الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

42/03/02

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة ( 87 ) يشترط في البيع أن لا يكون غررياً - الفصل الثالث (شروط العوضين ).

والكلام يقع تارة في السند وأخرى في الدلالة: -

أما من حيث السند:- فقد وردت في الوسائل هكذا:- ( وعنه[1] عن أبي عبد الله عن الحسن بن الحسن الضرير عن حمّاد عن ميسر [ عن حماد بن ميسر ][2] جعفر عن أبيه[3] عن أبي عبد الله[4] عن الحسن بن الحسن الضرير[5] عن حمّاد عن ميسر [ حماد بن ميسر ][6] ...... ).

والسند ضعيف من جهات عدَّة، مع ما فيه من الاشتباهات في الجهات النقلية.

وأما من حيث الدلالة: - فلا يمكن الأخذ بدلالتها على شرطية العلم بالثمن وذلك لوجهين: -

الأول: - إنَّ التعبير الوارد في الرواية هو ( كره أن يشترى الثوب بدينار ) والكراهة جامع فكما توجد كراهة في المكروه كذلك توجد كراهة في الحرام والفاسد ولكن لا نعلم أنَّ الكراهة هنا هي الكراهة من قبيل الكراهة المصلحة وهي لا تنفعنا أو الكراهة الالزامي بمعنى التحريم وهذه تنفعنا ولكن هذا احتمال، فمن هذه الناحية سوف تصير الرواية مجملة ولا يمكن الاستناد إليها لإثبات الحرمة ومن ثم البطلان.

الثاني: - إنه ورد في الرواية ( لأنه لا يدرِ كم الدينار من الدرهم )، فهنا كيف هو لا يدري كم الدينار من الدرهم؟!! لأنه إذا جرت المعاملة هذا اليوم فالدينار من الدرهم يكون مضبوطاً فلا معنى لقوله ( كم الدينار من الدرهم )، فإذاً ليس من البعيد أن يكون البيع مؤجلاً، فالمشتري يعطي الثمن بعد فترة كشهر مثلاً فيكون البيع نسيئة والمشتري لا يعلم وقت الأجل كم الدينار من الدرهم، فإذاً الرواية خاصة بالنسئة لهذه القرينة أما ببيع الحال فلا تدل على البطلان.

إن قلت: - لعل هذا رجل غائب وجاء الآن.

قلت: - إنه لم يفرض السائل في الرواية أنه غائب، فإنَّ هذا الفرض يحتاج إلى تنبيه ومؤونة.

وهناك قرينة ثانية على أنها محمولة على النسيئة، وهي وجود روايتين تتحدان مع هذه الرواية في الألفاظ ولكن مقيدة بالنسيئة وهذا الاتحاد اللفظي ليس من البعيد يشكل قرينة على أنَّ كل هذه الروايات ناظرة إلى جهة واحدة وهو بيع النسيئة لأنَّ وحدة التعابير يدل على أنَّ المقصود فيهن واحد: -

الأولى: - وهي:- ( الشيخ بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى عن بان بن محمد عن أبيه عن ابن المغيرة عن السكوني عن جعفر عن ابيه عن علي عليهم السلام في رجل يشتري السلعة بدينار غير درهم إلى أجل، قال:- فاسد فعل الدينار يصير بدرهم )[7] ، وطريق الشيخ إلى محمد بن أحمد ببن يحيى لا مشكلة فيه، ومحمد بن أحمد بن يحيى هو صاحب نوادر الحكمة ثقة جليل، وبنان بن محمد هو أخ أحمد بن ممد بن عيسى وهو لم تثبت وثاقته، و (عن أبيه ) يعني عن محمد بن عيسى.

الثانية: - وهي :- ( محمد بن أحمد بن يحيى عن علي عن أبي جعفر عن أبيه عن وهب عن جعفر عن أبيه:- أنه كره أن يشتري الرجل بدينار إلا درهم وإلا درهمين نسيئة ولكن يجعل ذلك بدينار إلا ثلثاً وإلا ربعاً وإلا سدساً أو شيئاً يكون جزءاً من الدينار )[8] ، ومحمد بن أحمد بن يحيى هو صاحب نوادر الحكمة وهو من أجلة أصحابنا، أما عليّ فيحتاج إلى مراجعة من يروي عنه أحمد بن محمد بن يحيى كي نعرفه، فإن كان واحداً وكان ثقة فلا مشكلة فيه وأما إذا كان أكثر من واحد فيلزم مراجعتهم ومعرفة حالهم، وأما أبي جعفر فهو أحمد بن محمد بن عيسى، أما وهب بن وهب وكنيته أبو البختري فقد قيل في ترجمته ( هو عامي وهو أكذب أهل البرية )، والشاهد أنها مقيدة بكراهة ذلك في النسيئة، والنكتة هي نفسها، لأنه إذا كان الثمن بدينار إلا ثلثاً أو إلا ربعاً صار الثمن مضبوطاً، أما إذا صار الثمن ديناراً إلا درهما فليس من المعلوم أنَّ الدينار كم تصير قيمته فقد يصعد وقد ينزل فيصير الثمن ليس بمحدد.

والخلاصة: - إنَّ رواية ميسر محل تأمل من حيث السند ومن حيث الدلالة، مضافاً إلى أنه من القريب أن تكون ناظرة إلى حالة النسيئة لقرينتين.

هذا كله مضافاً إلى كونها معارضة بصحيحة رفاعة.


[1] بقرينة السند السابق المقصود من ( عنه ) هو محمد بن أحمد بن يحيى صاحب كتاب نوادر الحكمة هو ثقة جليل.
[2] في نسخة أخرى.
[3] فهنا سقطت كلمة ( عن ) فالصحيح هو ( عن جعفر عن أبيه ).
[4] وهو مشترك بين أحمد بن محمد البرقي والجاموراني، البرقي ثقة ولكن الجاموراني لم تثبت وثاقته فصارت هذه الكنية مرددة بين شخصين أحجهما لم تثبت وثاقته فصار السند غير معتبر من هذه الناحية.
[5] والصحيح هو الحسن بن الحسين الضرير هذا ما هو موجود في الكتب الرجالية أما وليس الحسين بن الحسن الضرير، وهو مجهلو الحال، وقد يفسر بالحسن بن الحسين اللؤلؤي واللؤلؤي متعارض فيه التوثيق والجرح فيصير امر مشكل.
[6] حماد بن ميسر مجهول، وأما عن ميسر فهو احتمال وجيه وكلنه لم تثبت وثاقة ميسر.
[7] وسائل الشيعة، العاملي، ج18، ص80، أبواب أحكام العقود، ب23، ح2، ط آل البيت.
[8] وسائل الشيعة، العاملي، ج18، ص81، أبواب أحكام العقود، ب23، ح3، ط آل البيت.