الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

43/07/13

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/صلة الجماعة /امامة النساء للنساء

قال المصنف (فصل في شرائط إمام الجماعة يشترط فيه أُمور: البلوغ، والعقل، والإيمان، والعدالة، وأن‌ لا يكون ابن زنا، و الذكورة إذا كان المأمومون أو بعضهم رجالًا....)

اما امامتهن للنساء: فبالنسبة الى صلاة الميت اتفقوا على جوازها ولكن هذا الجواز لا علاقة له بالإمامتها في المكتوبة:

فنقول: امامتها في صلاة الميت لابأس بها أولاً: لأنها ليست من مقولة الصلوات اليومية فرضاً ولا نافلة فلا يشترط فيها الطهارة من الحدث والخبث وليس فيها قراءة ولا ركوع ولا سجود وانما هي تكبير وشهادة ودعاء، ثانياً: ورد نص صحيح صريح في صحة امامة المرأة للنساء في صلاة الميت واليك نصها: ما رواه الصدوق في الفقيه:َ بِإِسْنَادِهِ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: قُلْتُ لَهُ الْمَرْأَةُ تَؤُمُّ النِّسَاءَ- قَالَ لَا إِلَّا عَلَى الْمَيِّتِ- إِذَا لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَوْلَى مِنْهَا- تَقُومُ وَسَطَهُنَّ مَعَهُنَّ فِي الصَّفِّ فَتُكَبِّرُ وَ يُكَبِّرْنَ. وَرَوَاهُ الشَّيْخُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْعُودٍ الْعَيَّاشِيِّ عَنِ الْعَبَّاسِ «نسخة ابي العباس» بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ حَرِيزٍ عَنْ زُرَارَةَ مِثْلَهُ.[1]

سند الصدوق الى زرارة صحيح فلا كلام في صحة امامتها للنساء في صلاة الميت.

كما افتى بذلك المرحوم المصنف في مسألة 9 من بحث صلاة الميت حيث قال: (إذا كان الوليّ امرأة، يجوز لها المباشرة؛ من غير فرق بين أن يكون الميّت رجلًا أو امرأة؛ ويجوز لها الإذن للغير كالرجل، من غير فرق). وكذا في مسألة 14: قال: (يجوز أن تؤمّ المرأة جماعة النساء)،

واما امامتها في سائر الصلوات فبعد الاتفاق على عدم صحتها للرجال، اختلفوا في جواز امامتها للنساء على اقوال:

فمنهم: من ذهب الى صحة امامتها للنساء مع الكراهة بمعنى أقليّة الثواب.

ومنهم: من ذهب الى عدم جواز امامتهن في الفرائض وجوازها في النوافل التي تجوز فيها الجماعة كصلاة الاستسقاء والصلوات المعادة.

ومنهم: من قال بجواز امامتهن للنساء فيما لا يجب فيها الجماعة كالفرائض اليومية ولا يجوز في الصلوات التي تجب فيها الجماعة كصلاة الجمعة، فلابد من مراجعة النصوص الشرعية كي نرى مدى دلالتها:

ويستدلّ لقول المشهور وهي جواز امامتهن للنساء بطائفة من الأخبار:

.1- منها: موثّقة سماعة «وما رواه الشيخ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى عَنْ سَمَاعَةَ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الْمَرْأَةِ- تَؤُمُّ النِّسَاءَ فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ"[2]

في السند سماعة وهو واقفي وثقه النجاشي، واما الدلالة فنفي البأس عن امامة المرأة في الصلاة يعني جوازها فلا اشكال في حجيتها.

.2- منها مرسلة ابن بكير: «روى الشيخ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي حَدِيثٍ فِي الْمَرْأَةِ تَؤُمُّ النِّسَاءَ؟ قَالَ: نَعَمْ تَقُومُ وَسَطاً بَيْنَهُنَّ وَلَا تَتَقَدَّمُهُنَّ" [3]

اما السند فعلي بن فضال وابن بكير فطحيّان موثقان وانما المشكلة في الإرسال الأخير واما الدلالة فتامة لما نريد، فيفيدنا للتأييد.

.3- ومنها خبر الصيقل: روى الصدوق بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ الصَّيْقَلِ قَالَ: سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع كَيْفَ تُصَلِّي النِّسَاءُ عَلَى الْجَنَائِزِ؟ إِلَى أَنْ قَالَ: فَفِي صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ، أَ يَؤُمُّ بَعْضُهُنَّ بَعْضاً؟ قَالَ: نَعَمْ»[4] اما سند الصدوق الى حسن بن زياد الصيقل لا بأس به، الّا انه لم يرد له توثيق. ولكن دلالتها على المراد تامّة حيث انه يسأل عن جواز الاقتداء بعضهن ببعض والإمام عليه السلام يجيب بنعم.

.4- ومنها: صحيحة علي بن جعفر: وهي ما رواها الشيخ عن احمد بن محمد عَنْ مُوسَى بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِيهِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الْمَرْأَةِ تَؤُمُّ النِّسَاءَ مَا حَدُّ رَفْعِ صَوْتِهَا بِالْقِرَاءَةِ أَوِ التَّكْبِيرِ- قَالَ قَدْرُ مَا تَسْمَعُ. [5]

.5- صحيحة علي بن جعفر: وهي ما رواها عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ فِي قُرْبِ الْإِسْنَادِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ جَدِّهِ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِيهِ مِثْلَهُ وَزَادَ قَالَ: وَسَأَلْتُهُ عَنِ النِّسَاءِ هَلْ عَلَيْهِنَّ الْجَهْرُ بِالْقِرَاءَةِ- فِي الْفَرِيضَةِ؟ «في المصدر: والنافلة» قَالَ: لَا، إِلَّا أَنْ تَكُونَ امْرَأَةٌ تَؤُمُّ النِّسَاءَ- فَتَجْهَرُ بِقَدْرِ مَا تَسْمَعُ قِرَاءَتَهَا. [6] تفيد ان أصل الامامة مفروغة عنها فعيّن عليه السلام مقدار جواز رفع صوتها بالقراءة.

.6- منها: صحيحة علي بن يقطين رواها: مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ‌عِيسَى الْعُبَيْدِيِّ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ يَقْطِينٍ عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ يَقْطِينٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْمَاضِي ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الْمَرْأَةِ تَؤُمُّ النِّسَاءَ مَا حَدُّ رَفْعِ صَوْتِهَا- بِالْقِرَاءَةِ وَالتَّكْبِيرِ فَقَالَ بِقَدْرِ مَا تَسْمَعُ.[7]

سندها صحيح ودلالتها تقرير الامام لصحة امامتها وتعيين حد لصوتها بعد الفراغ عن صحتها.

الى هنا ذكرنا موثقة وصحاح دلت على جواز امامة المرأة للنساء وهي مستند المشهور في رأيهم بالجواز وهناك روايات أخرى استندوا اليها للرأي المخالف ننظر اليها في مباحثنا اللاحقة كي نرى ما هو المستخلص للنصوص لإمامة النساء للنساء.

 


[1] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص334، أبواب صلاة الجماعة، باب20، ح3، ط آل البيت.
[2] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص336، أبواب صلاة الجماعة، باب20، ح11، ط آل البيت.
[3] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص336، أبواب صلاة الجماعة، باب20، ح10، ط آل البيت.
[4] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص334، أبواب صلاة الجماعة، باب20، ح2، ط آل البيت.
[5] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج6، ص95، أبواب القراءة في الصلاة، باب31، ح2، ط آل البيت.
[6] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج6، ص95، أبواب القراءة في الصلاة، باب31، ح3، ط آل البيت.
[7] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج6، ص94، أبواب القراءة، باب31، ح1، ط آل البيت.