الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

43/08/03

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة /في اقتداء القاري بالامي في الجماعة

 

کان بحثنا فی الشروط التي لابد من توفرها في امام الجماعة فوصلنا الى لزوم صحة قراءته، حيث قال السيد : (وأن‌ لا يكون من لا يحسن القراءة، بعدم إخراج الحرف من مخرجه أو إبداله بآخر أو حذفه أو نحو ذلك حتّى اللحن في الإعراب، و إن كان لعدم استطاعته غير ذلك).

قلنا أن فی ما اذا کان الاشکال فی قراءة الامام عن عذر قولان: عدم جواز الاقتداء وهو ما عليه المشهور وخلاصة دليلهم عدم اجتزاء قراءة الامام المغلوطة عن المأموم وقد استفيد من كلام الشهيد في المسالك التفصيل في المسألة وهو صحة امامته لمن له نفس الغلط عن عذر وعدم صحة الجماعة اذا كان يختلف محل الغلط او زائدا على مورد الوفاق يكون للإمام اغلاط، والسيد رضوان الله عليه ولو اطلق الكلام هنا ولكن يظهر موافقته للشهيد ومن مال ميلهم في التفصيل حتى ان بعض الفقهاء صرحوا بصحة الجماعة الى ان وصل الامام الى خطأ في قراءته الذي ليس للمأموم هذا الغلط فينفرد عند الغلط ويأتي المأموم بوظيفة المنفرد بعد ذلك

ان صاحب الجواهر ذكر ادلة قول المشهور ثم ناقشها واليك نص كلامه: (لا يجوز أن يكون الإمام أميّاً بمن ليس كذلك بلا خلاف صريح أجده فيه، بل في التذكرة والذكرى وعن الغريّة وإرشاد الجعفرية وظاهر المعتبر الإجماع عليه مع التصريح في جملة منها بعدم الفرق بين الجهرية والإخفاتية في ذلك، وهو العمدة فيه، بعد أصالة عدم سقوط القراءة عن المأموم، لانصراف إطلاق الأدلة إلى غيره، وبعد الكلية المزبورة خصوصا بالنسبة إلى القراءة)،[1]

فهو يذكر ادلة على عدم جواز الاقتداء غير الامي بالإمام الْاُميّ بأدلّة:

اولاً: الجماع واعتبره عمدة الأدلة

وثانياً: أصالة عدم سقوط القراءة عن المأموم أي قاعدة الاشتغال فان الاشتغال اليقينى يستدعي براءة يقينية ومع الاقتداء بالاُميّ لا يحصل له اليقين بأداء ما عليه من القراءة ولا يمكن التمسك بإطلاقات ادلة الجماعة لأنّها منصرفة الى ما كان فيه الامام سليم القراءة.

وثالثاً: الأخبار الآمرة بتقديم الأفضل، ضرورة أفضلية القاري على الاُميّ والامر ظاهر في الوجوب.

رابعاً: ب‌خبر أبي عبيدة واليك نصها: مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ وَ غَيْرِهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ رِئَابٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الْقَوْمِ مِنْ أَصْحَابِنَا- يَجْتَمِعُونَ فَتَحْضُرُ الصَّلَاةُ- فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ تَقَدَّمْ يَا فُلَانُ فَقَالَ- إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَالَ يَتَقَدَّمُ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِلْقُرْآنِ- فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً- فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً فَأَكْبَرُهُمْ سِنّاً- فَإِنْ كَانُوا فِي السِّنِّ سَوَاءً فَلْيَؤُمَّهُمْ أَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ- وَ أَفْقَهُهُمْ فِي الدِّينِ- وَ لَا يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُمُ الرَّجُلَ فِي مَنْزِلِهِ- وَ لَا صَاحِبَ سُلْطَانٍ فِي سُلْطَانِهِ. في سنده سهل بن زياد وهو لم يوثق بل قدح فيه الغضائري وضعفه النجاشي واخرجه احمد بن محمد بن عيسى عن القم وشهد عليه بالغلو والكذب.

ورواه مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ مِثْلَهُ ورواه مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ فِي الْعِلَلِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ أَبِي مَسْرُوقٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ مِثْلَهُ [2] فاجتمع على روايته المحمدون الثلاثة بسندين فسنده قابل للاعتناء دون نصاب الصحة.

وامّا الدلالة فأقصى ما يمكن ان يستدل بها هو الترجيح لا التعيين وعدم جواز غيره.

كما قال صاحب الجواهر أيضا بعد ذكر الخبر: (المساق لبيان الفضل والاستحباب).

ان صاحب الجواهر ولو ناقش في كل من هذه الأدلة ولكنه رضوان الله عليه مال الى عدم الجواز فقال: (على كل حال فلو ائتم حينئذ به القاري وحده أو مع أمي آخر بطلت صلاته قطعا، بل قيل: وصلاة الامام والمأموم الأمي أيضا إذا كان القاري ممن جمع شرائط الإمامة، لوجوب إئتمامه به حينئذ على المشهور بين الأصحاب)[3] ولعل المعتمد الأساسي عنده هو اجماع الاصحاب على عدم جواز الاقتداء القاري بالأمي كما صرح عند استعراض الأدلّة.

أقول: ما عليه المشهور من عدم جواز الاقتداء بالاُميّ هو الأقرب إذا كان المراد بالاُميّ المكلف الجاهل الذي لا يتقن القراءة ويؤيد هذا المعنى مضافاً الى قاعدة الاشتغال و خبر ابي عبيدة، خبر العزرمي واليك نصه: (مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَامِرٍ وَ أَيُّوبَ بْنِ نُوحٍ عَنِ الْعَبَّاسِ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ سُفْيَانَ الْجَرِيرِيِّ عَنِ الْعَرْزَمِيِّ عَنْ أَبِيهِ رَفَعَ الْحَدِيثَ إِلَى النَّبِيِّ ص قَالَ: مَنْ أَمَّ قَوْماً وَ فِيهِمْ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْهُ- لَمْ يَزَلْ أَمْرُهُمْ إِلَى السَّفَالِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.[4] فی سنده سفيان الجريري ذكره النجاشي من دون جرح ولا تعديل ومثله العزرمي هو محمد بن عبيد الله بن ابي سليمان لم يرد له جرح ولا تعديل. فالسند ضعيف كما ان دلالتها على المطلوب خفية جدا حيث ان الامامة في هذا الحديث ظاهر في الحكم لا في صلاة الجماعة.

قَالَ الصدوق مرسلاٌ: قَالَ ع إِنْ سَرَّكُمْ أَنْ تُزَكُّوا صَلَاتَكُمْ فَقَدِّمُوا خِيَارَكُمْ.[5]

وعن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ فِي قُرْبِ الْإِسْنَادِ عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ آبَائِهِ أَنَّ النَّبِيَّ ص قَالَ: إِنَّ أَئِمَّتَكُمْ وَفْدُكُمْ إِلَى اللَّهِ- فَانْظُرُوا مَنْ تُوفِدُونَ فِي دِينِكُمْ وَ صَلَوَاتِكُمْ.[6]

هذه الروايات ولو كانت اسنادها ضعيفة ولكن معانيها مما تكون قياساتها معها فتقديم الأحسن قراءة في الصلاة واضح الرجحان وإذا كانت قراءة الامام باطلة بعذر غير مقبول فعدم صلاحيته للإمامة ليس فيه شك انما الكلام في امامة من اجتمع فيه شروط الامامة الا صحة أداء القراءة لعدم القدرة على الصحيح او لجهله المركب عن عدم الصحة من دون تقصير ففي هذا الفرض أيضا الأقرب عدم جواز الاقتداء به ولا اقل من لزوم الاحتياط. ويمكن إستئناس المناط من ادلة التي تدل على عدم جواز اقتداء القادر على إتيان جميع أفعال الصلاة بالعاجز عن بعضها، فان الصلاة هي عبارة عن أفعال واذكار فالنقص في الصلاة أيضاً يتحقق بالنقص في احد الأمرين فتأمل جيداً.


[1] جواهر الكلام، النجفي الجواهري، الشيخ محمد حسن، ج13، ص331.
[2] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص351، أبواب صلاة الجماعة، باب28، ح1، ط آل البيت.
[3] جواهر الكلام، النجفي الجواهري، الشيخ محمد حسن، ج13، ص332.
[4] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص346، أبواب صلاة الجماعة، باب26، ح1، ط آل البيت.
[5] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص347، أبواب صلاة الجماعة، باب26، ح3، ط آل البيت.
[6] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص347، أبواب صلاة الجماعة، باب26، ح4، ط آل البيت.