الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

43/11/03

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة /في امامة غير البالغ

 

قال المصنف رضوان الله علیه: (مسألة 10): يجوز إمامة غير البالغ لغير البالغ (1).

تعلیقات:

(1) قال آقا ضياء: (بناءً على مانعيّة الفسق و إلّا ففي إمامتهم حتى على الشرعية إشكال خصوصاً على المسقطية و وجه الكلّ ظاهر بمقتضى الأُصول براءةً و اشتغالًا).

وقال الإمام الخميني: (محلّ إشكال بل عدم الجواز لا يخلو من قرب).

وقال السیدالگلپايگاني والشیخ الحائري: (مشكل).

وقال السیدالحكيم: (فيه إشكال).

وقال السیدالخوئي: (فيه إشكال نعم لا بأس بها تمريناً).

قد مر بنا هذا البحث عند ما دخلنا في مطلع مبحث شرائط الامام حيث ذكر السيد شرائط امام الجماعة فذكر البلوغ آول شرط منها فمن یرغب فی تفاصیل البحث فلیراجع الرغم 237 و 237 من بحوثنا وهی کانت فی عشرین من جمادى الثانية وواحدة وعشرون منها.

وهنا نمر على المسألة مرورا عابرا معتمدا على ما قلناه سابقاٌ:

فنقول: ورد في هذه المسألة اربع روايات:

الاولى: موثّقة غياث بن إبراهيم: «لا بأس بالغلام الذي لم يبلغ الحلم أن يؤمّ القوم و أن يؤذّن»[1] .

الثانیة: موثّقة سماعة: «يجوز صدقة الغلام و عتقه، و يؤمّ الناس إذا كان له عشر سنين»[2] .

الثالثة: موثّقة طلحة بن زيد: «لا بأس أن يؤذّن الغلام الذي لم يحتلم و أن يؤمّ»[3] .

فهذه الثلاثة دلت على جواز امامة الطفل المراهق بقرينة لم يبلغ الحلم ولم يحتلم وكان له عشر سنين وإثنين منهما ظاهرتان في جواز اقتداء البالغين بهم ايضاً لظاهر يؤم القوم ويؤم الناس والآخر مطلق فبإطلاقه ظاهر في شمول البالغين.

وهناك بإزائها روايات وهي:

الرابعة: موثقة إسحاق بن عمّار عن جعفر (عليه السلام) عن أبيه: «أنّ علياً (عليه السلام) كان يقول: لا بأس أن يؤذّن الغلام قبل أن يحتلم، و لا يؤمّ حتّى يحتلم، فإن أمّ جازت صلاته و فسدت صلاة من خلفه»[4] .

فهي صريحة في عدم الجواز وبطلان صلاة المأموم فيها. وفي سندها غياث بن كلوب ولم يرد له توثيق في الرجال.

قال في الوسائل بعد ذكر رواية طلحة بن زيد: (أَقُولُ: حَمَلَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ عَلَى كَوْنِ الْغُلَامِ قَدْ بَلَغَ بِالسِّنِّ أَوْ بِالْإِنْبَاتِ وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى إِمَامَتِهِ لِمِثْلِهِ).

أقول هذا الحمل غير ظاهر بل تبرعي مضافاً الى انّ عنوان القوم والناس ظاهرتان في البالغين.

وبعض الفقهاء طرحوا الثلاثة المجوزة بحجة إعراض المشهور عنها في الفتوى وقدّموا الأخيرة المانعة لعمل المشهور بها بعد ما لم يعترفوا بقوة سندها. فجعلوا عمل المشهور بها جابرا لضعف سندها.

والسيد الخوئي بعد ما رفض جبر السند بعمل المشهور ورفض جواز الاعراض عن رواية بإعراض المشهور، اجبر ضعف السند بتوثيق غياث بن كلوب بقوله: (وهو وإن لم يوثّق صريحاً في كتب الرجال ولكن يظهر من مطاوي كلمات الشيخ في العدّة توثيقه).[5]

ثم في مقام الجمع بين الطائفتين جعل التعارض بين هذه الأخيرة والثلاثة السابقة فأسقط كلها عن الاعتبار بالمعارضة وبعد قصور اليد عن الروايات تمسك بقاعدة اصالة عدم الصحة في العبادات بانها توقيفية فما لم يثبت لها دليل معتبر الأصل فيها عدم الصحة. كذلك استند على اصالة الاشتغال فيما يشك في اجزاءه عن الواجب فوافق المشهور على عدم جواز امامة غير البالغ مطلقاً.

وللبحث تتمة نتعرض لها غدا ان شاء الله.

 


[1] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص321، أبواب صلاة الجماعة، باب14، ح3، ط آل البيت.
[2] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص322، أبواب صلاة الجماعة، باب14، ح5، ط آل البيت.
[3] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص323، أبواب صلاة الجماعة، باب14، ح6، ط آل البيت.
[4] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص322، أبواب صلاة الجماعة، باب14، ح7، ط آل البيت.
[5] موسوعة الامام الخوئي، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج17، ص339.