الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث التفسیر

40/09/03

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : سورة لقمان

﴿الم (1) تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ (2) هُدىً وَ رَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ (3) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولئِكَ عَلى‌ هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5)﴾[1]

تحدثنا في الليلة السابقة عن معاني السامية لهذه الآيات كما تحدثنا حول اقامة الصلاة و دورها في تحرير الانسان واقامة مجتمع راقي و حرٍّ عن عبودية غير الله، والليلة نتناول الصفة المذكورة الثانية في الآية وهي إيتاء الزكاة:

عرفنا ان الصلاة هي رمز لعلاقة العبد مع ربه في جميع الانحاء فالزكاة هي رمز لعلاقة الانسان مع الآخرين مبتنياً على مبدأ التوحيد لله عز وجل. وقد ذكر في القرآن عنوان الزكاة 26 مرة مقرونا بالصلاة الا مرة واحدة وهذا يدل على اهميتها البالغة في الاسلام

قال تعالى: " ﴿لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ وَ لٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ الْمَلاَئِكَةِ وَ الْكِتَابِ وَ النَّبِيِّينَ وَ آتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَ الْيَتَامَى وَ الْمَسَاكِينَ وَ ابْنَ السَّبِيلِ وَ السَّائِلِينَ وَ فِي الرِّقَابِ وَ أَقَامَ الصَّلاَةَ وَ آتَى الزَّكَاةَ وَ الْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَ الصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَ الضَّرَّاءِ وَ حِينَ الْبَأْسِ أُولٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَ أُولٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾[2]

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَ اسْجُدُوا وَ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَ افْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ . وَ جَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَ مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَ فِي هٰذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَ تَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَ آتُوا الزَّكَاةَ وَ اعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاَكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَ نِعْمَ النَّصِيرُ﴾[3] وَ في الفقيه: بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي الْحُسَيْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْأَسَدِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْبَرْمَكِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ مُعَتِّبٍ مَوْلَى الصَّادِقِ ع قَالَ: قَالَ الصَّادِقُ ع إِنَّمَا وُضِعَتِ الزَّكَاةُ اخْتِبَاراً لِلْأَغْنِيَاءِ وَ مَعُونَةً لِلْفُقَرَاءِ- وَ لَوْ أَنَّ النَّاسَ أَدَّوْا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ- مَا بَقِيَ مُسْلِمٌ فَقِيراً مُحْتَاجاً- وَ لَاسْتَغْنَى بِمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ- وَ إِنَّ النَّاسَ مَا افْتَقَرُوا وَ لَا احْتَاجُوا- وَ لَا جَاعُوا وَ لَا عَرُوا إِلَّا بِذُنُوبِ الْأَغْنِيَاءِ- وَ حَقِيقٌ عَلَى اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى- أَنْ يَمْنَعَ رَحْمَتَهُ مَنْ مَنَعَ حَقَّ اللَّهِ فِي مَالِهِ- وَ أُقْسِمُ بِالَّذِي خَلَقَ الْخَلْقَ وَ بَسَطَ الرِّزْقَ- أَنَّهُ مَا ضَاعَ مَالٌ فِي بَرٍّ وَ لَا بَحْرٍ إِلَّا بِتَرْكِ الزَّكَاةِ- وَ مَا صِيدَ صَيْدٌ فِي بَرٍّ وَ لَا بَحْرٍ- إِلَّا بِتَرْكِهِ التَّسْبِيحَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ- وَ أَنَّ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى أَسْخَاهُمْ كَفّاً- وَ أَسْخَى النَّاسِ مَنْ أَدَّى زَكَاةَ مَالِهِ- وَ لَمْ يَبْخَلْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ بِمَا افْتَرَضَ اللَّهُ لَهُمْ فِي مَالِهِ.[4]

وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ الرِّضَا ع، أَنَّهُ كَتَبَ إِلَيْهِ فِيمَا كَتَبَ مِنْ جَوَابِ مَسَائِلِهِ: أَنَّ عِلَّةَ الزَّكَاةِ مِنْ أَجْلِ قُوتِ الْفُقَرَاءِ- وَ تَحْصِينِ أَمْوَالِ الْأَغْنِيَاءِ- لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ كَلَّفَ أَهْلَ الصِّحَّةِ الْقِيَامَ بِشَأْنِ أَهْلِ الزَّمَانَةِ وَ الْبَلْوَى- كَمَا قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى: "لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوٰالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ" فِي أَمْوَالِكُمْ إِخْرَاجُ الزَّكَاةِ- وَ فِي أَنْفُسِكُمْ تَوْطِينُ الْأَنْفُسِ عَلَى الصَّبْرِ- مَعَ مَا فِي ذَلِكَ مِنْ أَدَاءِ شُكْرِ نِعَمِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ الطَّمَعِ فِي الزِّيَادَةِ- مَعَ مَا فِيهِ مِنَ الزِّيَارَةِ وَ الرَّأْفَةِ وَ الرَّحْمَةِ لِأَهْلِ الضَّعْفِ- وَ الْعَطْفِ عَلَى أَهْلِ الْمَسْكَنَةِ- وَ الْحَثِّ لَهُمْ عَلَى الْمُوَاسَاةِ- وَ تَقْوِيَةِ الْفُقَرَاءِ وَ الْمَعُونَةِ عَلَى أَمْرِ الدِّينِ- وَ هُوَ عِظَةٌ لِأَهْلِ الْغِنَى وَ عِبْرَةٌ لَهُمْ- لِيَسْتَدِلُّوا عَلَى فَقْرِ الْآخِرَةِ بِهِمْ- وَ مَا لَهُمْ مِنَ الْحَثِّ فِي ذَلِكَ- عَلَى الشُّكْرِ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لِمَا خَوَّلَهُمْ وَ أَعْطَاهُمْ- وَ الدُّعَاءِ وَ التَّضَرُّعِ وَ الْخَوْفِ مِنْ أَنْ يَصِيرُوا مِثْلَهُمْ- فِي أُمُورٍ كَثِيرَةٍ فِي أَدَاءِ الزَّكَاةِ وَ الصَّدَقَاتِ- وَ صِلَةِ الْأَرْحَامِ وَ اصْطِنَاعِ الْمَعْرُوفِ". مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الرَّضِيُّ فِي نَهْجِ الْبَلَاغَةِ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع أَنَّهُ قَالَ فِي كَلَامٍ لَهُ تَعَاهَدُوا أَمْرَ الصَّلَاةِ وَ حَافِظُوا عَلَيْهَا إِلَى أَنْ قَالَ- ثُمَّ إِنَّ الزَّكَاةَ جُعِلَتْ مَعَ الصَّلَاةِ قُرْبَاناً لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ- فَمَنْ أَعْطَاهَا طَيِّبَ النَّفْسِ بِهَا فَإِنَّهَا تُجْعَلُ لَهُ كَفَّارَةً- وَ مِنَ النَّارِ حِجَاباً وَ وِقَايَةً- فَلَا يُتْبِعَنَّهَا أَحَدٌ نَفْسَهُ- وَ لَا يُكْثِرَنَّ عَلَيْهَا لَهَفَهُ- وَ إِنَّ مَنْ أَعْطَاهَا غَيْرَ طَيِّبِ النَّفْسِ بِهَا- يَرْجُو بِهَا مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْهَا فَهُوَ جَاهِلٌ بِالسُّنَّةِ- مَغْبُونٌ بِالْأَجْرِ ضَالُّ الْعَمَلِ طَوِيلُ النَّدَمِ.

﴿وَ مَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلاَ يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَ مَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولٰئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ﴾[5]


[1] لقمان/السورة31، الآية5.
[2] البقرة/السورة2، الآية177.
[3] البقرة/السورة2، الآية77.
[4] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج9، ص12، أبواب ابواب ما تجب فيه الزكاة، باب1، ح6، ط آل البيت.
[5] الروم/السورة30، الآية39.