الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

43/11/18

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة /في امامة الاعرابي

قال المصنف: (مسألة 11): الأحوط عدم إمامة الأجذم والأبرص، والمحدود‌ بالحدّ الشرعيّ بعد التوبة، والأعرابي إلّا لأمثالهم، بل مطلقاً، وإن كان الأقوى الجواز في الجميع مطلقاً).

في هذه المسألة وصلنا الى حكم امامة الاعرابي فقلنا فيه ثلاثة اقوال:

المنع مطلقاً وهو منسوب إلى جماعة من القدماء، والجواز مطلقا عن كراهية وعليه المشهور من المتأخّرين. والتفصيل بين امامته لمثله فلا بأس بها وامامته لغير الاعرابي فلا تجو

فلابد ان نراجع الى الأدلة ونستخلص الحكم منها فقد ورد في النهي عن امامة الاعرابي روايات:

منها صحيحة ابي بصير حيث ورد فيها: «خمسة لا يؤمّون الناس على كلّ حال: المجذوم والأبرص والمجنون وولد الزنا والأعرابي» [1] .

سندها صحيح كما مر ذكره ودلالتها صريح.

والثانية: صحيحة الزرارة، ورد فيها: «لا يصلّين أحدكم خلف المجذوم والأبرص والمجنون والمحدود وولد الزنا، والأعرابي لا يؤمّ المهاجرين»[2] .

كذلك سندها صحيح ولكن النهي فيها انما تعلق بالإمامة للمهاجرين.

والثالثة: رواية الأصبغ رواها الصدوق فِي الْخِصَالِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مَعْرُوفٍ عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِيفٍ عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَمِيرَالْمُؤْمِنِينَ ع يَقُولُ سِتَّةٌ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَؤُمُّوا النَّاسَ- وَلَدُ الزِّنَا وَالْمُرْتَدُّ- وَالْأَعْرَابِيُّ بَعْدَ الْهِجْرَةِ- وَشَارِبُ الْخَمْرِ وَالْمَحْدُودُ وَالْأَغْلَفُ الْحَدِيثَ.[3]

وهي كما قلنا قبل أيام سندها ضعيف بأبي جميلة المفضّل بن صالح. واما الدلالة ف "لا ينبغي" ظاهر في النهي والنهي في العبادات يفيد البطلان. ولكن قيّد الاعرابي ببعد الهجرة.

قال السيد الخوئي: (الظاهر من قوله: «الأعرابي بعد الهجرة» هو التعرّب بعد الهجرة، أي الإعراض عن أرض المسلمين بعد الهجرة إليهم، والانتقال إلى بلد الكفار، الذي هو فسق ومعدود من الكبائر في جملة من الأخبار، لا الأعرابي بمعنى سكنة البوادي)[4] فعلى ما يقول لا يشمل المسلم الذي نشأ في بلاد الكفر وبقي فيها؟!

والرابعة: ما رواه في المستدرك عن كِتَابُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ شُرَيْحٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ لَا يَؤُمُّ النَّاسَ الْمَحْدُودُ وَوَلَدُ الزِّنَا وَالْأَغْلَفُ وَالْأَعْرَابِيُّ وَالْمَجْنُونُ وَالْأَبْرَصُ وَالْعَبْدُ‌ [5]

سندها ضعيف لعدم اعتبار الكتاب المروي عنه وجهالة حال عبد الله بن طلحة الراوي عن الامام عليه السلام، واما الدلالة فالنهي عن الامامة ظاهر في عدم الجواز وعدم الجواز في العبادات يلازم البطلان.

والخامسة: ما رواه عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ فِي قُرْبِ الْإِسْنَادِ عَنِ السِّنْدِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ عن جعفر عن أبيه (عليهما السلام) قال: «كره أن يؤمّ الأعرابي، لجفائه عن الوضوء والصلاة» [6]

سندها ضعيف بأبي البختري، وهو وهب بن وهب الذي قيل في حقّه: أنّه أكذب البريّة. اما دلالتها فان كَرِهَ يفيد الحرمة لان العقل يحكم بلزوم ترك ما يكرهه المولى الا اذا وجد مرخصاً في الفعل ولا يحمل على ما هو مصطلح في الفقه وهو قسيم للأحكام الأربعة دونه ولكنها معللة بالجفاء عن الوضوء والصلاة فتفيد ان مجرد كونه اعرابياً لا يوجب عدم صلاحيته للإمامة فالأعرابي الذي ليس جافياً لا بأس للصلاة خلفه.فنحن نكمل البحث غدا ان شاء الله

 


[1] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص325، أبواب صلاة الجماعة، باب15، ح5، ط آل البيت.
[2] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص325، أبواب صلاة الجماعة، باب15، ح6، ط آل البيت.
[3] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص322، أبواب صلاة الجماعة، باب14، ح6، ط آل البيت.
[4] موسوعة الامام الخوئي، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج17، ص377.
[5] مستدرك الوسائل، المحدّث النوري، ج6، ص464.
[6] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص323، أبواب صلاة الجماعة، باب14، ح9، ط آل البيت.