الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

43/10/26

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة /حكم امامة متيمم وذي الحيرة و....

 

(مسألة 2): لا بأس بإمامة المتيمّم للمتوضّئ و ذي الجبيرة لغيره، ومستصحب النجاسة من جهة العذر لغيره، بل الظاهر جواز إمامة المسلوس والمبطون لغيرهما فضلًا عن مثلهما، وكذا إمامة المستحاضة للطاهرة)

قد فرغنا في الجلسة السابقة عن البحث في الفرع الأول من هذه المسألة وهو جواز امامة المتيمم للمتوضئ واليوم نريد ان نتناول الفرع الثاني وهو امامة ذي الجبيرة لغيره والفروع التي تليها، فنقول:

قال العلامة في التذكرة: (يجوز للطاهر أن يأتمّ بالمستحاضة؛ لأنّها متطهّرة؛ فأشبهت المتيمّم. ويصحّ ائتمام الصحيح بصاحب السلس؛ لأنّه متطهّر، والحدث الموجود غير مانع كالمتيمّم، ويجوز ائتمام الطاهر بمن على بدنه أو ثوبه نجاسة؛ لأنّه كالمتيمّم). [1] .

واستدل السيّد الحكيم رحمه الله في «المستمسك» على جواز إمامة ذي الجبيرة لغيره بذيل صحيح جميل المتقدّم حيث علل فيها لجواز الائتمام المتيمم للمتوضئ بقوله عليه السلام: «فإنّ اللّٰه جعل التراب طهوراً[2] » [3] .

وقال السيد الخوئي: (أنّ الاختلاف بين الناقص والكامل إن كان في الشرائط كإمامة المتيمّم للمتوضّئ، أو ذي الجبيرة لغيره أو مستصحب النجاسة في ثوبه أو بدنه من جهة العذر لغيره، أو المسلوس والمبطون لغيرهما، أو المستحاضة حتّى الكبيرة مع العمل بوظيفتها للطاهرة ففي جميع ذلك يصحّ الائتمام، لصحّة صلاة الإمام واقعاً، وعدم الإخلال بالمتابعة في الأفعال بعد الاتّحاد في الهيئة الصلاتية). [4]

قال الامام الخميني في تعليقه على هذه المسألة: (الاقتداء بالمعذور في غير إمامة القاعد للقاعد والمتيمّم للمتوضّئ وذي الجبيرة لغيره مشكل، لا يُترك الاحتياط بتركه وإن كانت إمامة المعذور لمثله أو لمن هو متأخّر عنه رتبةً كالقاعد للمضطجع لا يخلو من وجه‌) [5]

هنا نلفت النظر الى وجه الشرعي لكل من هذه الفروع فنقول:

كما بينا في البحث الماضي بان الجماعة بالنسبة الى أفعال الصلاة مستلزم لمتابعة المأموم للإمام فلا يجوز اقتداء السليم القادر لإتيان جميع أفعال الصلاة الواجبة بمن عجز عن بعضها لأنّه يستلزم اما ترك المتابعة واما ترك بعض ما يجب عليه وكلاهما مخلّ بصحة الصلاة او الجماعة، حتى بالنسبة الى امامة القاعد للقاعد لم تتم دلالة الروايات على جوازها لان كل تلك الروايات كان موضوعها لمن في السفينة او مع قوم سلب عنهم الصوص ثيابهم او غرق ثيابه في الماء وكلها ظروف لم يكونوا متمكنين من امام واجد للشرائط فلا يمكن تعميم الجواز بصورة الوجدان،

اما في غير الأفعال لا يجب المتابعة بل إنّما صحة الجماعة موقوف على صحة صلاة الامام واقعاً فالروايات التي دلت بان التراب أحد الطهورين والتيمم طهور خصوصاً ورد بلسان التعليل تفيد كلما كان جابرا وبديلا لبعض الشروط للمعذور فصلاته صحيحة معها.

والمسح على الجبيرة في محل الجراحة بدل لغسل المحل فالطهور يحصل بها فصلاته تامة فيجور الاقتداء بإمام وظيفته الجبيرة.

واما مستصحب النجاسة: فالنجاسة مانعة عن صحة الصلاة للمختار والشارع المقدس رفع المانعية عن المضطر كما رفع المانعية عمن لا يدري بالنجاسة سواء في بدنه او ثيابه، والمضطر مثله فصلاته صحيحة لا ضير فيها فيجوز الاقتداء به مادام صلاته صحيحة واقعا.

واما: المسلوس والمبطون فخروج البول او الغائط منهما مبطل لطهارتهما التي هي من الأركان الخمسة التي تعاد الصلاة عند فقدها ولسان الأدلة لا تدل على ان بخروجهما لا تنتقض الطهارة بل انما سامحهم الله كما سامح من لم يقدر على الركوع او السجود بمجرد الايماء ولم يرد دليل على جواز امامتهما فالأصل عدم صحة الجماعة خلف امام فاقد للطهارة.

اما المستحاضة: فما يستفاد من الأدلة انها طاهرة بعد إتيان الغسل والوضوء حتى يخرج منها الدم فعند ذلك تنتقض طهارتها ولذلك بعد الاغتسال يجوز لها الصلاة ودخول المسجد حتى مسجد الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه واله والمضاجعة مع زوجها وكل ما يجوز للطاهر

قال تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾[6] فهذه الآية تدل على انه بعد الغسل يجوز لأزواجهن اتيانهن فما دل على صحة الغسل عن المستحاضة يدل على انها مطهرة بالغسل كما ان الروايات التي تدل على جواز دخولهن في المساجد حتى الحرمين و وجوب الصلاة عليهن و غير ذلك مما لا يجوز على غير المتطهر.دال على ان المستحاضة بعد إتيان الاغسال الموظفة طاهرة.

 


[1] تذكرة الفقهاء، العلامة الحلي، ج4، ص303.
[2] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص327، أبواب صلاة الجماعة، باب17، ح1، ط آل البيت.
[3] مستمسك العروة الوثقى، الحكيم، السيد محسن، ج7، ص326.
[4] موسوعة الامام الخوئي، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج17، ص363.
[5] العروة الوثقى مع تعاليق الإمام الخميني( س)، يزدى، محمد كاظم بن عبد العظيم، ج، ص441.
[6] السورة البقرة، الأية 222.