الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

43/11/07

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة /في امامة الاجذم والابرص

 

قال المصنف: (مسألة 11): الأحوط (1) عدم إمامة الأجذم والأبرص، والمحدود‌ بالحدّ الشرعيّ بعد التوبة، والأعرابي إلّا لأمثالهم، بل مطلقاً، وإن كان الأقوى الجواز في الجميع (2) مطلقاً).

کان بحثنا حول هذه المسألة وقد ذكرنا بعض التعليقات عليها واليوم نريد ان نتطلع على ادلة المسألة والعمدة فيها الروايات وهي على طائفتين من المجوزة والمانعة، اما المجوزة:

فمنها: ما رواه مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ بَزِيعٍ عَنْ ظَرِيفِ بْنِ نَاصِحٍ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ‌ الْمَجْذُومِ وَالْأَبْرَصِ- يَؤُمَّانِ الْمُسْلِمِينَ قَالَ نَعَمْ- قُلْتُ هَلْ يَبْتَلِي اللَّهُ بِهِمَا الْمُؤْمِنَ قَالَ نَعَمْ- وَ هَلْ كَتَبَ اللَّهُ الْبَلَاءَ إِلَّا عَلَى الْمُؤْمِنِ.[1]

في سندها: ظريف بن ناصح وثقه النجاشي بقوله: (كان ثقة في حديثه صدوقاً) وفي سنده ثعلبة بن ميمون قال فيه الكشي: (ثقة خير فاضل مقدم معلوم (في نسخة معدود وكلاهما يناسبان المقام الا ان المعدود انسب) في العلماء والفقهاء الأجلة من هذه العصابة) وقال فيه النجاشي: (كان وجهاً في اصحابنا قارياً فقيهاً نحوياً لغوياً راوياً وكان حسن العمل كثير العبادة والزهد) وفي سنده عبد الله بن بريد لم يرد له توثيق، فالسند فيه ضعف لمن روى عن الامام، اما الدلالة فصريحة في الجواز.

ومنها: ما رواه أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَرْقِيُّ فِي الْمَحَاسِنِ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ يَعْنِي ابْنَ أَبِي عُمَيْرٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْعَلَاءِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الْمَجْذُومِ وَ الْأَبْرَصِ مِنَّا- أَ يَؤُمَّانِ الْمُسْلِمِينَ قَالَ نَعَمْ- وَ هَلْ يَبْتَلِي اللَّهُ بِهَذَا إِلَّا الْمُؤْمِنَ- (قَالَ نَعَمْ) وَ هَلْ كُتِبَ الْبَلَاءُ إِلَّا عَلَى الْمُؤْمِنِينَ.[2]

في سنده يعقوب بن يزيد وثقه الكشي والشيخ والنجاشي. ومحمد بن زياد وهو ابن ابي عمير وفيه حسين بن ابي العلاء ورد عن الكشي عند ترجمة البراء بن عازب قال: (إنّ الحسين هذا من اجلاء العظماء من اصحابنا) فالسند صحيح لا باس به.

اما الدلالة فهي صريحة في جواز امامة المجذوم والأبرص.

اما الروايات المانعة:

فمنها: ما رواه الشيخ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى عَنْ (أَبِي إِسْحَاقَ) عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ ع قَالَ: لَا يُصَلِّي بِالنَّاسِ مَنْ فِي وَجْهِهِ آثَارٌ"[3]

في سنده عبد الرحمن بن حماد لم يرد له توثيق وإبراهيم بن عبد الحميد كذلك لم يرد له توثيق فالسند ساقط عن الاعتبار. اما الدلالة فظاهرها ان المراد من الآثار هو الاجذم او اعم منه فنهي عن امامتهم فيها.

ومنها: ما رواه مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّهُ قَالَ: خَمْسَةٌ لَا يَؤُمُّونَ النَّاسَ وَلَا يُصَلُّونَ بِهِمْ صَلَاةً فَرِيضَةً فِي جَمَاعَةٍ- الْأَبْرَصُ وَالْمَجْذُومُ وَوَلَدُ الزِّنَا- وَالْأَعْرَابِيُّ حَتَّى يُهَاجِرَ وَالْمَحْدُودُ"[4] .

اما السند فضعيف لان سند الصدوق الى محمد بن مسلم يمرّ علي بن احمد بن عبد الله بن احمد بن ابي عبد الله عن ابيه عن جده احمد بن ابي عبد الله البرقي. وعلي بن احمد لم يوثق. واما الدلالة فظاهر في عدم الجواز لقوله عليه السلام: "لا يؤمّون الناس ولا يصلون بهم"

ومنها: ما رواه مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ جَمَاعَةٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَيُّوبَ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عُثْمَانَ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: خَمْسَةٌ لَا يَؤُمُّونَ النَّاسَ عَلَى كُلِّ حَالٍ- الْمَجْذُومُ وَالْأَبْرَصُ وَالْمَجْنُونُ- وَوَلَدُ الزِّنَا وَالْأَعْرَابِيُّ.[5]

في السند حسين بن عثمان وهو سواء كان الاحمسي البجلي، او كان بن شريك بن عدي العامري الوحيدي وثّقهما النجاشي، فالسند لا بأس به. والدلالة ظاهرة في عدم الجواز.

6- كليني عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ حَرِيزٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع فِي حَدِيثٍ قَالَ: قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدُكُمْ خَلْفَ الْمَجْذُومِ وَالْأَبْرَصِ- وَالْمَجْنُونِ وَالْمَحْدُودِ وَوَلَدِ الزِّنَا- وَالْأَعْرَابِيُّ لَا يَؤُمُّ الْمُهَاجِرِينَ. [6]

سنده صحيح ودلالته ظاهرة في عدم الجواز.

والجمع بين الطائفتين يقتضي حمل المانعة على التنزيه والقول بالكراهة كما عليه مشهور الفقهاء.

اما ما احتاط المصنف في امامتهما ثم استثنى لأمثالهم لا وجه له لان الروايات لم تميّز في امامة الاجذم والابرص بين كون المأموم مثلهم او كونه سليماً بل هي مطلقة فلعل التفريق الذي ورد في كلام المصنف بين امثالهم و غير الامثال، كان لرعاية رأي من يرى جواز اقتداء من دون الامام على امام مثله او زائدا عليه ولكن على هذا الوجه أيضا لا ينسجم هذا التفريق، لأنّ القائل بجواز اقتداء من عليه نقص بمن هو مثله او اقل نقصا منه، انما يكون بلحاظ عيوب تمنع من إتيان الصلاة بجميع افعالها او اذكارها ولكن البرص والجذام لا دخل لهما على ما يتعلق بالصلاة من ناحية الأفعال والاذكار و سائر المقارنات التي تتعلق بالصلاة كطهارة البدن او الثياب او خصوصيات ساتر البدن من كونه من أجزاء حيوانات وامثال ذلك. نعم في المحدود والاعرابي يتصور الفرق بين الواجد والفاقد.

فبقي علينا البحث حول المحدود والأعرابي وسنتناولهما بالبحث في الأيام القادمة ان شاء الله.


[1] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص323، أبواب صلاة الجماعة، باب15، ح1، ط آل البيت.
[2] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص324، أبواب صلاة الجماعة، باب14، ح4، ط آل البيت.
[3] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص324، أبواب صلاة الجماعة، باب14، ح2، ط آل البيت.
[4] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص324، أبواب صلاة الجماعة، باب15، ح3، ط آل البيت.
[5] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص325، أبواب صلاة الجماعة، باب15، ح5، ط آل البيت.
[6] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص325، أبواب صلاة الجماعة، باب25، ح6، ط آل البيت.