الأستاذ السيد مجتبی الحسيني
بحث الفقه

46/04/03

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: كتاب الصلاة/الشك في الركعات /المسألة 11-12من الشك في الركعات

قال المصنف: (مسألة 11): لو شكّ بعد الفراغ من الصلاة أنّ شكّه هل كان موجباً للركعة بأن كان بين الثلاث والأربع مثلًا، أو موجباً للركعتين بأن كان بين الاثنتين والأربع فالأحوط الإتيان بهما ثمّ إعادة الصلاة).

كان كلامنا في اليوم الماضي حول المناقشة في جمع بين صلاتي الاحتياط وإعادة الصلاة وخلاصة ما قلناه ان من يقول بان صلاة الاحتياط صلاة مستقلة عن الفريضة وجابرة لنقصها المحتمل لا يحتاج الى إعادة الصلاة لأنه عند من اتي بصلاتي الاحتياط فقد تيقن بأداء ما عليه من صلاة الاحتياط ولا يخل بفريضته الفصل بينها وبين ما عليه من صلاة الاحتياط، لان على هذا المبنى صلاة الاحتياط صلاة مستقلة فلا يضربها فصل شيء بينها وبين الفريضة. واليوم نتابع بحثنا على مبنى الآخر من كون صلاة الاحتياط جزء متمم للفريضة فنقول:

وأمّا إذا بنينا على أنّها جزء متمّم للفريضة، على تقدير النقص وقد أُخّر الشارع المقدس ظرفه ومحلّه وسمح بزيادة السلام بينه وبين الفريضة لحكمة عدم زيادة الركن في الفريضة على فرض كون الفريضة كاملة في واقع الامر، كما أنّها تقع نافلة على تقدير عدم نقص الفريضة، فحيث إنّ تخلّل الفصل‌ قادح على هذا المبنى فصلاة الاحتياط غير نافعة للحصول على العلم بأداء الواجب، إذ لو كان في الواقع الصلاة المفصولة هي الجزء المتمم لفريضته فلا تتّصف بالجزئية على تقدير النقص بعد احتمال تخلّل الفصل بالأجنبي المانع عن صلاحية الانضمام بالصلاة الفريضة، فلا يحصل له العلم بأداء ما عليه من الصلاة ولا يتيقن بفراغ ذمته عما كان مشغولة به من الفريضة.

فلابد من القول باختيار أحدي صلاتي الاحتياط ثم اعادة الفريضة لا إتيان كلا صلاتي الاحتياط لان الثانية على المفروض لا تقع صحيحة لتكون متمما لصلاته على فرض كان الناقص ما في الثانية لأنها لم يبق لها موضوع بعد فصل الاولى بينها وبين الفريضة.

ولكن على ما قلناه سابقا من عدم جواز نقض الصلاة إذا كان فيه التهاون بها ولكن إذا كان عن عذر ويريد أن يؤدي صلاته في مصداق لا شبهة فيه، فلم يرتكب محرماً بنقض الأولى، فمن طرء عليه هذه الشبهة يجوز ان يختار إعادة الصلاة من اول الأمر.

كما لا حرمة في نقض الصلاة لمن توضأ بماء محتمل النجاسة ودخل في الصلاة ثم تذكر ان الماء الذي توضأ به كان مشتبها بالنجاسة ولو يجوز له ان يتمسك بأصالة الطهارة ويكتفي بهذه الصلاة، لكن اذا أراد الاحتياط لدرك الواقع يجوز له نقض هذه الصلاة ليجدد وضوئه بماء لا شبهة في طهارته ويعيد صلاتها فهو لم يرتكب حراما في نقض صلاته الأولى. مثال آخر: من شك بين الاثنين والثلاث وظن بالاثنين او الثلاث يجوز له ان يعمل بظنه ولكن ان نقض صلاته كي يأتي بصلاة لا شبهة فيها لأنه ان اكتفى بالمظنون ثم تيقن بخلافه ولو بعد الصلاة او بعد الوقت يجب عليه الإعادة فلا بأس عليه بنقض صلاته واعادتها من الأول حتى لم تكن في صلاته أي شبهة، ومثلهما من جاءه ضيف يدق بابه او يبكي الطفل شديدا وان أراد ان يكمل صلاته يذهب ضيفه وتفوته مصلحة مهمة او يتأذى الطفل كثيرا فيجوز له نقض صلاته. وما الى ذلك من اعذار تبيح عندها نقض الفريضة، وورد بعضها في نصوص الروايات عن المعصومين عليهم الصلاة.

نعم من ذهب الى جواز نقض الفريضة مطلقا كالسيد الخوئي فهو في سعة من هذه المسألة وامثالها.

قال السيد المصنف رضوان الله عليه: (مسألة 12) لو علم بعد الفراغ من الصلاة أنّه طرأ له الشكّ في الأثناء لكن لم يدر كيفيّته من رأس، فإن انحصر في الوجوه الصحيحة أتى بموجب الجميع وهو ركعتان (1) وركعتان من جلوس (2) وسجود السهو، ثمّ الإعادة (3)، وإن لم ينحصر في الصحيح بل احتمل بعض الوجوه الباطلة استأنف الصلاة (4) لأنّه لم يدر‌ كم صلّى (5).

تعليقات:

(1) قال السيد الفيروزآبادي: (أي من قيام ويأتي بركعة من قيام).

(2) قالا الشيخ الحائري والسيد الگلپايگاني: (وركعة من قيام على الأحوط).

(3) قال الشيخ الجواهري: (على الأحوط وعدم الوجوب لا يخلو عن قوّة).

(4) قال الإمام الخميني: (الأحوط في هذه الصورة أيضاً العمل بموجب الشكوك ثمّ الإعادة).

وقال السيد الفيروزآبادي: (بعد فعل موجب الشكوك الصحيحة).

وقال السيد الگلپايگاني: (بعد العمل بموجب الشكوك الصحيحة على الأحوط)

وقالا السيدان البروجردي والخوانساري: (بعد الإتيان بموجب الشكوك الصحيحة)

وقال الشيخ الجواهري: (الظاهر أنّه لشكّ لا يجب الاستئناف إلّا أن يكون متعلّق علمه ذلك ولعلّه المراد).

وقال السيد الشيرازي: (بعد العمل بمقتضى الشكوك الصحيحة على الأحوط).

.(5) قال الشيخ آل ياسين: (المسألة من جزئيات المسألة العاشرة التي مرَّ الحكم فيها منّا ومنه وما أشار إليه من التعليل أجنبي عن المقام).

وقال الشيخ الحائري: (لا يخفى ما في التعليل من العلّة والأقوى اتّحاده مع الفرع السابق في الحكم فإنّ احتمال الجري مع كون الشكّ من الشكوك الموجبة للبطلان مدفوع بقاعدة الشكّ بعد الفراغ).

وقال السيد الحكيم: (التعليل ضعيف).

وقال السيد الفيروزآبادي: (وفي التعليل إشكال لعدم شمول أخباره للشكّ بعد الصلاة).

وقال الشيخ كاشف الغطاء: (التعليل عليل إذ كلّ شاك لا يدري كم صلّى واحتمال بعض الوجوه الباطلة مدفوع بقاعدة الفراغ فيكتفي بالعمل بوظيفة الشكوك الصحيحة).