الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

43/07/20

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة /حكم الاقتداء بمن كان في قراءته اشكال

قال المصنف: (فصل في شرائط إمام الجماعة يشترط فيه أُمور: البلوغ، والعقل، والإيمان، والعدالة، وأن‌ لا يكون ابن زنا، والذكورة إذا كان المأمومون أو بعضهم رجالًا، وأن لا يكون قاعداً للقائمين، ولا مضطجعاً للقاعدين، و لا من لا يحسن القراءة، بعدم إخراج الحرف من مخرجه أو إبداله بآخر أو حذفه أو نحو ذلك حتّى اللحن في الإعراب، و إن كان لعدم استطاعته غير ذلك) (3).

قد بحثنا يوم الماضي حول السابع من الشروط المذكورة لإمام الجماعة وهو (أن لايكون قاعداً للقائمين) ثم ذكر الشرط الثامن وهو (ولا مضطجعاً للقاعدين) وکل ما دل على الشرط السابع صادق للشرط الثامن من الأصل، و تبادر غيره من الإطلاقات، وعدم امكان متابعة المأموم للإمام مع الاحتفاظ بواجبه المقدور له، وما ورد في موثقة سكوني من قوله عليه اسلام: لَا يَؤُمُّ الْمُقَيَّدُ الْمُطْلَقِينَ وَلَا صَاحِبُ الْفَالِجِ الْأَصِحَّاءَ)، و موثقة ابن المغيرة عن سكوني، و رواية عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ ع فِي حَدِيثٍ لَا يَؤُمُّ الْمُقَيَّدُ الْمُطْلَقِينَ، بناءً على ان يكون كل من القيد والفالج بحيث يمنعان عن إتيان الواجب من الأفعال كالقيام والجلوس، و إمكان دعوى استفادة اعتبار عدم نقصان صلاة الإمام نفسها عن صلاة المأموم من استقراء الأدلة، و‌النبوي المروي بين العامة و الخاصة: "أنه قال (صلى اللّٰه عليه و آله) بعد أن صلى بهم جالسا في مرضه: «لا يؤمن أحد بعدي جالسا" بمفهوم الأولوية حيث ان المضطجع اشد ملاكا عن الجالس. فعلى كل حال المضطجع لا يمكن ان يؤم القاعدين ولا القائمين ولعل عدم ذكر المصنف للقائمين لوضوحها بدليل الأولوية.

ثم ذكر آخر شرط من هذه الشروط فقال: (ولا من لا يحسن القراءة، بعدم إخراج الحرف من مخرجه أو إبداله بآخر أو حذفه أو نحو ذلك حتّى اللحن في الإعراب، وإن كان لعدم استطاعته غير ذلك) الظاهر ان قوله لا يحسن القراءة أراد بذلك قراءة الحمد والسورة، لا سائر الاذكار في الصلاة لأنه فيما يأتي عن قرب يفصّل الخطأ في الاذكار بين ما يتحمله الامام وما لا يتحمله.

ثم لابد ان نفصّل بين من كان المكلف مقصّرا في تصحيح قراءته ومن كان قاصرا في التعلّم، لأنه مطمئن بان ما يأتيه هو الصحيح، او انه غير قادر على الأداء الصحيح لإشكال في مخارج حروفه.

اما في فرض تقصيره في التعلم فصلاته باطلة لنفسه فكيف لغيره من المأموم لان قراءته غير مجزي عنه فلا يمكن عن يتحملها عن غيره.

اما في حالتي جهله القصوري او عدم قدرته على أداء الصحيح لإشكال في مخارجه فصلاته صحيحة لنفسه.

أمّا في القراءة فهل يصحّ الاقتداء بمن لا يحسنها إمّا لعدم أداء الحرف من مخرجه، أو لحذفه، أو لإبداله بحرف آخر كمن يبدل الضاد بالزاء في مثل «وَلَا الضّٰالِّينَ» أو الراء بالياء في مثل «الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ» ونحو ذلك؟ هناك رأيان:

الأول: عدم الصحّة كما عليه المشهور، بل ادّعي عليه الإجماع، ويستدل على ذلك بانه:

لا يخلو إمّا أن يجتزئ المأموم بقراءة الإمام، أو يأتي بنفسه بالمقدار الذي لا يحسنه. لا سبيل إلى الأوّل بعد فرض الخلل في قراءة الإمام، وإن كان معذوراً فيه لمكان العجز، إذ العذر لا يستدعي إلّا الاجتزاء بها عن نفسه لا عن المأموم، ومن المعلوم اختصاص أدلّة الضمان بالقراءة الصحيحة، فهي منصرفة عن المقام. واما يأتي المأموم بصحيح ما اتى به الامام بالملحون، وهذا ينافي شرط عدم قراءة المأموم او فقل هذا قراءته ملفقة ولا دليل على صحتها والاصل هو البطلان.

هذا الدليل انما يتم على القول بان دليل التحمّل لا يقتضي سقوط القراءة عن المأموم رأساً، بل مفاده الاجتزاء في مرحلة الامتثال بقراءة الإمام وإيكالها إليه، وكأنّ قراءتَه قراءتُه، فلا بدّ إمّا من الإتيان بها بنفسه بأن يصلّي فرادى، أو ببدله بأن يكِلها إلى الإمام، والمفروض بطلان قراءة الإمام لو صدرت عن المأموم لقدرته على الإتيان بها صحيحة، وإن صحّت عن الإمام العاجز، فوجودها بالإضافة إلى المأموم كالعدم. فلم تتحقّق لا بنفسها ولا ببدلها، فلا يمكن الاجتزاء بقراءة الإمام.

وأمّا الثاني أعني الإتيان بنفسه-: فهو أيضاً غير صحيح، إذ المستفاد من‌ أدلّة الجماعة الملازمة بين صحّتها وبين تحمّل الإمام وإيكال القراءة بتمامها إليه ولم يعهد من الشرع جماعة تجب فيها القراءة كلّاً أو بعضاً على المأموم في الأولتين للإمام، بحيث لا يتحمّل عنه فيهما. ومع الشكّ كان المرجع أصالة عدم المشروعية.

وهناك قول آخر بان حديث ش بلال عند الله س يستفاد منه ان البدل الذي ياتيه المأموم العاجز عن الصحيح هو بمنزلة الصحيح فما دام الصلاة صحيحة عن الامام فالقراءة ساقطة عن المأموم

ونتابع البحث في الجلسة الآتية بإذن الله