46/06/15
بسم الله الرحمن الرحیم
موضوع: كتاب الصلاة/كيفية صلاة الاحتياط /المسألة الثالثة والرابعة من فصل كفية صلاة الاحتياط
قال المصنف (مسألة 2): حيث إنّ هذه الصلاة مردّدة بين كونها نافلة أو جزء أو بمنزلة الجزء فيراعى فيها جهة الاستقلال والجزئيّة، فبملاحظة جهة الاستقلال يعتبر فيها النيّة وتكبيرة الإحرام وقراءة الفاتحة دون التسبيحات الأربعة، وبلحاظ جهة الجزئية يجب المبادرة إليها بعد الفراغ من الصلاة، وعدم الإتيان بالمنافيات بينها وبين الصلاة، ولو أتى ببعض المنافيات فالأحوط إتيانها ثمّ إعادة الصلاة ولو تكلّم سهواً فالأحوط الإتيان بسجدتي السهو، والأحوط ترك الاقتداء فيها ولو بصلاة احتياط، خصوصاً مع اختلاف سبب احتياط الإمام والمأموم، وإن كان لا يبعد جواز الاقتداء مع اتّحاد السبب وكون المأموم مقتدياً بذلك الإمام في أصل الصلاة).
قد تحدثنا حول هذه المسألة في الأيام الماضية وانما بقي علينا الفرعان الأخيران اللذان تعرض لهما المصنف رضوان الله عليه بقوله: ولو تكلّم سهواً فالأحوط الإتيان بسجدتي السهو، والأحوط ترك الاقتداء فيها ولو بصلاة احتياط، خصوصاً مع اختلاف سبب احتياط الإمام والمأموم، وإن كان لا يبعد جواز الاقتداء مع اتّحاد السبب وكون المأموم مقتدياً بذلك الإمام في أصل الصلاة).
الفرع الأول: هو الاحتياط بسجدتي السهو للتکلم سهوا فی الفاصل بین الفریضة وصلاة الاحتياط، وهو الظاهر من كلامه، لكن للكلام في لزوم سجدتي السهو للتكلم اثناء صلاة الاحتياط أيضا مجال للكلام.
ولعل عدم الإفتاء بوجوبها لأنه يرى صلاة الاحتياط مستقلة عن الفريضة ففي الفاصل ليس المصلي في اثناء صلاته وما ورد الدليل عليه بوجوب الاحتياط هو الكلام الآدمي في اثناء الصلاة الفريضة فعلى ذلك هذا الاحتياط عند القائلين بجزئية صلاة الاحتياط للفريضة أولى ولو بعد التسليم الفريضة وقبل تكبير صلاة الاحتياط ليس المصلي داخل الصلاة، بل هو واقع بين الجزئين للصلاة ولكن مع ذلك ينبغي الاحتياط بسجدتي السهو لأنه في ظروف لا يجوز له ان يتكلم وما صدر منه كان سهوا عنه ولو تعمد بالكلام لبطل صلاته.
ولكن صحيحة عبد الله بن ابي يعفور ظاهر في وجوب سجدتي السهو على من تكلم في اثناء صلاة الاحتياط فلنراجع نصها: محمد بن يعقوب عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنِ ابْنِ أَبِي يَعْفُورٍ قَالَ: "سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام عَنِ الرَّجُلِ لَا يَدْرِي- رَكْعَتَيْنِ صَلَّى أَمْ أَرْبَعاً قَالَ يَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ- ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ- يَقْرَأُ فِيهِمَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ ثُمَّ يَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ- وَإِنْ كَانَ صَلَّى أَرْبَعاً كَانَتْ هَاتَانِ نَافِلَةً- وَإِنْ كَانَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَانَتْ هَاتَانِ تَمَامَ الْأَرْبَعَةِ وَإِنْ تَكَلَّمَ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ".[1] سندها صحيح اعلائي،
ولكن هل المراد من ظرف التكلم هو صلاة الاحتياط او الفصل بينها وبين الفريضة او اعم منهما. المصنف كان بصدد بيان وظيفة المصلي بين الصلاتين ولكن المراد في هذه الصحيحة اما اعم منهما او خاص اثناء صلاة الاحتياط ولكن مع ذاك الاحتياط بإتيان سجدتي السهو لمن تكلم بين الصلاتين لا ينبغي تركه.
ان السيد الخوئي بعد ما نفى كون المراد نفس الفريضة قال: (أنّها غير ناظرة أيضاً إلى التكلّم أثناء صلاة الاحتياط لعدم دلالة، بل ولا إشعار فيها على ذلك. بل الظاهر بمقتضى مناسبة الحكم والموضوع كونها ناظرة إلى التكلّم فيما بين الصلاتين، فانّ هذا هو الذي يحتاج إلى التنبيه عليه، ويكون التعرّض له من شؤون التصدّي لبيان وظيفة الشاكّ المزبور. وغرضه (عليه السلام) الإيعاز إلى عدم فراغ ذمّته عن الصلاة الأصلية بمجرّد التسليم على الركعة البنائية، لجواز نقص الصلاة واقعاً المستلزم لكونه بعد في الصلاة، ولأجله تجب عليه سجدتا السهو لو تكلّم، لوقوعه حينئذ في أثناء الصلاة حقيقة. وهذا يؤكّد ما استظهرناه من كون ركعة الاحتياط جزءاً حقيقياً متمّماً على تقدير النقص، هذا. ومع التنزّل وتسليم عدم ظهور الصحيحة في التكلّم فيما بين الصلاتين خاصّة فلا أقلّ من الإطلاق الشامل له وللتكلّم أثناء كلّ من الصلاتين، إذ لا يحتمل التخصيص بما عدا الأوّل كما لا يخفى. فيصحّ الاستدلال بها ويتمّ المطلوب على كلا التقديرين)[2] .
أقول: اما مسألة ترك الاقتداء في صلاة الاحتياط، لأنه لا يطمئن بكونها من الفريضة كما ان الامام عند ما يحتاط في صلاته لا يجوز الاقتداء به، نعم قد اجازوا الاقتداء بصلاة المعادة احتياطا في صلاة الفريضة اذا كان سبب الاحتياط مشترك بين الامام والمأموم فان كان صلاتهم صحيحة فمنهما وان كان غير صحيحة فكذلك منهما، ولا يترتب عليها مشكل، ولكن في صلاة الاحتياط اصل شرعية الجماعة غير ثابتة والصلاة من العبادات التوقيفية فلا يجوز الاقتداء فيه الا بدليل.
قال المصنف: (مسألة 3): إذا أتى بالمنافي قبل صلاة الاحتياط ثمّ تبيّن له تماميّة الصلاة لا يجب إعادتها).
عدم وجوب الإعادة فی الفرض الذی ورد فی هذه المسألة، مما لا شبهة فیه لصحّة الصلاة واقعاً، فإنّ صلاة الاحتياط إنّما وجبت لجبر النقص المحتمل لتكون متمّمة للفریضة کما صرحت به فی النصوص فی صحيحة الحلبي وابن أبي يعفور و نحوهما، فاذا علم المصلی صحة صلاته فلا مانع من وجود المنافي قبل ذلك، إذ لا داعي للإتيان بركعة الاحتياط.
قال المصنف: (مسألة 4): إذا تبيّن قبل صلاة الاحتياط تماميّة الصلاة لا يجب الإتيان بالاحتياط).
لان صلاة الاحتياط تكون لمن كان شاكا في عدد الركعات بنى على الأكثر فيصلي الاحتياط لجبر النقص المحتمل فبعد زوال الشك وحصول اليقن بتمامية صلاته لا يبقى موضوع لصلاة الاحتياط.
ونتابع بقیة المسائل فی الجلسات الآتية ان شاء الله