الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

43/11/04

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة /في امامة المجذوم والابرص

 

(مسألة 10): يجوز إمامة غير البالغ لغير البالغ (1).

کان من وجوه الجمع بين الروايات المتعارضة في امامة غير البالغ حمل المانعة على ما إذا لم يبلغ الصبيّ عشر سنين، و المجوّزة على ما إذا بلغها أو كان مراهقاً، و يجعل الشاهد على هذا الجمع موثّقة سماعة المفصّلة بين العشر و ما دونه. ومع وجود هذا الجمع الدلالي تنتفي المعارضة.

قد ردّ على هذا الجمع السيد الخوئي بقوله: (وهذا الكلام أعني الجمع بين الطائفتين لوجود شاهد في البين في حدّ نفسه لا بأس به، لكنّه غير منطبق على المقام، لاستلزامه حمل المطلق وهي الرواية المانعة على الفرد النادر، فانّ الإقتداء بالصبيّ الذي لم يبلغ العشر فرض نادر جدّاً، بل لعلّه لم يتّفق خارجاً، فكيف يمكن حمل المطلق عليه. نعم حمل الروايات المجوّزة على العشر فما زاد سيما المراهق خال عن هذا المحذور، وأمّا حمل المانعة على ما دون العشر كسبع وثمان مثلًا فهو بعيد جدّاً كما عرفت).[1]

أقول: نحن نودّ ان نشير هنا الى نقطتين:

الأولى: بما ان المشهور ذهبوا إلى عدم جواز امامة غير البالغ فصار محاولة الاقتداء من عمره دون العشر نادر جداً، ولكن لو لم يكن هذا الحكم شائع فيما بين الناس لم يكن ببعيد ان يقتدوا بطفل لم يبلغ العشرة إذا وجدوه متقناً في قراءته كما ان كثيراً ما نرى يوكلون الاذان الى أطفال دون العشرة. فلم يكن هذا الامر بطبيعته امر مستغرب حتى يكون حمل الرواية عليه حمل الى امر شاذ.

النقطة الأخرى ان السيد الخوئي قد صحّح غياث بن كلوب بما ورد عن الشيخ في العدة وهو مقال الشيخ فيها: (ان لم يكن من الفرقة المحقة خبر يوافق ذلك ولا يخالفه، ولا يعرف لهم قول فيه، وجب أيضا العمل به، لما روى عن الصادق عليه السلام انه قال: "إذا أنزلت بكم حادثة لا تجدون حكمها فيما روى عنا فانظروا إلى ما رووه عن علي عليه السلام فاعملوا به" ولأجل ما قلناه عملت الطائفة بما رواه حفص بن غياث، وغياث ابن كلوب، ونوح بن دراج، والسكوني، وغيرهم من العامة عن أئمتنا عليهم) [2]

ولكن هل يمكن تصحيح الرجل الذي لم يرد له توثيق في كتب الرجال حتى في الفهرست وهو مؤلف الشيخ نفسه بمجرد قول الشيخ: (عملت الطائفة بما رواه حفص بن غياث وغياث ابن كلوب و...) في مقام بيان عدم اضرار كون الراوي غير امامي اذا كان موثقاً

وهل يمكن أن تقاوم هذه الرواية الوحيدة الناهية تلك الروايات المجوزة الصريحة في الجواز حتى تسقطها؟

فالأقرب الأخذ بتلك الروايات الموثقة وطرح المانعة الا ان قول المشهور اوفق بالاحتياط فنقول بجوازه لغير البالغين واجتناب عن اقتداء البالغين رعاية لقول المشهور.

قال المصنف: (مسألة 11): الأحوط (1) عدم إمامة الأجذم والأبرص، والمحدود‌ بالحدّ الشرعيّ بعد التوبة، والأعرابي إلّا لأمثالهم، بل مطلقاً، وإن كان الأقوى الجواز في الجميع (2) مطلقاً).

تعليقات:

(1) قال البروجردي، الإمام الخميني: (لا يترك). فهما اوجبا الاحتياط في عدم امامة هذه الطوائف الأربعة

وقال الحكيم: (لا يترك في المحدود مطلقاً). ظاهر كلامه انه أجاز امامة غير المحدود وانما اوجب الاحتياط فيه.

(2) قال السيد الخوئي: (لا يترك الاحتياط بترك الائتمام بالمحدود وبالأعرابي). كلامه رضوان الله عليه يفيد جواز امامة الاجذم والابرص بلا شبهة.

في هذه المسألة ذكر السيد اربعة فروع: احتاط بعدم امامة الأجذم والأبرص والمحدود والاعرابي الا لأمثالهم ثم قوى جواز امامتهم للجمي

ونحن سوف نتطلع الى الروايات التي وردت فيها هذه الموضوعات الأربعة المذكورة في مسألتنا ونبحث عن اسنادها ومدى دلالتها في الأيام القادمة ان شاء الله.


[1] موسوعة الامام الخوئي، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج17، ص340.
[2] عدة الأصول، الشيخ الطوسي، ج1، ص149.