرين عند البائع كي لا يفسخ البائع بأحد الخيارين الغبن أو الحيوان.

ثم ذكر الشيخ الأعظم شيئاً آخر ليس بمهم: - وهو أنه لو فرض أنَّ رفاعة وطأ الجارية فقد صارت أم ولد، فلا يستطيع أن يسترجعها البائع، ولابد أن يدفع المشتري - رفاعة - قيمتها.

ونحن نقول:- إنَ كلامه الأول لا بأس به، يعني إذا كانت القيمة السوقية مائة ودفع له ثمانين فمن المناسب أن يكمل المشتري للبائع عشرين، فعليه أن يدفع الفارق في القيمة لأنه وكيل في تحديد القيمة السوقية، أما كلامه الذي فيه إشكال فهو أنه قال إذا كانت القيمة السوقية مائة ورفاعة قرر دفع مائة وعشرين اشتباهاً، فالإمام عليه السلام قال لا يسترجع الزيادة وقد وجّه الشيخ الأعظم(قده) ذلك بأنه لأجل أن لا يفسخ البائع بخيار الغين أو خيار الحيوان، ولكن نقول إنَّ هذا من دون دليل ومن مستندٍ وتوجيهٍ عرفي، وإنما هو توجيه كيفما اتفق، فإنه في الرواية لم يفرض أنه يريد أن يفسخ وإنما الامام عليه السلام يريد أن يبين حكماً شرعياً فما ذكره الشيخ الأعظم من دون مستند.

وبالتالي لم يحل الشيخ الأنصاري(قده) هذه المشكلة وهي أنَّ الثمن صارت فيه جهالة، فهو لم يبين كيف نرفع الجهالة، فصحيح أنَّ الثمن يكون بحكمك لأنك نخّاس وتعرف القيمة السوقية ولكن بالتالي هذا نحو من الجهالة، فإنَّ بائع الجارية يجهل مقدار الثمن ولا تجوز الجهالة في البيع، فهذه المشكلة لم يتغلب عليها الشيخ الأعظم(قده).


[1] كتاب المكاسب، الأنصاري، ج3، ص207.