الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

43/07/21

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة /اقتداء القائم بالجالس

قال المصنف: (فصل في شرائط إمام الجماعة يشترط فيه أُمور: البلوغ، والعقل، والإيمان، والعدالة، وأن‌ لا يكون ابن زنا، والذكورة إذا كان المأمومون أو بعضهم رجالًا، وأن لا يكون قاعداً للقائمين، ولا مضطجعاً للقاعدين (1)، و لا من لا يحسن القراءة (2) بعدم إخراج الحرف من مخرجه أو إبداله بآخر أو حذفه أو نحو ذلك حتّى اللحن في الإعراب، و إن كان لعدم استطاعته غير ذلك) (3).

تعلیقات:

(1) الأحوط ترك الاقتداء بالمعذور إلّا بالمتيمّم وبذي الجبيرة وبالقاعد إن كان المأموم غير قائم. (الگلپايگاني).

على الأحوط فيه وفيما بعده. (الخوانساري)

(2) في العاشر إشكال لمكان سين بلال فيتعدّى الى غيره بالمناط. (آقا ضياء)

على الأحوط. (الحكيم).

(3) على تفصيل يأتي. (آل ياسين).

في الاقتداء بالمعذور في غير المتيمّم وذي الجبيرة والقاعد للقاعد إشكال فلا يترك الاحتياط. (الحائري).

بعد ما أكملنا البحث في ستة شروط نأتي الى الشرط السابع: الذي ذكره المصنف للإمام: (أن لايكون قاعداً للقائمين)

قال فی الجواهر: (و كذا يعتبر في الامام أن لا يكون قاعدا بقائم على المشهور بين أصحابنا، بل لم ينقل فيه خلافا من كانت عادته ذلك، بل في الخلاف و التذكرة و كشف الالتباس و المفاتيح و ظاهر المنتهى و عن الغنية و السرائر و ظاهر إرشاد الجعفرية الإجماع عليه)،

ثم استدل على عدم الجواز بامور:

الاول: للأصل، ولعل مراده من الاصل ان صلاة الجماعة من العبادات التوقیفیة فما شككنا في صحته الأصل فيه الفساد فما هو متيقن اذا كان الامام سليما قادرا على إتيان جميع أجزاء الصلاة فما زاد عن ذلك الأصل عدم مشروعيته.

الثانی: تبادر غيره من الإطلاقات ای اطلاقات صلاة الجماعة تتبادر منها الصلاة التامة الأجزاء والشرائط ولا تشمل ما اذا كان الامام غير قادر على القيام.

ويمكن القول: بان الوجه في ذلك ان الإيتمام يتحقق بمتابعة المأموم للإمام وإذا كان الامام قاعداً فان أراد المأموم يتابعه في قعوده لم يأت بواجب القيام في صلاته وان أراد ان يأتي بواجب القيام لم يأت بواجب المتابعة فلا يمكن للمأموم ان يجمع بين الاقتداء وإتيان الصلاة جامع الأجزاء ولو ان صلاة الامام قاعدا صحيح لعذره عن القيام ولكن المأموم قادر على القيام فلا عذر له. هذا على حسب القياس. مضافا الى ذلك هناك روايات تؤيده المعنى:

منها: موثقة سكوني: واليك نصها:

مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّوْفَلِيِّ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قَالَ أَمِيرُالْمُؤْمِنِينَ ع لَا يَؤُمُّ الْمُقَيَّدُ الْمُطْلَقِينَ وَلَا صَاحِبُ الْفَالِجِ الْأَصِحَّاءَ- وَلَا صَاحِبُ التَّيَمُّمِ الْمُتَوَضِّئِينَ الْحَدِيثَ. مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ مِثْلَهُ وَ‌ رَوَاهُ الصَّدُوقُ مُرْسَلًا إِلَى قَوْلِهِ الْأَصِحَّاءَ[1] .

سندها موثقة لكون السكوني عامي المذهب وقد وثقه النجاشي

منها: وَبِإِسْنَادِهِ -الشيخ- عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى عَنْ بُنَانِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ الْمُغِيرَةِ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ ع فِي حَدِيثٍ قَالَ: لَا يَؤُمُّ صَاحِبُ الْفَالِجِ الْأَصِحَّاءَ.[2]

في سنده بنان بن محمد قال النجاشي فيه: كان فاضلاً خيّراً وابن مغيرة هو عبد الله بن مغيرة من الاجلاء كان واقفيا فاستبصر قال النجاشي فيه: (أبو محمد البجلي مولى جندب بن عبد الله بن سفين العلقي كوفي ثقة ثقة لا يعدل به أحد من جلالته ودينه وورعه) دلالتها لا بأس بها لان الفالج عادة لا يستطيع القيام.

وَبِإِسْنَادِهِ -الشيخ-عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ‌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ غِيَاثٍ عَنْ صَاعِدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ ع فِي حَدِيثٍ لَا يَؤُمُّ الْمُقَيَّدُ الْمُطْلَقِينَ.[3]

و إمكان دعوى استفادة اعتبار عدم نقصان صلاة الإمام نفسها عن صلاة المأموم من استقراء الأدلة، و‌النبوي المروي بين العامة و الخاصة أنه قال (صلى اللّٰه عليه و آله) بعد أن صلى بهم جالسا في مرضه: «لا يؤمن أحد بعدي جالسا» [4] ‌ فهذه الأدلة تدل على عدم جواز اقداء القائ بالجالس الي لا يقدر على القيام.

ولكن صاب الوسائل عنون الباب بقوله: «25باب كراهة إمامة الجالس القيام، و جواز العكس» فهو ذهب الى كراهة اقتدا القائم بالجالس ولكن صاحب الجواهر يعترض عليه ويقول: (لعله لإطلاق الأدلة مع ضعف الخبرين عن إفادة التحريم، بل الثاني منهما مع عدم صراحته في المطلوب مشعر بالكراهية، و هو جيد لو لم يكن الخبران معتضدين و منجبرين بما عرفت من الإجماع المحكي إن لم يكن محصلا، بل في الحدائق «من غفلات صاحب الوسائل تفرده بالقول بالكراهة مع إجماع الأصحاب على التحريم، و صراحة الخبر فيه بلا معارض».[5]

 


[1] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص340، أبواب صلاة الجماعة، باب22، ح1، ط آل البيت.
[2] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص340، أبواب صلاة الجماعة، باب22، ح2، ط آل البيت.
[3] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص340، أبواب صلاة الجماعة، باب22، ح3، ط آل البيت.
[4] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص345، أبواب صلاة الجماعة، باب25، ح1، ط آل البيت.
[5] جواهر الكلام، النجفي الجواهري، الشيخ محمد حسن، ج13، ص328.